موجة حرب ضد فساد غير مسبوقة تعيش على وقعها المجالس المنتخبة، لم يشهدها قطاع الجماعات المحلية من ذي قبل، استمرارا لحملة تطهير الفساد، التي شملت تقريبا جميع مستويات القرار من رؤوس العصابة أو القوى غير الدستورية سواء الرسمي أو المحيط الضيق ومجال الأعمال نزولا إلى الولاة ورؤساء البلديات. ويواجه أغلب أميار العهدة الانتخابية الحالية في عامها الثالث , تهما ثقيلة , من قبيل تبديد أموال عمومية , تزوير واستعمال المزور في محررات رسمية، إبرام صفقات عمومية مخالفة للتنظيم والتشريع المعمول به . وصنف رؤساء البلديات وولاة الجمهورية ضمن المستوى الرابع في حملة دحر الفساد، الذي يشمل ولاة ورؤساء بلديات ورجال أعمال , اذ شهدت الأيام القليلة الماضية , حبس ما لا يقل عن 25 رئيس بلدية فيما أدين 150 آخرون خضعوا للقانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته والذي يعاقب في المادة 25 من الباب الرابع بعقوبات حبسية تتراوح بين سنتين الى عشر سنوات. وبشيئ من التفصيل ,مست التوقيفات أميار في ولايات الشلف , معسكر , غليزان , المسيلة , سوق أهراس , الطارف ، تلمسان وعين الدفلى واخضاع 14 منتخبا في ثلاث ولايات "الشلف، معسكر ووهران" لنظام الرقابة القضائية , على خلفية تحقيقات حول الفساد وحجز جوازات سفرهم ومنعهم من مغادرة التراب الوطني. كما أفضت التحقيقات الأخيرة لمختلف الأجهزة الأمنية بتوقيف 3 رؤساء بلديات في الشلف، معسكر وعين الدفلى على صلة بمشاريع "مناطق الظل" التي أولاها رئيس الجمهورية أهمية بالغة لتخفيف حدة التوتر الاجتماعي في "المناطق المنسية" . وتشير مصادر مطلعة ، الى أن التحقيقات المتواصلة في اطار ما سمي ب " حملة الدولة ضد الفساد" , طالت ما يقرب عن 25 ولاية، وفق تسريبات حصلت "البلاد" عليها , تؤكد أن أغلب البلديات التي تخضع الى تحقيقات قضائية وأمنية أغلبها ولايات داخلية يتابع فيها رؤساء بلديات ونوابهم ومندوبين محليين ومقاولين وممونين ومستثمرين في قضايا على صلة بتبديد المال العام وتضخيم فواتير تموين وقفة رمضان، سوء استغلال الوظيفة ومنح امتيازات غير مبررة , بالاضافة الى تزوير محررات رسمية وتقليد توقيعات منتخبين وابرام صفقات مخالفة للتشريع . وتلفت المصادر الى أن ولايات غرب البلاد تعد أكبر المناطق التي يلاحق منتخبوها تهما بالفساد وسوء التسيير وصراعات فيما بين المنتخبين على غرار الشلف , التي عاشت قبل أيام حبس رئيس بلدية وادي سلي أغنى بلدية ووضع منتخبين اخرين تحت الرقابة القضائية رفقة مقاول بالاضافة الى وضع 5 رؤساء بلديات مختلفة تحت الرقابة القضائية تتقدمها بلدية عاصمة الولاية التي يديرها حزب الارندي . في ولاية معسكر، تم حبس رئيس بلدية البرج لمتابعته بجنحة سوء استغلال الوظيفة ومنح عمدا للغير امتياز غير مبرر وجنحة تغيير مساحة خضراء مصنفة , فيما يتابع 3 رؤساء بلديات في تحقيقات أمنية تشرف عليها فصلية الأبحاث للدرك يتعلق الأمر ببلدية عاصمة الولاية , المحمدية وسيق . كما تخضع 8 بلديات من أصل 26 بلدية في عاصمة الغرب الجزائري بوهران , لتحقيقات قضائية يتعلق الأمر بعين البية , وهران , بوسفر , بئر الجير , الكرمة , بوتليلس , مرسى الكبير , السانية و أرزيو، وشهدت ولاية وهران في المدة الأخيرة حبس 4 رؤساء بلديات تورطوا في تبديد عقارات الدولة ومصادرة ممتلكاتهم تحفظيا وبلغ الأمر بضبط ممتلكات منقولة لرئيس بلدية بئر الجير التي تعدت 12 مليار سنتيم . أما بالولايت الداخلية الوسطى، فقد حطمت ولاية المسلية , الرقم القياسي، حيث يخضع ما لايقل عن 9 رؤساء بلديات لتحقيقات قضائية، من بين 47 بلدية. وتقول مصادر قضائية أن أغلب التهم التي ستوجه إلى هؤلاء هي الفساد وسوء التسيير , كما نجد نفس الحال في ولاية الجلفة , التي يواجه 11 من رؤساء بلدياتها متاعب قضائية، على غرار بلديات دار الشيوخ، بويرة الأحداب، سلمانة، قطار والشارف التي يتابع رؤساؤها على أساس تبديد المال العام والتزوير. ونجد كذلك بولاية البليدة وجود متابعات قضائية في حق بعض رؤساء البلديات، مثل بلدية أولاد براهيم، البواعيش وأولاد هلال، إلى جانب بعض المنتخبين في كل من بلديات وامري , علاوة على المجلس الشعبي الولائي. بولايات الشرق الجزائري، تحصي المعطيات ذاتها , العديد من البلديات التي تغرق في وحل الفساد كما هو الحال في عنابة , برج بوعريرج , الطارف , قسنطينة , سطيف , باتنة , خنشلة و ميلة . وتبرز التحقيقات في مجملها بأن الفساد الواقع في البلديات هو جزء من منظومة الحكم السابق , التي سمحت لمنتخبين يفقتدون الى مؤهلات علمية ومهنية وخبرة ضرورية في الترشح للرئاسة , ما أدى الى انتشار الفساد وتغول رجال أعمال حولوا البلديات الى "ممالك احتكارية" .