يشكّل الحضور الدولي الواسع في افتتاح ''تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية''، أهم نجاح يمكن أن تحققه التظاهرة في ظل الأوضاع التي تشهدها المنطقة العربية التي لا تشجع، حسب رأي كثير من المتتبعين، على إقامة أي نشاط خارجي مهما كانت طبيعته. وقبل انطلاق التظاهرة، تعالت في الأشهر الماضية أصوات تنادي صراحة بتأجيل افتتاح التظاهرة أو حتى إلغائها كون الثورات الشعبية التي اندلعت في دول الجوار، وبعيدا عن الجوار، تشكل ''مقاطعة مسبقة'' أو ''اضطرارية''. غير أن ما حصل هو حضور أكثر من 29 وفدا دبلوماسيا وثقافيا ممثلا لبلدان أعضاء في منظمة ''الإسيسكو''، إلى جانب دول أخرى خارج المنظمة على غرار الصين والهند وإسبانيا والبرتغال والولايات المتحدة. ويقول المشرفون على اللجنة التنظيمية إنهم اضطروا، أمام ''الحشد الدولي الهائل'' الذي أبدى رغبته في المشاركة، إلى تقليص الأسابيع الثقافية المخصصة لكل دولة إلى ثلاثة أيام فقط لاستيعاب كافة المشاركات. ويعني هذا، أن التظاهرة التلمسانية تمكنت من الحصول على سمعة طيبة جدا رغم أن الترويج الإعلامي لها، واجه العديد من الانتقادات من بينها حصر تغطية حفل الافتتاح الدولي على التلفزيون الجزائري، وحرمان مختلف القنوات العربية والأجنبية من ذلك، واكتفاؤها بالصور التي يرسلها التلفزيون. ورغم هذا، يمكن القول إن ''الكرة'' الآن في ملعب وزيرة الثقافة خليدة تومي، ووزير الشؤون الدينية أبو عبد الله غلام الله، من خلال محاولة استثمار عشرات الملتقيات العلمية والفكرية المنظمة في إطار التظاهرة، في إعادة بعث الثقافة الجزائرية في شقيها الإسلامي والحضاري. من ناحية أخرى، يعتقد كثيرون أن ''عاصمة الزيانيين'' تلمسان، أصبحت ولاية محظوظة جدا هذا العام، فبعيدا عن كونها ستصير محجا لعشرات المفكرين والمثقفين من مختلف الأطياف طيلة عام كامل، فإن الأهم هو حجم المشاريع والهياكل الثقافية التي استفادت منها، والتي تعتبر ''سابقة'' في تاريخ الجزائر المستقلة. ونجد هنا مثلا أن ''المدينة المحظوظة'' استفادت من منشآت جديدة وأخرى أعيد ترميمها من بينها ''مسرح الهواء الطلق'' الذي يتسع لأكثر من 2000 شخص، و''القصر الملكي للزيانيين'' الذي أعيد ترميمه، ومتحف فنون وتاريخ تلمسان'' و''قصر الثقافة'' و''متحف فن الخط الإسلامي لسيدي بلحسن'' و''مركز المخطوطات لسيدي بومدين''، و''متحف القطع الوطنية للديانة الإسلامية بالمشور''، وإلى جانب هذين استفادت الولاية أيضا من ترميم 22 معلما من التراث الثقافي، وعشرات المساجد التاريخية والأثرية من بينها المسجد الكبير لتلمسان و''مسجد سيدي براهيم الغريب'' و''مسجد سيدي زايد'' و''مسجد سيدي اليدون'' و''مركب سيدي بومدين''، بالإضافة إلى ترميم عشرات الأفران التقليدية والمواقع التراثية والأثرية.