انتقل أول أمس إلى رحمة الله فقيه الجزائر وعالمها الكبير، الشيخ محمد شارف، عن عمر تجاوز القرن بسنتين· مسيرة قضاها الشيخ رحمه الله في خدمة الإسلام ونشر تعاليمه في المجتمع، وشهد الجنازة وزير الشؤون الدينية غلام الله بالإضافة إلى جمع غفير من تلامذة الشيخ ومحبيه، في جو مهيب كسا مقبرة العالية، وشيعه ورثاه رفيق دربه الشيخ الطاهر آيت علجات· ولد الشيخ العلامة محمد شارف عام ,1908 في أسرة مجاهدة معروفة باسم الحوامد بضواحي خميس مليانة بولاية عين الدفلى ويرجع نسبه إلى سلالة الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، حفظ القرآن وأتمه في سن العاشرة، ثم انتقل إلى العاصمة حيث تعرّف على مشايخ أخذ عنهم العلم والفقه· وفي سنة 1936 تحصّل الشيخ على رتبة الإمامة، غير أنه لم يلتحق بمنصبه كإمام، لأن الاستدمار الفرنسي فرض التجنيد الإجباري إبان الحرب العالمية الثانية، فوقع كثير من الشباب تحت الأسر والاحتجاز، وكان الشيخ ضمن هؤلاء الأسرى محتجزا من سنة 1939 إلى سنة .1945مات فقيه الجزائر في بيته بعدما أقعده المرض مختليا في مكتبته يراجع ما أخذ عن شيوخه، لا يفارق لسانه ذكر الله· ورغم أنه بلغ من الكبر عتيا إلا أنه كان يتمتع بذاكرة قوية، وكان هذا ديدنه بشهادة تلامذته من أمثال الشيخ محمد إيدير مشنان الذي حرص على جمع فتاوى شيخه في كتاب أسماه ''فتاوى الشيخ محمد شارف''· رحل عنا فقيه الجزائر وقبله رفيقه الشيخ عبد الرحمن الجيلالي في وقت تحتاج فيه البلاد ويشتاق العباد إلى من ينير دربهم وبصيرتهم، فارقنا الشيخ بعدما أفنى ما يناهز الثمانين سنة في تخريج العلماء والرجال·