وأحزاب تسطو على الثورة دخلت ''ثورة تونس'' التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في الرابع عشر جانفي الماضي شهرها الثالث، في ظل تفريخ غير مسبوق للأحزاب، وانفلات أمني، ومخاوف من تدهور الوضع الاقتصادي. وتشير كل المعطيات إلى أن هذا المشهد بات مفتوحا على كل الاحتمالات، فيما تباينت القراءات السياسية، واختلفت بتنوع مواقع أصحابها ومواقفهم، وتراوحت بين التشاؤم حينا، والتفاؤل الحذر في أحيان كثيرة. وقال أحمد الأينوبلي، الأمين العام لحزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي، إن مسارات الانتقال السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس ''تسير على أسس غير سليمة، ومازالت فيها عناصر الضبابية والخوف من الانزلاق نحو المجهول تلقي بظلالها''، معربا عن اعتقاده أن ''سطو'' عدد من الأحزاب على ''ثورة الشعب'' حوّلت ''مسار الثورة في اتجاه ما يخدم حساباتها و أجندتها ولعل ما حدث في هيئة تحقيق أهداف الثورة أكبر دليل على ما نقول''. ويرى مراقبون أن هذه الهيئة التي تشكلت في أعقاب ''ثورة 14 يناير'' تهيمن عليها أجواء حزبية استقطابية موجهة، ويغلب عليها التفكير والعمل وفق اعتبارات ضيقة، وحسابات ''سياسوية'' مازالت تخضع لاعتبارات ما قبل الثورة وإلى ذهنية الوصاية. وتميّز المشهد في تونس على الصعيد السياسي خلال الأشهر الثلاثة الماضية بتشكيل ثلاث حكومات مؤقتة، أخرها برئاسة السياسي المخضرم الباجي قايد السبسي، وهي حكومة مازالت تكابد في تصريف شؤون البلاد، ومحاولة ''استعادة هيبة الدولة'' التي قال السبسي إنها ستكون أولى أولوياته، إلى جانب معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والحيلولة دون انهياره.ورغم تمكن هذه الحكومة التي مضى على تشكيلها 41 يوما، في كسب ثقة شريحة عريضة من الشعب التونسي، فإنها مازالت مع ذلك تتعرض لانتقادات متنوعة على الصعيد الاجتماعي، لجهة تلبية مطالب الكثير من القطاعات التي لم تتردد في تنفيذ الاعتصامات والإضرابات عن العمل. ولا يكاد يمر يوم دون تسجيل اعتصام هنا، وإضراب هناك، بينما بدت الأوساط السياسية مشغولة بترتيب أوضاعها على وقع تزايد عدد الأحزاب السياسية الذي بلغ لغاية الآن نحو 53 حزبا، والذي يُنتظر أن يرتفع إلى أكثر من 100 حزب سياسي، تنتمي في مجملها إلى أربع عائلات فكرية هي اليسارية والإسلامية والقومية والليبرالية.