تائبون يسلمون خرائط للممرات السرية وأخرى للمناطق المزروعة بالقنابل أسفرت الضربات المتتالية لقوات الجيش الوطني الشعبي، في مناطق كانت تصنف إلى وقت قريب بالساحنة من حيث النشاط الإرهابي، وضعا جديدا من حيث انتشار المجموعات والكتائب المنضوية تحت لواء "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". فبعد الحصائل غير المسبوقة من حيث القضاء وتوقيف العناصر الإرهابية إثر عمليات اشتباك وقصف وتمشيط، جاء الدور على موجة "استسلام" قيادات إرهابية في ولايات شمالية وجنوبية لا زالت تشهد تعزيزات عسكرية لمحاصرة "بقايا الإرهاب". وفي هذا الإطار أكد بيان لوزارة الدفاع الوطني، وصلت نسخة منه ل«البلاد" أن إرهابيا سلم نفسه للسلطات الأمنية في ولاية تمنراست وبحوزته كمية من الذخيرة ومسدس رشاش، ليصل عدد الإرهابيين الذين سلموا أنفسهم في أقل من أسبوع إلى أربعة. وجاء في البيان أنه "في إطار مكافحة الإرهاب ومواصلة للجهود النوعية لقوات الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن، سلم إرهابي نفسه للسلطات الأمنية بإقليم الناحية العسكرية السادسة بتمنراست، وكان بحوزته مسدس رشاش من نوع كلاشينكوف ومخزن ذخيرة مملوء". وارتفع عدد الإرهابيين الذين سلّموا أنفسهم للسلطات العسكرية جنوب البلاد، في ظرف أقل من أسبوع، إلى أربعة إرهابيين، كان بحوزتهم ثلاثة مسدسات رشاشة من نوع كلاشينكوف وبندقية رشاشة من نوع ماس، وكمية من الذخيرة، وجهازا اتصال عن طريق الأقمار الصناعية. وقبله بأسابيع قليلة سلّم أربعة إرهابيين أنفسهم في سكيكدة وبعدها مباشرة أقدم ثلاثة عناصر على تطليق النشاط الإرهابي استجابة لنداءات من عائلاتهم ورغبة في الاستفادة من قانون "المصالحة الوطنية". وكشف مصدر أمني رفيع أن قوات برية وجوية كبيرة تشارك في عملية عسكرية ضخمة لمنع الجماعات الإرهابية من بعث نشاطها أو الفرار نحو مناطق جديدة ومنعها من الحصول على إمدادات بالسلاح والإرهابيين. وتابع المصدر أن العمليات الجارية عبارة عن تكثيف العمل بالمخطط الأمني لمكافحة الإرهاب في مختلف المناطق المهددة بنشاط الجماعات الإرهابية، حيث يتم رفع تعداد القوات التي تنفذ عمليات التمشيط العادية والكمائن الليلية والغارات بالطائرات المروحية، ورفعت القيادة العسكرية تعداد القوات التي تشارك في عمليات مكافحة الإرهاب في المثلث القريب من العاصمة والممتد من منطقة بوسعادةجنوبا إلى تيبازة غربا إلى جيجل في وسكيكدة في الشرق، كما رفع تعداد القوات في مناطق نشاط على الحدود الشرقية مثل تبسة والطارف والوادي وممرات الإمداد بالسلاح التي تمتد من جبال مشونش في الشرق إلى منطقة بوكحيل في الوسط إضافة إلى الحدود مع ليبيا ومالي والنيجر حيث نشرت قيادة الجيش تعزيزات استثنائية لمحاصرة تحركات العناصر الإرهابية التي اضطرت للشروع في تسليم نفسها لتفادي سحقها من طرف الوحدات العسكرية. وتحصلت قوات الجيش من خلال موجة الاستسلام، زيادة على قطع الأسلحة، نسخا من خرائط جغرافية تبين مجال تحركات تنظيم "القاعدة" في الجنوب والكبير وعلى الحدود وفي مناطق منطقة القبائل. ووصفت العمليات الحالية التي تقودها هيئة القوات الخاصة بأنها الأكبر من نوعها منذ الصيف الماضي حيث يعتقد أن قوات الجيش الوطني تحاصر قيادات من الصف الأول. ويقود الهجوم ضباط في الجيش بمساعدة معلومات يوفرها لهم "تائبون" من التنظيم سلّموا أنفسهم إلى السلطات في الفترة الأخيرة. وتتميز العمليات العسكرية التي تشنها منذ أسابيع قوات الجيش، بالتنسيق مع مختلف أسلاك الأمن، بأنها تتم بإشراف مباشر وميداني من طرف قادة النواحي العسكرية وعدد من الجنرالات الذين يتابعون عن قرب سير عمليات التمشيط في تيزي وزو وبجاية وبومرداس والبليدة وتبسةومستغانم وعين الدفلى وجيجل وخنشلة والوادي وأدرار وتمنراست. وكان تنظيم القاعدة قد تلقى ضربات موجعة سقط على إثرها إرهابيون من مسؤولي الكتائب والسرايا خاصة في منطقة القبائل الكبرى وكانت بداية النزيف الحاد قد عرفها "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" سنة 2013، بسبب فقدانها العنصر الثاني فيها من حيث الأهمية. صلاح قاسمي أو"صلاح أبو محمد"، الذي كان مسؤول الدعاية في الجماعة والمتحدث باسمها طيلة سنوات، أوقعت به قوات الجيش في كمين داخل مقهى بمدينة البويرة. وظل الأمن يتعقب أثر قاسمي لسنوات طويلة، بسبب نشاطه المكثف على الأنترنت وكثرة اتصالاته، وكاد يوقع به في مستغانم عام 2008. ومن المؤكد أن الأمن عندما حيده، فقد حرم القاعدة من سلاح قوي يتمثل في الترويج لأعمالها. وأدى اعتقاله إلى حدوث خلخلة في ترتيبات التنظيم الإرهابي، واضطرت قيادته إلى مراجعة كل خططها، خاصة ما تعلق بمواقع انتشارها تفاديا للإيقاع بما بقي من عناصرها الذين يتساقطون تباعا إثر العمليات الضخمة التي أطلقتها وحدات الجيش.