تشير العديد من المؤشرات إلى أن ''تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية'' التي تفتتحها الوزيرة خليدة تومي دوليا في السادس عشر أفريل القادم، تظاهرة ''سيئة الحظ'' بامتياز، فعشرات الدول العربية التي قالت تومي إنها ستكون حاضرة بقوة، تفكر حاليا في كيفية تجنب زحف الثورات الشعبية إليها، خصوصا تلك التي توصف أنظمتها ب''العتيدة''· وواقع الحال أن بلدانا محددة قد تتراجع عن المشاركة فعلا على غرار اليمن التي تشهد موجة غضب عارمة تطالب برحيل الرئيس علي عبد الله صالح· أما تونس فهي منشغلة بمرحلة ما بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، ونفس الأمر بالنسبة لمصر التي تحاول التخلص من ''آثار العهد البائد'' بعد سقوط نظام مبارك، وكانت ثورة ''شباب ميدان التحرير'' قبلا، قد ألغت معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي ذهب إليه بعض الناشرين الجزائريين للمشاركة· ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لجيراننا في المغرب، خصوصا بعد خروج مظاهرات تطالب بالإصلاح· والأكيد هنا أن ليبيا لن تفكر لمجرد التفكير في المشاركة في ظل ما صار يسمى ب''الحرب الأهلية'' بين الموالين لنظام العقيد معمر القذافي و''الثوار'' المطالبين برحيله، والتي سقط فيها إلى غاية الآن، بحسب تقديرات منظمات حقوقية وطبية، أكثر من 4500 قتيل وآلاف آخرى من الجرحى، مما يعني أن الوضع غير ملائم تماما لأي نشاط ثقافي· وفي الوقت الذي تواصل الثورات الشعبية الزحف باتجاه بلدان أخرى مثل البحرين والسعودية والأردن وغيرها، الأكيد أن العرب الآن منشغلون بكيفية معالجة الأمر بأقصى سرعة ممكنة، ويشكل النشاط الثقافي الخارجي بالنسبة إليهم آخر الاهتمامات·وفي السياق ذاته، تعالت هنا في الجزائر، بعض الأصوات المنادية ب''تأجيل'' تظاهرة ''تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية'' أو حتى إلغائها، كون الوقت غير مناسب تماما، حيث تساءل بعض ''المثقفين'' الجزائريين عبر صفحات ''الفيسبوك''، عن جدوى الاستمرار في التظاهرة والعالم العربي يعيش على صفيح ساخن· ووجد هذا الاتجاه من يدعمه، فهناك نائب من ''البرلمان'' دعا صراحة إلى تأجيل التظاهرة، بينما ردت تومي على ذلك خلال الافتتاح الوطني قائلة إنها ''تحترم ثورات الشعوب'' لكنها لن تؤجل تظاهرة انتظرتها وحضرت لها طويلا·وإن كان موقف الوزيرة تومي يجد ما يبرره، إلا أن واقع الحال يقول عكس ذلك، حيث تكشف بعض التسريبات ''غير المؤكدة''، إلى أن والي تلمسان راسل الوزير الأول أحمد أويحي وطالبه صراحة بتأجيل التظاهرة، فيما ربط أصحاب هذه ''التسريبات'' الأمر بخلاف تاريخي بين وزيرة الثقافة والسيد الوالي، خصوصا أن الرجل لم يحضر أصلا الافتتاح الوطني الذي نظم بمناسبة المولد النبوي الشريف منتصف الشهر الماضي·