أدى رئيس مجلس النواب التونسي، فؤاد المبزع، اليمين الدستوري وكلف الوزير الأول السابق محمد الغنوشي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد استشارة الأحزاب السياسية، فيما تراجعت موجة العنف في الشارع بعد تخلي الرئيس بن علي عن الحكم. فور أداء اليمين الدستوري أدلى الرئيس الجديد بالنيابة بتصريح قصير قال فيه إن المسار السياسي ''لن يستثني أي تونسي''. قد يقصد المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها بعد شهرين، وفقا لأحكام الدستور. غير أن معظم الأحزاب المعارضة للنظام السابق مازالت تحت طائلة الحظر القانوني. وتعتبر المهلة (60 يوما) غير كافية، حسب بعض المعارضين. وكان الرئيس بالنيابة أعلن عن تفويض الغنوشي بتقديم التشكيلة، بعد استشارة الفعاليات السياسية. وقد باشر في المشاورات منذ صبيحة أمس مع ثلاثة أحزاب. فبعد الارتباك الذي طبع الأحداث فور تخلي الرئيس بن على عن مهامه، اجتمع المجلس الدستوري وأقر الشغور النهائي من منصب رئيس الجمهورية. إن الشروط الدستورية توفرت لتولي رئيس مجلس النواب فورا مهام رئيس الدولة بصفة مؤقتة، ويتم إبلاغ هذا الإعلان إلى كل من رئيس مجلس النواب ومجلس المستشارين وينشر في الجريدة الرسمية للجمهورية التونسية. وقال نجيب الشابي، زعيم الحزب التقدمي الديمقراطي، كبرى أحزاب المعارضة التونسية، إن مشاوراته مع الوزير الأول، محمد الغنوشي، أفضت إلى الاتفاق على تأجيل الانتخابات الرئاسية التي يقررها الدستور في أجل 60 يوما وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وقال الشابي في تصريح ل''الخبر'' إن الانتخابات ستجرى في غضون ستة إلى سبعة أشهر بعد تشكيل هيئة للإصلاح السياسي تقوم بمراجعة قانون الانتخابات وقانون الأحزاب وقانون الإعلام، بما يتيح للأحزاب غير المعتمدة الحصول على اعتمادها وإشراكها في العملية السياسية. وأكد أن الأحزاب غير معتمدة كحركة النهضة لن تشارك في الحكومة الجديدة. ومن جانبه قال رئيس حزب التكتل الديمقراطي، مصطفى بن جعفر، في تصريح ل''الخبر''، إن مشاوراته مع الوزير الأول محمد الغنوشي تركزت على تشكيل حكومة وحدة ومسألة مراجعة كل القوانين المتعلقة بالحريات السياسية والإعلامية وتشكيل لجنة لمكافحة الفساد ولجنة لتقصي حقائق التجاوزات التي حدثت خلال الأحداث. مستقبل غامض لحزب بن علي وأحزاب الموالاة ست قوى معتمدة ومحظورة تتقاسم المشهد السياسي في تونس تقف شخصيات المعارضة التونسية البارزة اليوم كبديل يطرح نفسه لنظام بن علي المنهار سريعا، ويأتي في مقدمة هذه الشخصيات نجيب أحمد الشابي، مؤسس الحزب التقدمي الديمقراطي، وهو حزب اشتراكي منفتح على الليبرالية، والشابي الذي فر في السبعينات إلى الجزائر هروبا من نظام بورفيبة، سبق أن ترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2009 ضد بن علي، ويعد أكثر الشخصيات السياسية المعارضة شعبية في تونس. إلى جانبه يظهر في المشهد السياسي في تونس حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحرية الذي يقوده مصطفى بن جعفر، وهو طبيب أشعة متخرج من جامعة فرنسية، إضافة إلى حركة التجديد التي يقودها المعارض أحمد بن براهيم، وهو حزب المعارضة الوحيد الممثل في البرلمان الحالي بنائبين. لكن هذه الشخصيات وبرغم معارضتها الراديكالية لنظام بن علي ومعاناتها من قسوته الشديدة، إلا أنها غلبت الحكمة وفضلت التعامل مع بقايا نظام بن علي والقبول بمسعى إنقاذ تونس من الانفلات السياسي والأمني، تجنبا لحالة الفراغ السياسي. وإذا كانت الأحزاب الثلاثة المذكورة تحوز على الاعتماد، فإن هناك ثلاث قوى سياسية تحظى بالثقل السياسي الكبير في الشارع التونسي لكنها محظورة وغير معتمدة، يأتي في مقدمتها حركة النهضة التي يقودها صادق شورو الذي قضى 20 سنة في السجن وأفرج عنه قبل شهرين، وتعد النهضة أكثر الحركات قدرة على إعادة بناء جسمها السياسي في فترة قصيرة، إضافة إلى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يقوده منصف المرزوقي المنفي في فرنسا من أبرز الفعاليات السياسية، ثم حزب العمال الشيوعي الذي يقوده حمه الهمامي الذي ظل خلال فترة الاحتجاجات الأخيرة في السجن حتى إطلاق سراحه قبل يومين. وإضافة إلى أحزاب المعارضة يضم المشهد السياسي في تونس حزب التجمع الدستوري الحاكم الذي مازالت بقاياه تقاوم لحظة الانهيار السياسي، حيث مازال الوزير الأول محمد الغنوشي متوقعا في صدر الواجهة السياسية ويقود المشاورات السياسية مع الأحزاب والنقابات، كما يتولى فؤاد المبزع بصفته رئيسا للبرلمان الرئاسة المؤقتة للجمهورية. لكن الآلاف من التونسيين الذين تظاهروا في مدينة صفاقس، أمس، طالبوا بحل حزب التجمع الدستوري، ومحاكمة مسؤوليه على منوال حزب البعث في العراق. وتحسب أحزاب سياسية أخرى على ''الموالاة'' لنظام بن علي كحركة الديمقراطيين الاشتراكيين التي تحوز على 14 مقعدا في البرلمان ويقوده محمد موعدة، وحزب الوحدة الشعبية الذي يقوده محمد بوشيحة وحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بقيادة أحمد الاينوبلي والحزب التحرري الاجتماعي بقيادة ثابت منذر وحزب الخضر للتقدم بقيادة أحمد الخماسي، ولا تتمتع هذه الأحزاب بأي وزن سياسي في الساحة. وتظهر في الساحة شخصيات سياسية مستقلة بينها المسرحي فاضل الجعيدي وأمين عام نقابة المحامين السابق بشير صيد والناشط السياسي الصغير ولد أحمد.