أصيب العشرات من الطلبة بجروح متفاوتة الخطورة، خلال اشتباكهم مع عناصر قوات مكافحة الشغب بالقرب من رئاسة الجمهورية، التي وصلوها بعد مسيرة حاشدة انطلاقا من شارع العربي بن مهيدي وحتى المرادية. مسيرة أمس شارك فيها آلاف، حيث بدأت الأعداد الأولى من الطلبة تجتمع عند ساحة البريد المركزي التي حاصرها عناصر الأمن بالمتاريس الحديدية. ما دفع الطلبة إلى التراجع والتجمع من جديد بشارع العربي بن مهيدي، حيث سارعت الشرطة إلى وضع حواجز بشرية لمنع خروج المعتصمين والسير باتجاه قصر الحكومة بشارع الدكتور سعدان مثلما كان مخططا له سلفا، ومع محاولة اختراق الحاجز جرت بعض المناوشات الخفيفة، واكتفت الشرطة بالدفع الجسدي وتحاشت استعمال الهراوات في البداية، ونتيجة لتلك الحالة ردد المئات من الطلبة شعارات مناوئة لشرطة مكافحة الشغب ''سي ار اس ديفاج''. كما نال وزير التعليم العالي رشيد حراوبية قسطا وافرا من الشتائم والشعارات المناوئة على غرار ''الطلبة يريدون إسقاط حراوبية''، و''خاوة خاوة زكارة في الوزارة''. وبعد مدة من الملاسنات تمكن الطلبة من اختراق الحواجز البشرية الموضوعة، وساروا باتجاه شارع ديدوش مراد، وفجأة تحولت المسيرة عن مسارها ليتم تحويلها إلى رئاسة الجمهورية، ومر الطلبة بشارع محمد الخامس ومنه إلى كريم بلقاسم، فنهج سويداني بوجمعة، وحتى نهج بكين على بعد أمتار فقط من رئاسة الجمهورية. وكان واضحا أن عناصر الشرطة قد تلقت تعليمات بتفادي منع الطلبة، على الرغم من الحواجز والسدود البشرية العشرة التي نصبت على طول المسيرة السلمية التي لم تسجل فيها أية حوادث تذكر، إلا أنها لم تبق على حالها، فعند الواحدة والنصف وبعد دقائق من وصول الطلبة إلى محيط رئاسة الجمهورية، منعت الشرطة الطلبة من الاقتراب أكثر وجرت احتكاكات تطورت إلى مناوشات وضرب بين الطرفين، أسفرت عن إصابات قدرتها مصادر طلابية ب 50 إصابة أغلبها في الرأس والأرجل. كما أغمي على العديد منهم نتيجة الدافع، وسجلت إصابة 5 أفراد من الشرطة، أحدهم أصيب في العين. وبعد حالة من الهدوء، تعمد بعض المشاركين في المسيرة رشق الشرطة بالحجارة والقطع المعدنية، ليختلط الحابل بالنابل بعد تدخل عناصر مكافحة الشغب التي طاردت الطلبة حتى نهج سويداني بوجمعة. فيما فر آخرون إلى داخل ثانوية الشيخ بوعمامة القريبة، وأسفرت المطاردة البوليسية تلك عن سقوط إصابات في الطلبة أغلبها التواء في الكاحل، ولم يبق في نهج بكين سوى العشرات من الشرطة والآليات المركونة، مع أكوام من الحجارة الملقاة على الأرض، مع خلو النهج من المارة بصورة كلية. ورغم المطاردة تلك، عاود الطلبة التجمع بشارع كريم بلقاسم، للسير مجددا إلى قصر الحكومة، مرددين الأناشيد الوطنية، لكن المسيرة لم يكتب لها الوصول إلى نهايتها، حيث أغلقت الشرطة بالعربات شارع كريم بلقاسم، ليعاود الطلبة السير بشارع محمد الخامس، وتحت أنظار الشرطة التي اكتفت بالمراقبة، حتى وصل الطلبة وساروا من جديد بشارع ديدوش مراد. وعرفت العاصمة إنزالا كثيفا للشرطة على مختلف تشكيلاتها، وذكر مصدر مسؤول من المديرية العامة للأمن الوطني أن العدد الذي تم تسخيره ''كاف'' لتنظيم وتأطير المسيرة. وذكر مصدرنا أن القيادة وجهت تعليمات صارمة لعناصرها، تتعلق بضرورة الرزانة وبرودة الدم وتفادي استعمال القوة، وعدم الرد على الاستفزازات أيا كانت طبيعتها، مع العمل وفق احترافية لاحتواء المسيرة.