غابت الألوان السياسية من التعديل الحكومي الجزئي الجديد الذي جاء في خضم تفاعلات داخلية سياسية واجتماعية ، فقد غادر عمار غول رئيس حزب تاج وزارة السياحة بعد أزيد من 12 سنة قضاها في حكومات التحالف الرئاسي ثم حكومات عبد المالك سلال ، ثلما غادر عبد القادر خاوة وزير العلاقات مع البرلمان الحكومة على خلفية مطالب الأمين العام للأفلان عمار سعداني بإقالته عقب الخلافات الحادة معه ، مثلما لم يتم تعيين أي وزير يحمل لونا سياسيا ضمن المناصب الشاغرة التي شغلها إطارات بارزون في قطاعاتهم كالمدير العام لمؤسسة سونالغاز نور الدين بوطرفة الذي تم تعيينه على راس وزارة الطاقة خلفا لصالح خبري الذي تعرض لحمة انتقادات بسبب آدائه المتواضع في إدارة القطاع الأكثر حساسية وأهمية في الجزائر. سياسيا و وفق الإعلان الرسمي للتعديل الحكومي ، فإن خليفة ولد خاوة هي نائبة رئيس المجلس الشعبي الوطني و إحدى المواليات للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني ، و هذا يعتبر استمرارا للتوافق السياسي بين حزب الأغلبية والحكومة ، و استمرارا للرؤية السياسية في التعديل الحكومي الجزئي الجديد للأمين العام للأفلان فإن وزير الفلاحة الجديد سبق له و أن شغل أمينا عاما لوزارة الفلاحة ، وهو في رأي سعداني من ضحايا حملة مطاردة الإطارات باعتبار أنه كان يشغل منصب الأمين العام لوزارة الفلاحة خلال الفترة التي أتهم فيها عمار سعداني في قضية القرض الفلاحي ، و اعتبرها سعداني قضية موجهة ضد الرئيس ومحيطه مدافعا عن براءته منها. في تفاصيل الخلفيات السياسية فإن مغادرة عمار غول لوزارة السياحة وللحكومة إجمالا، يعتبر امتدادا لقرار مغادر عمارة بن يونس لنفس الحكومة العام الماضي ، ويفسر خروج غول من الحكومة بالتحضير المسبق للانتخابات التشريعية و المحلية لسنة 2017 ، قبل الولوج في السباق الرئاسي القادم لعام 2019 ، وهما استحقاقان على قدر كبير من الأهمية بالنسبة لسلطة ورجالاتها في الفترة الحالية. و يعتبر التعديل الجزئي جوهريا برغم أنه لم يمس الحقائب السيادية مثل الداخلية والعدل و الخارجية وحتى قطاع التربية الذي يمر بهزة عنيفة ، قد يكون التحضير من أجل إعادة جزءها المسرب قد شفع لبن غبريط على اعتبار أن هناك نية للوزيرة ذاتها في مغادرة القطاع حسب ما أفادت به مصادر موثوقة ل "البلاد" ، لكن قرار الوزير الأول كان الرفض بناء على تعليمات صارمة من رئاسة الجمهورية ، قبل أن يتقرر إخضاع وزارة التربية الوطنية إلى عملية إقالات واسعة النطاق تستهدف مدراء مركزيين و مفتشين بعد الإعلان عن نتائج البكالوريا ، والملاحظ أن الرئيس بوتفليقة حرص على التجانس بين كافة القطاعات من خلال هذا التعديل الجزئي خصوصا بدمج وزارة الأشغال العمومية مع وزارة النقل نظرا للترابط الكبير بينهما ، فضلا عن التجانس في المهام ، حيث يتطلب الظرف الحالي تركيزا كبيرا على تفعيل آداء الوزارت ، في وقت يتسم بالحساسية خصوصا على الجبهة الاجتماعية التي تتأثر بشكل واضح بأي عثرة اقتصادية أو سياسية ، ما يتطلب الحرص على ضرورة السير وفق سياسة حكومية واضحة وموحدة ، وفي الجانب السياسي دائما ، فإن الزج بالحكومة أو قطاعات اقتصادية في جدل سياسي غالبا ما أثر على الأداء العام للحكومة ، حيث استفادت السلطة من التجارب السابقة كما كان عليه الحال مع عمارة بن يونس وقضية تجارة الخمور في وزارة التجارة ، هذه المعطيات أدت إلى إحداث التعديل الجزئي الذي أسقط العوامل السياسية ، كما هو الشأن مع قضية الطاهر خاوة الذي اثار زوبعة حادة داخل الأفلان ونقلها إلى قبة البرلمان والحكومة ، وإجمالا يمكن القول أن التعديل الحكومي سياسيا في جانب منه رغم أنه أقصى الألوان السياسية باستثناء وزارة العلاقة مع البرلمان لخصوصيتها السياسية ، كما أنه كان جوهريا برغم أنه لم يمس وزراء السيادة .