شركاء يطالبون بوضع حد لمافيا تصنيع وتوزيع الدواء..
آمال ياحي - تباشر وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات المصادقة على أزيد من 100 مشروع استثماري خاص في مجال تصنيع الأدوية، بما يسمح بإعطاء نفس جديد للصناعة الدوائية الوطنية بغرض التخلص من مشكل الندرة، فيما يعيد إطلاق هذه المشاريع تساؤلات حول الجدل القائم بخصوص أسعار الأدوية المنتجة محليا، وإذا كانت ستعرف ارتفاعا في المرحلة القادمة. من المرتقب أن تشرع حوالي 90 وحدة إنتاجية تنشط على المستوى الوطني في إطلاق أزيد من 100 مشروع استثماري في مجال صناعة الأدوية محليا بعد استفادتها من الاعتماد المؤقت من قبل الوزارة، في وقت تؤكد فيه الإحصائيات الرسمية أن هذه الوحدات تغطي أكثر من 55 بالمائة من الاحتياجات الوطنية في مجال صناعة الأدوية والأجهزة والمستعملات شبه الطبية. وقد عبر عدد من أصحاب هذه الاستثمارات الجديدة عن أملهم في أن ترى مشاريعهم النور، خاصة بعد استحداث ولأول مرة في تاريخ الجزائر وزارة منتدبة مكلفة بالصناعة الصيدلانية، وهي خطوة وصفوها بالإيجابية والجيدة للمضي قدما بالصناعة الصيدلانية المحلية، وهي آلية حقيقية لتعبيد الطريق نحو الاكتفاء الذاتي في مجال التموين بالأدوية، علما أن هذه المشاريع تتعلق بالدرجة الأولى بإنتاج أدوية لعلاج الأورام السرطانية بعدما سجلت نقصا فادحا في السنتين الأخيرتين، وكذا الأدوية المبتكرة والأدوية البيوتكنولوجية. وبهذا الخصوص، أكد رئيس الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة، عبد الواحد كرار، أن استحداث وزارة الصناعة الصيدلانية كان ضرورة لا بد منها، مرجعا أسباب مشاكل الصناعة الصيدلانية في بلادنا إلى بقائها تحت وصاية وزارة الصحة رغم أنها ترتبط بثلاثة قطاعات وزارية أخرى مهمة هي الصناعة والمالية والضمان الاجتماعي، وهذا الوضع كما قال ساهم في تراجع الصناعة الدوائية وابتكارها لسنوات. وتابع المتحدث في هذا الشأن، أن تخصيص وزارة للصناعة الصيدلانية في النظام الحكومي يؤكد بأن السلطات تعتبر هذه الصناعة قطاعا استثماريا استراتيجيا، وهو مؤشر إيجابي معاكس لتوجه الحكومة في السنوات الماضية، حيث كانت الصناعة الدوائية المحلية لا تغطي سوى نسبة قليلة من الاحتياج المحلي، إضافة إلى صعوبة توسيع أو فتح فروع أخرى لدى المستثمرين في المجال بسبب قوانين الوزارة التي جعلت سوق الدواء تعتمد بشكل كبير على الاستيراد وحقائب الأدوية أو ما يعرف بأدوية "الكابة"، الأمر الذي عرقل إمكانية الترويج للصناعات المحلية من الأدوية. وبعد تنصيب وزارة منتدبة مكلفة بقطاع الصيدلة عادت إلى الواجهة قضية مراجعة أسعار الدواء المصنع محليا، لاسيما وأن الوزير بن باحمد عندما كان يترأس مجلس أخلاقيات مهنة الصيدلة وقع منذ من شهر رفقة تنظيمات فاعلة في قطاع الصيدلة بالجزائر مراسلة رفعت إلى اللجنة الاقتصادية المتعددة القطاعات بخصوص طلب وزارة الصحة خفض أسعار الأدوية إلى مستويات وصفوها ب "غير مقبولة" كونها تهدد بغلق العديد من مصانع الدواء، في وقت لا تزال الحكومة تتخبط في ملف أزمة الندرة. وكان أصحاب الرسالة قد أبدوا استغرابهم لهذا القرار الذي يفتقد إلى أي سند قانوني أو اعتبارات أخرى واضحة تبرر اللجوء إلى هكذا قرار، لا سيما وأن أسعار الأدوية المنتجة محليا ليست حرة وتخضع للتسقيف ومعوضة من قبل الضمان الاجتماعي، كما أنها مسجلة ولم يطرأ أي جديد على سعرها، حيث إنها كانت كلها محل دراسة ونقاش على مستوى اللجنة، فضلا عن اعتراف هيئات دولية بكون أسعار الدواء المنتج في الجزائر الأخفض عالميا. وتشير التقارير التي أعدها اتحاد منتجي الأدوية في الجزائر إلى أن العراقيل التي يتعرض لها مصنعو الدواء بالجزائر، لا سيما في مجال تسعيرة الدواء، دفعت بالكثير من المستثمرين إلى العدول عن مشاريعهم، وحتى العملاق "صيدال" تخلى عن إنتاج عشرات الأدوية بسبب غلاء المواد الأولية في مقابل بقاء الأسعار المعتمدة محليا تراوح مكانها منذ التسعينات، حيث أشار التقرير إلى أن هذه الوضعية إن استمرت ستعمل على تحطيم الصناعة الدوائية في الجزائر وتعمق أزمة الندرة ولن يبقى سوى رفع نسبة الاستيراد إلى أعلى مستوى، وهو أمر مستبعد بالنظر إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد. ومن جانبه، أكد لطفي بن باحمد عندما كان على رأس المجلس الوطني لأخلاقيات مهنة الصيدلة، أن قرار تخفيض أسعار الدواء في الوقت الراهن لا يخدم الصناعة الصيدلانية الوطنية، حيث أوضح أن لجنة الأسعار على مستوى وزارة الصحة تطالب المصنعين الذين يتواجدون بصدد تجديد تسجيل منتجاتهم بتخفيضها بين 30 و50 بالمائة وهذا ما يضع الصناعة الدوائية في خطر، كما أنها ستجعل من الجزائر بلدا مستوردا بامتياز بعد أن قطعت الصناعة المحلية أشواطا متقدمة. واقترح المتحدث تبني سياسة تعاقدية مع المخابر في إطار النصوص التنظيمية لقانون الصحة التي دعا إلى الإفراج عنها في القريب العاجل وقبل حلول شهر جوان 2020، وفق ما ينص عليه التشريع الوطني. كما تحدث بن باحمد، عن افتقاد الجزائر لمعطيات وإحصائيات شفافة في مجال الأدوية والإنتاج والمخزون الدوائي.