واجه مصنعو الدواء الحكومة بالدراسة التي أجرتها هيئة دولية، كشفت أن أسعار الدواء في الجزائر "مخفضة جدا" مقارنة بالعديد من الدول، مطالبين السلطات بإجراء مراجعة وتحييين لهذه الأسعار بشكل يحمي الصناعة الصيدلانية الوطنية، ودعا هؤلاء إلى إعادة النظر في ميكانيزمات التعويض الذي أصبح لا يتلاءم مع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد. وانتقد الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة سياسة الحكومة في مجال تحديد أسعار الأدوية المنتجة محليا، وقال إن التجميد الإداري للأسعار بات يشكّل تهديدا خطيرا على مستقبل الصناعة الصيدلانية في الجزائر، كما أنه سيؤثر في وقت لاحق، لا محالة، على جودة الأدوية وتوفرها، مشيرا إلى أن تطوير الصناعة الصيدلانية بالجزائر يتطلب مراجعة أسعار الأدوية. قدّم، الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة، نتائج الدراسة التي أجرتها الشركة المرجعية الدولية لتوفير المعلومات وإحصائيات أسواق الأدوية الدولية بطلب من الاتحاد، إجابة على الإشكالية المطروحة، هل أسعار الأدوية في الجزائر أغلى من تلك الموجودة في الدول التي تم استخدامها كعنصر مقارنة اعتمدت عليه الدراسة، حيث لجأ الاتحاد إلى هذه الدراسة المقارنة في أعقاب رفض السلطات العمومية لعدة سنوات، مراجعة أسعار الأدوية المصنعة في الجزائر، وحجتها في ذلك أن الأدوية المنتجة محليا تبقى من بين أغلى الأدوية المسوّقة عالميا، غير أن الدراسة خلصت إلى أن أسعار الأدوية بالجزائر على عكس الاعتقاد السائد تحتل أدنى المراتب وبصفة ثابتة. واعترف رئيس الاتحاد عبد الوحيد كرار، في مداخلته، بمناسبة الملتقى المنعقد أمس، بالضغوط التي تواجه الحكومة من أجل الحفاظ على توازن صناديق الضمان الاجتماعي، ومع ذلك يواصل قائلا، فقد اتضح بأن آداء المنتجين المحليين هو الذي سمح بوضع سعر النظام المرجعي الذي مكّن أسعار الأدوية المسوقة في بلادنا من الانخفاض إلى هذا المستوى، ثم عاد ليحذر من أضرار هذا التخفيض على المدى الطويل على صناعة الأدوية الوطنية التي انهار مع مرور الوقت، وهو ما سيكون له انعكاسات سلبية في نهاية المطاف على صناديق الضمان الاجتماعي إذا عادت الحكومة إلى الاعتماد على الاستيراد مجددا. لهذه الأسباب ناشد المتحدث السلطات العمومية بالتدخل واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان الحصول على تسديد ملائم لمنتجات الشركات الصيدلانية الوطنية ومرافقتهم ودعمهم في تطوير هذه الصناعة، مؤكدا أن هذا الهدف لا يتعارض مع سياسة الدولة في توسيع نطاق اقتناء الخدمات الصحية، لكن المحافظة على الأسعار كما هي يمثل خطرا على إمكانات التصدير للمنتوج الصيدلاني الجزائري، حيث أن الدول المستوردة للدواء تشترط دوما على المنتجين تقديم أسعار أقل ب20 بالمائة على الأقل من تلك المعتمدة في الجزائر، ما يعني بوضوح حسب المتحدث أن الأسعار المنخفضة أضحت عقبة رئيسية أمام تحقيق الفرص التي يمكن أن تقدمها الأسواق الخارجية، فضلا عن استحالة الحصول على التكنولوجيا لتصنيع منتجات مبتكرة بسبب ضعف نسبة الأرباح. بهذا الخصوص، دعا كرار إلى إعادة هيكلة نظام الضمان الاجتماعي حتى يصبح مواكبا للوضعية المالية للبلاد والأزمة الاقتصادية حفاظا على هذا المكسب وتفاديا لانهياره. وردّا على هذا الانشغال، قال المدير العام للصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية والعمال غير الإجراء، عاشق يوسف، إلى أن مشكل المنتجين المحليين ليس فقط مع مراجعة أسعار الأدوية رغم أنه مطلب شرعي، وإنما في استراتيجية التسويق التي تعتمد على إعطاء وحدات مجانا بقيمة 300 وحدة لكل 100 وحدة يتم بيعها، وهذا عامل يضر بميزانية هذه الشركات على المدى الطويل، كما أن المنافسة التجارية بين المتعاملين لا يمكن أن تبرر مثل هذه الممارسات. أما بالنسبة لسياسة الدولة في الضمان الاجتماعي، فالوقت حان وفقا للمسؤول ذاته لاستحداث آليات جديدة لتفادي انهيار نظام الضمان الاجتماعي، مقترحا في هذا الصدد تفعيل نظام التعاضديات الاجتماعية وتحسيس العمال والموظفين بضرورة الانخراط في التعاضديات، ما داموا مؤمنين اجتماعيا، وبالتالي فإن هذا الإجراء سيخفف من حجم الأعباء الملقاة على عاتق صناديق الضمان الاجتماعي. كما أبدى عاشق تضامنه مع المتعاملين في قطاع الصيدلة، وذكر بالاسم مجمع صيدال، قائلا إن تحمل الأخير للأسعار المطبقة حاليا، بمثابة انتحار لأنه يهدد وجود المجمع، والشيء نفسه بالنسبة لباقي المتعاملين.