الأرقام "الحمراء" لبنك الجزائر تمهد للعودة إلى الاستدانة أشارت آخر أرقام بنك الجزائر حول الوضعية المالية للجزائر إلى دخول البلاد مرحلة حرجة، بعد أن تجاوز مقدار تآكل الاحتياطات من النقد الأجنبي إلى 32 مليار دولار في الفترة ما بين سبتمبر 2014 وسبتمبر 2015، وهو ما يعيد هواجس العودة إلى المديونية الخارجية مرة أخرى. وحول ذلك يعتقد الخبير المالي أبوبكر سلامي في حديثه ل "البلاد" أن الجزائر لن تجد بديلا عن العودة مجددا للاستدانة بداية 2017 على اقصى تقدير وهذا بفعل إزدياد الضغوط على الموازنة العامة حيث وعلى الرغم من الزيادات الضريبية التي شملها قانون المالية 2016 الا ان ذلك يبقى غير كافي لسد عجز الميزانية ومن شبه المستحيل ان تعوض إرادات الجباية العادية الدور الذي كانت تلعبه الجباية البترولية فيما سبق في تمويلها لميزانيات التسيير والتجهييز التي باتت ترهق كاهل الحكومة في وقت تضيق الهوامش امام الأخيرة يوما بعد يوما في ضل الأنباء السيئة الواردة من بورصات النفط الدولية بعد ان بلغ سعر خام برنت ( خام القياس للبترول الجزائري ) 33 دولار للبرميل في تداولات يوم امس ويجزم الخبير ان القانون الخاص بالسنة المالية 2017 سيكون أشد وطأة من سابقه الخاص بسنة 2016 ذلك ان الضرائب والرسوم واشباه الرسوم هي الخيار الوحيد الذي تبقى للحكومة بعد تقلص الخيارات الاخرى مع صعوبة ان تأتي الخيارات التي تبنتها الحكومة في مجال التصنيع وتنويع الإقتصاد بنتائج على المدى القريب في حين من المستبعد ان تعمد الحكومة إلى فرض ضرائب على المؤسسات في وقت تتبنى فيه الحكومة سياسة لجذب الإستثمارات وبتالي يبقى جيب المواطن الخيار الوحيد لتغذية الخزينة العمومية و حسب ارقام بنك الجزائر فقد بلغت مداخيل الجباية البترولية خلال الفترة من جانفي إلى سبتمبر 1834 مليار دج مقابل 2603.4 مليار دج خلال نفس الفترة من 2014، كما تدهور الرصيد الإجمالي للخزينة ليسجل عجزا بقيمة 1653.6 مليار دج خلال الأشهر التسعة الأولى من 2015 مقابل عجز 789.6 مليار دج خلال نفس الفترة من 2014، وهو ما أثر سلبا على مخزون الاحتياط المالي للخزينة الذي نزل إلى 2913.3 مليار نهاية سبتمبر مقابل 3.521 مليار دج ثلاثة أشهر قبل هذا التاريخ. وكشف تقرير الوضعية المالية والنقدية لتسعة اشهر الأولى من 2015 أن موارد الخزينة تعرضت إلى تآكل كبير حيث فقدت 1972.8 مليار دج بين نهاية سبتمبر 2014 ونهاية سبتمبر 2015 أي بتراجع 40.4 % في 12 شهرا فقط. مقابل ذلك تراجع متوسط سعر الدينار ب 19.57 % مقابل الدولار الأمريكي في الفترة بين جانفي إلى سبتمبر 2015 وب 2.16% مقابل اليورو وبلغ متوسط التضخم السنوي 4.2% إلى غاية سبتمبر 2015 في حين اكد محافظ بنك الجزائر ان نسبة التضخم قد انهت سنة 2015 على وقع نسبة تجاوزت ال5 بالمئة و سجل بنك الجزائر تراجعا على مستوى السيولة الإجمالية للبنوك من 2700 مليار دج نهاية 2014 إلى 1828 مليار دج نهاية سبتمبر 2015، وهي الوتيرة التي تستدعي تدخلا من البنك المركزي لإعادة تمويل البنوك، حسب محافظ بنك الجزائر الذي أكد التوجه نحو إعادة تمويل بعض البنوك خلال السداسي الأول من 2016 لأول مرة منذ سنة 2001 .وعلى الرغم من هذه المعطيات المالية السالبة لا تزال القروض الموجهة للاقتصاد تعرف وتيرة مرتفعة وخلال الأشهر التسعة الأولى من 2015 ارتفعت بواقع 13.35% ووجهت هذه القروض بنسبة 52.45% لصالح القطاع العام ما يعادل 3865.3 مليار دج. كما مثلت القروض المتوسطة والطويلة الأجل ما يعادل 75.1%.