تحييد 145 إرهابيا واسترجاع صواريخ وأسلحة ومتفجّرات قضت قوات الجيش الوطني الشعبي على قيادات من الصفوف الأولى لما يسمى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وتمكنت من إجهاض عدّة مخططات لعمليات استعراضية تستهدف مراكز أمنية ومنشآت حيوية. وكشف تقرير عسكرينشرته وزارة الدفاع الوطني على موقعها الإلكتروني انحسارا لافتا للنشاط الإرهابي خلال سنة 2015 وتراجع الاعتداءات الدموية في المعاقل الرئيسية والتقليدية للإرهاب بينما وسّعت قيادة أركان الجيش حجم عملياتها لتشمل مناطق وممرات سرّية كانت تشكل حلقة التواصل مع بقايا العناصر الناشطة في الجبال وعمق الصحراء. وبلغة الأرقام تمكنت قوات الجيش خلال سنة 2015 ، من القضاء على 109 إرهابي وتوقيف 36 آخرين فضلا عن حجز كمية معتبرة من الأسلحة والذخيرة، من بينها 18 قنطارا من المتفجرات. وتشير حصيلة سنوية لوزارة الدفاع الوطني إلى أن عدد الإرهابيين الذين تمكنت قوات الجيش الوطني الشعبي من القضاء عليهم خلال 2015، قد بلغ 109 إرهابيين علاوة على توقيف 36 آخرين. وتفيد مراجع أمنية رفيعة المستوى بأن وحدات الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن تمكنت من رفع حصيلة مكافحة الإرهاب، حيث سمحت الخطة الأمنية المطبقة خلال السنة الجارية بتنفيذ عمليات نوعية نجحت في القضاء على قيادات بارزة في التنظيمات المسلحة التي ما تزال تنشط في مناطق متفرقة ومعزولة من الوطن. وشمل نشاط مكافحة الإرهاب خلال السنة مناطق ساخنة في منطقة القبائل ومناطق أخرى أهمها بالحدود الجنوبية والشرقية، توجت حسبما جاء في الحصيلة ب "القضاء على عدد هام من الإرهابيين واسترجاع أسلحة معتبرة، لاسيما في كل من الوادي وأدرار وتبسة وبرج باجي مختار". كما تم خلال هذه السنة إلقاء القبض على عدة عناصر دعم للجماعات الإرهابية تم تسليمهم إلى العدالة". ومن أكثر العمليات العكسرية التي وجهت ضد معاقل الإرهاب أهمية، كانت في 19 ماي الماضي، إذ تم القضاء على 22 إرهابيا بجبال البويرة. وجاء ذلك بعد اشتباك مع جماعة إرهابية، وانتهت العملية أيضا باسترجاع ترسانة حربية حقيقية تمثلت في ألغام مضادة للدبابات وأسلحة كلاشنيكوف وقنابل يدوية وكمية كبيرة من الذخيرة. وأوضحت وزارة الدفاع الوطني أنه عثر في مخبئهم بمنطقة غابية، على 11 مسدساً رشاشاً من نوع "كلاشينكوف"، وبندقية رشاشة من نوع "آف آم بي كا" و8 بنادق نصف آلية من نوع "سيمونوف"، وبندقية قناصة وأخرى مضخية وقاذفة قنابل وبندقية صيد مقطوعة الماسورة، ومسدس آلي وكمية كبيرة من الذخيرة". ويذكر الجيش في بعض عملياته التي تضمنتها الحصيلة أن النتائج الإيجابية التي حققها تزيده إصرارا على "مواصلة مطاردة المجموعات الإرهابية والقضاء عليها أينما كانت عبر التراب الوطني". وتحمل العمليات العسكرية التي قادها الجيش ضد معاقل تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" خاصة في منطقة الوسط ومنطقة القبائل، مؤشرات على نهاية وشيكة للجماعة المسلحة التي ظلت لسنوات رقماً أساسياً في المعادلة الأمنية، بالمنطقتين المغاربية والعابرة للساحل. والملاحظ على نشاط مكافحة الإرهاب أن بعض الجيوب التي كان يعتقد أن الجيش وقوات الأمن سيطرت عليها، عادت إلى زرع الرعب مثلما هوالحال في ولاية باتنة التي تم فيها القضاء على عدة إرهابيين. ورغم التدابير الأمنية المشددة المتخذة في ولاية سكيكدة وخنشلة، فإن قوات الجيش فقدت ضابطين في عمليتين منفضلتين لكن ردة الفعل العسكرية أطاحت بحوالي ثلاثة أمراء إرهابيين وعدد من العناصر الدموية. ويرى مراقبون وخبراء في الشأن العسكري بخصوص التطورات الأمنية لسنة 2015 "ليس هناك شك في أن الجيش وجه ضربة قاصمة للإرهابيين، بالقضاء على 109 إرهابي ، وليس هناك شك في أن القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بصدد لفظ أنفاسها الأخيرة، لكن يبقى دائما الحذر مطلوب خشية رد فعل ما بقي من إرهابيين إذ يمكن أن نشهد أعمالاً انتقامية ضد السكان المدنيين سواء في القرى والمداشر أووسط المدن لذلك يبقى النشاط الاستعلاماتي حول الخلايا النائمة أكثر من مطلوب". يشار إلى أن "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ظهرت في جانفي 2007. وقد أطلقها دروكدال على سبيل الولاء لأسامة بن لادن. وكان التنظيم الإرهابي قبل هذا التاريخ يسمى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، التي خرجت في صيف 1998 من رحم "الجماعة الإسلامية المسلحة". وتنوعت الأسلحة التي استخدم بعضها في عمليات إرهابية عرفتها الجزائر خلال العام الحالي بين أسلحة رشاشة وبنادق ومسدسات وذخائر ومخازن رصاص وأسلحة بيضاء شملت السكاكين والخناجر والسيوف. وفي سياق ذي صلة، تمكنت قوات الجيش الوطني الشعبي أيضا من ضبط وحجز عدد كبير من الأسلحة المتمثلة في: 105 أسلحة كلاشنيكوف و21 مسدسا آليا و237 بندقية، و23 مسدس "آف آم بي كا" و8 قاذفات صواريخ و5 قاذفات صواريخ تقليدية الصنع. ويضاف إلى ذلك، كميات معتبرة من الذخيرة بأنواعها و182 قنبلة تقليدية وأكثر من 18 قنطارا من المتفجرات و132 لغما و5 صواريخ. أما فيما يتعلق بمكافحة المخدرات، فقد تمكنت قوات الجيش الوطني الشعبي خلال ذات الفترة من حجز 57168. 2 كلغ من هذه المادة، يضيف ذات المصدر. وعلى صعيد آخر، حجزت قوات الجيش الوطني الشعبي 977 جهاز كشف عن المعادن و1321. 7 غراما من الذهب. أما في إطار مكافحة التهريب، فقد حجز عناصر الجيش الوطني 1079787 لترا من الوقود. استنفار شامل على الحدود وفي السياق ذاته، تُخضع قوات الجيش والحرس الوطني، المنافذ الحدودية لسيطرة محكمة، بما يقطع الطريق أمام أي محاولات تسلّل مسلحين أو عناصر على صلة بتنظيمات "أنصار الشريعة" في ليبيا، أو "كتيبة عقبة بن نافع" في تونس، أو تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، في إطار محاولاتهم تشكيل صلة وصل مع جماعة "جند الخلافة" في الجزائر التي قضت قوات الجيش على ركائزها ولم يعد يظهر لها أي نشاط. وتأتي هذه الإجراءات لمنع تكرار تجربة تنظيم "الجماعة السلفيّة للدعوة والقتال"، الذي كان على تواصل مع تنظيم "القاعدة"، عبر شخص يمني تمكّن من دخول البلاد، وهو ما سمح للتنظيم بمبايعة القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن، والتحوّل إلى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وتبنّي نهج التفجيرات الانتحاريّة التي شهدتها الجزائر. ويبدو أنّ السياق الذي أتاح لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، إعادة تفعيل النشاط الإرهابي، ليس هو نفسه المتوفّر أمام تنظيم "جند الخلافة"، إذ أتاح قانون المصالحة الوطنيّة في الجزائر، للمئات من الإرهابيين بالنزول من الجبال ووضع السلاح. كما سمح للمئات من عناصر شبكات دعم وتمويل الإرهاب بتسليم أنفسهم للاستفادة من تدابير العفوالتي يقرّها القانون. لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الظروف الداخلية المتسمة بحسّ مدني متحفّز إزاء أيّ تطوّرات قد تعيد البلاد إلى مسلسل العنف والإرهاب، والأحكام الأمنيّة المشدّدة، نتيجة التجربة التي استخلصتها قوات الأمن والجيش في مكافحة الإرهاب وتكتيكات المجموعات الإرهابية، لم تترك لتنظيم جند الخلافة أيّ منفذ باتجاه التحوّل إلى تحد أمني حقيقي، ليبقى الإعلان عن وجود التنظيم أشبه بمراهقة تنظيم إرهابي مثلما أبرزته الحصيلة الأمنية في مكافحة الارهاب خلال سنة 2015. ولا تزال قوات الأمن تسجل انتصارات كبيرة ضد العناصر المسلحة حيث تمكنت قوات الجيش مؤخرا من القضاء على عدّة إرهابيين في كمائن متفرقة، ويتزامن ذلك مع الإعلان عن تسليم عدد من العناصر الإرهابية أنفسهم بولاية بومرداس والحديث عن استعداد العشرات من المسلحين لتسليم أنفسهم بعد دخولهم في اتصالات مع السلطات الأمنية، وكان عدد من العناصر الإرهابية التائبة قد وجهوا نداء في المدة الأخيرة إلى المسلحين دعوهم فيه إلى التخلي عن النشاط المسلح والاستفادة من تدابير نصوص ميثاق السلم والمصالحة الوطنية مثلما سجلته الناحية العسكرية الخامسة بقسنطينة. حرب واسعة على شبكات التهريب ضاعفت قوات الجيش المشتركة من نشاطها خلال سنة 2015 على محور الحدود الجنوبية والشرقية التي صارت تشكل مصدر قلق أمنى متزايد، ليس فقط بسبب تدهور الوضع الأمني في دول الجوار، وإنما جراء تطور لافت في نشاط شبكات الجريمة المنظمة وانتشار تجارة السلاح بشكل غير مسبوق وهوما يكشفه عدد الموقوفين من الإرهابيين والمهربين من مختلف الجنسيات وحصيلة المحجوزات المصادرة للأسلحة الثقيلة التي باتت في أيدي تلك الشبكات التي تحاول تحويل الجزائر إلى بؤرة للنشاط الإرهابي من جهة ومنطقة عبور بالنسبة لعصابات الهجرة السرية باتجاه أوروبا من جهة ثانية. واللافت من خلال قراءة سريعة في البيانات المقتضبة لوزارة الدفاع الوطني أن كل العمليات النوعية جاءت في سياق نصب كمائن محكمة للوحدات العسكرية وانتهت بإجهاض عدّه مخططات تجري التحقيقات حول تفاصيلها مع الموقوفين من الإرهابين وعصابات تهريب الأسلحة وشبكات الهجرة غير الشرعية في عدّة مناطق حدودية في الجنوب، وهوترجمة فعلية لفعّالية العمل الاستخباراتي في مواقع شاسعة جغرافيا، لا تكفي الإمكانيات والتجهيزات المادية وحدها للسيطرة عليها. وتكشف الحصائل عن توجه جديد لوحدات الجيش الوطني الشعبي نحو الفعل الاستباقي في مواجهة ظاهرة الإرهاب والتهريب بشكل عام من خلال "الحملات الوقائية" الجارية. وتظهر "كثافة" العمليات المركّزة في ظرف وجيز أن قوات الجيش تكون قد أعدّت العدّة والعتاد ودرست مسبقا التوقيت الذي تتحينه شبكات الجريمة المنظمة من خلال تكثيف التواجد الأمني عبر الشريط الحدودي، بتعزيزات من وحدات الأمن المشتركة والخاضعة لقيادة الجيش الوطني الشعبي، مما سهّل إحباط تسلل جماعات إرهابية وعصابات التهريب. ومع تزايد عدد المهربين الذين سقطوا في يد الجيش، حسب الحصيلة السنوية لوزارة الدفاع ، أكدت العمليات العسكرية الجارية التي أطلقت بأمر من نائب وزير الدفاع الوطني أنها حققت نتائج ميدانية مهمة في جبهتين على الأقل على الحدود مع النيجر التي باتت متنفسا لمهربي السلاح إلى ليبيا، وعلى جبهة الحدود المالية والموريتانية التي يتحرك عبرها المهربون المرتبطون بإقليم أزواد. ويرى متتبعون أن النتائج الكبيرة المحققة على جبهة مكافحة التهريب، في أكثر من مكان بمسالك التهريب في الجنوب، تأتي في إطار عملية عسكرية تم التحضير لها منذ بداية العام الجاري، عن طريق عمليات واسعة لجمع المعلومات حول شبكات التهريب، ويشارك فيها آلاف العسكريين والقوات الأمنية المشتكة لملاحقة جماعات التهريب التي تنشط في الصحراء. وتشمل العمليات ثلاث مناطق صحراوية كبرى، تمتد الأولى في المنطقة الغربية في العرق الغربي الكبير وعرق الشباشب، على الشريط الحدودي مع دولة مالي، أما المنطقة الثانية فهي الشريط الحدودي مع النيجر، أما المنطقة الثالثة، وهي الأكثر نشاطا، فتشمل الشريطين الحدوديين مع النيجر ومع ليبيا. وتنفذ العملية، التي أسفرت عن اعتقال عشرات المشتبه فيهم بممارسة التهريب، باستعمال طائرات مروحية وطائرات استطلاع حديثة وقوات برية وجوية، كما تشمل مسحا جويا للشريط الصحراوي الحدودي مع دول الجوار، وعمليات تمشيط للمسالك الصحراوية بقوات كبيرة.