لم تسلم الأحياء الشعبية مثلما لم تسلم الأحياء الأثرية التي تزخر بها البلاد من خطر الموت، بفعل الانهيارات في ظاهرة تجاوزت المسؤولين الذين يبحثون عن مشاريع استثمارية مربحة على حساب أرواح آلاف المواطنين الذين أصبحوا عرضة للموت المفاجئ والغبي. ويدفع العديد من الاشخاص حياتهم، ضريبة لانهيار البنايات الهشة، القديمة والمتاكلة، إذ أصبحت الظاهرة كابوسا يهدد قاطني السكنات المتصدعة في العديد من المناطق، خاصة منها الأثرية والأحياء الشعبية، وذلك في ظل تجاهل السلطات الوصية للوضع وغياب تام لأسس الاستيراتيجية الوقائية المحكمة والتي من شأنها سن إجراءات تقنية لدراسة عامة وشاملة للمواقع المأهولة قبل وقوع الكوارث . وتتكاثر المباني المهددة بالانهيار، بشكل كبير وواسع في الأحياء العتيقة، التي يمتد بناؤها إلى الحقبة الكولونيالية على غرار المدنية، بلكور، باب الواد، بولوغين في الجزائر العاصمة وبعض المناطق بقسنطينة، اليزي، تندوف وبشار، التي عاشت العديد من مشاهد الانهيار السكني بسبب قدم البنايات المنتشرة فيها. كما ينجم عن التآكل الملحوظ بفعل طبيعة البناء، في الأحياء الأثرية المتوزعة على ولايات عدة، كتلك المتواجدة في خنشلة، تيبازة والمسيلة وجميلة وتلمسان وقسنطينة، انهيار تام للسكنات المنتشرة بها، حيث اضحت هذه المواقع مطاردة بشبح سقوط المباني، خصوصا في ظل التقلبات الجوية والكوارث الطبيعية، مثلما حدث في أدرار، غرداية وبشار. ووسط تخوفات المواطن الرهيبة من تحول مقر سكنه إلى كومة خراب، تلتزم الجهات المعنية بمعالجة الوضع صمتا حيال الظاهرة، حيث تكتفي في غالب الأحيان بتوجيه المتضررين إلى الشاليهات أو الخيم، ضاربة عرض الحائط، حياة الضحايا الذين دفعوا حياتهم ثمنا لغفلة وتقاعس المسؤولين عن أداء مهامهم بجدية وحيطة وكذا غياب استراتيجية ناجعة تضمن للجزائريين سكنا آمنا يأويهم.