لقد فقدت الساحة الثقافية والفكرية طاهر بن عيشة، وفقده أيضا المجاهدون لأنه كان مجاهدا، تميز بإسهاماته الفكرية الثمينة، شرع في الكتابة خلال الثورة التحريرية وحتى قبلها لما كان في تونس، وكان أيضا مديرا لجريدة "الثورة والعمل"، ثم انتقل إلى العمل الإذاعي، وكانت مداخلاته متميزة، وعرف بإلمامه بالتراث الإسلامي في الجزائر أو إفريقيا أو جمهوريات آسيا الصغرى. وتميز أيضا بإسهاماته الشفوية، وكان مقصد المثقفين من كل الدول العربية، فهو صاحب كلمة حق، وما قد يجهله الكثيرون أنه كان مسيرا لجمعية "شباح مكي" المسرحية، وسيكون تراث طاهر بن عيشة على عاتق الأصدقاء وكل من عايشه وهذه دعوة مني لهؤلاء حتى نتعاون على جمع تراثه فهو لم ينشر كل كتاباته، رحمه الله كان صاحب ذوق فني عالي في ميادين الشعر والفن والأدب. وأذكر أن الروائي الراحل طاهر وطار كان لا ينشر أي عمل من أعماله قبل أن يقرأه على مسامع طاهر بن عيشة.. كنت حاضرا في يوم من الأيام عندما قرأ وطار صفحات من روايته "العشق والموت في زمن الحراشي" على مسامع بن عيشة، فقال له "طبق أوراقك هذا ليس عملا جيدا". وبالفعل انتظر طاهر وطار سنوات وأعاد صياغة الرواية لينشرها في وقت لاحق.. لقد كان طاهر بن عيشة يتجاوز الخلافات السياسية والإيديولوجية إلى القيمة الحقيقية للشخص.. لقد كان عين الصواب والصادق في مسعاه وفي أقواله بل كان صادقا مع نفسه ومع الآخرين.