لم تثن الأخبار التي تنقلها وسائل الإعلام المختلفة عن إجهاض حرس السواحل محاولات المهاجرين غير الشرعيين للوصول إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط، ولا القانون الذي يجرم الحرافة من ركوب شباب البحر باتجاه إيطاليا أو إسبانيا، فالمهم عندهم هو الهروب من الجزائر لاعتقاد الكثير منهم أن الدول الأوروبية ستوفر لهم العيش الكريم وراحة البال، غير أن الواقع هو عكس ذلك تماما. رغم أن الألم كان يعصر قلوبنا ونحن نرافق هؤلاء الحرافة في مخططهم، ورغم طلباتنا لهم مرارا بالعدول عن مشروعهم الفاشل من أساسه إلا أنهم أصروا على ذلك ملء عيونهم... نحو المجهول كانت الساعة تشير إلى حدود الخامسة مساء عندما بدأ الشباب ''الحرافة'' في التجمع في ساحة بور سعيد المعروفة ب ''سكوار''، كانت وجوههم شاحبة ومصفرة لعلمهم المسبق ما ينتظرهم في هذه الرحلة، التي هي بمثابة ''السفر إلى المجهول''. كان الشبان في منتهى الحيطة والحذر خوفا من اكتشاف خطتهم، وبالتالي فشل مشروعهم الذي أعدوا له العدة منذ شهور طويلة. أولى التعليمات عن طريق الهاتف النقال كان الشبان في حالة نفسية لا تبعث على الارتياح، اتصالات متتالية مع قائد الرحلة الذي سيتكفل بنقلهم من أحد الشواطئ بولاية عنابة، حرص القائد سمير على ضرورة أن تتم الأمور في سرية تامة لأن الكل مشبوه، ووصول الخبر أو المخطط إلى مصالح الأمن سيكون كفيلا لإجهاض المشروع من أساسه. طلب سمير من الشبان عدم ترك كل الوثائق التي تثبت هوياتهم في بيوتهم أو عند أناس يثقون فيهم، كما طلب من الشباب في شكل تعليمات عدم إخبار أفراد عائلاتهم أو أقاربهم، لئلا يقوموا بإبلاغ مصالح الأمن، ولم يتأخر قائد الرحلة في السؤال عن توفر مبلغ الرحلة من عدمه، فلا مكان لشاب لا يملك مبلغ 70ألف دينار. واصل سمير إعطاء التعليمات عن طريق الهاتف للشبان الذين ناب عنهم نجيب.خ، وهو ابن مدينة في الشرق الجزائري، حيث أخبرهم بضرورة التزود بالمال اللازم من العملة الصعبة، حتى يستعينوا به عند وصولهم إلى جزيرة سردينيا بإيطاليا، فهذا هو الأهم من كل شيء. الانطلاقة من ال''سكوار'' بدأت عقارب الساعة تشير إلى حدود الساعة السادسة مساء، بدأ الشبان في التحرك إلى محطة الحافلة في ساحة بور سعيد، بعد دقائق معدودة توقفت حافلة تابعة للمؤسسة الوطنية للنقل الحضري وشبه الحضري، فتحت أبوابها، سأل الشباب القابض عن وجهتها، أخبرهم القابض بأنها تتجه نحو محطة المسافرين بالخروبة، صعد الشبان وتكفل واحد منهم بدفع ثمن تذاكر الجماعة، لم ينطقوا بكلمة واحدة طوال المسافة الفاصلة بين محطة بور سعيد ومحطة الخروبة، الجميع ساكت، وجوههم الشاحبة تثير العديد من الاستفهامات، لكن من يتجرأ ويسألهم. وصل الشبان ''الحرافة'' إلى المحطة في حدود الساعة السابعة إلا أربعين دقيقة، رن هاتف نجيب، وإذ بالمتصل قائد الرحلة سمير لإعطاء تعليمات جديدة، تمثلت في ضرورة تفرقهم أثناء ركوبهم الحافلة، وليستقل كل شخصين حافلة واحدة، إضافة إلى ألا يجلسا في مقعد واحد، تفهم الشباب ما طلب منهم، فالطريق نحو عنابة ليلا آمنة، وحواجز الأمن والدرك الوطني كثيرة أيضا، وقد يفشل المشروع في أية لحظة. حجز التذاكر... الساعة تشير إلى حدود السابعة مساء، كل واحد من الشبان يقترب من الشباك ليتحصل على تذكرة سفر نحو مدينة عنابة، لا يكلم أحد منهم الآخر، وكأنهم لا يعرفون بعضهم بعضا على الإطلاق، الساعة تشير إلى حدود الثامنة مساء، موعد انطلاق حافلة ''ب'' نحو عنابة، امتطت الدفعة الأولى المكونة من شخصين الحافلة الأولى. دقائق معدودة يأتي الدور على الدفعة الثانية، ثم الدفعة الثالثة، حتى الدفعة الأخيرة التي غادرت في حدود الساعة العاشرة ليلا. الساعة تشير إلى حدود منتصف الليل، بمدينة المهير التابعة لولاية برج بوعريريج، توقفت الحافلة الأولى التي كانت على متنها الدفعة الأولى من الشبان ''الحرافة'' قصد تناول وجبة العشاء وأخذ قسط من الراحة بعد أربع ساعات من السفر. السفر المجهول يفقد شهية ''الحرافة'' ونقطة تفتيش ترعبهم لم تكن شهية الشبان ''الحرافة'' مفتوحة، تناولوا بعض الفواكه والعصير البارد، وعاد كل واحد منهم إلى الحافلة ليواصل نومه في انتظار ''رحلة العمر''. في حدود الواحدة صباحا واصلت الحافلة سيرها نحو عنابة، لا شيء يذكر خلال هذه الرحلة، وصلت الحافلة إلى نقطة مراقبة للدرك الوطني في مخرج بلدية عين تاغروت التابعة لولاية برج بوعريريج، أوقف أحد الدركيين الحافلة وطلب من سائقها ركن الحافلة على يمين الطريق وفتح الأبواب، اقترب من الحافلين دركيان، الأول طلب من القابض أن يفتح أبواب الصناديق التي تحفظ فيها الأمتعة، في حين صعد الدركي الثاني إلى الحافلة لمراقبة وثائق المسافرين، راقب بتمعن وثائق بعض المسافرين، وكانت عيناه تجول داخل الحافلة بنظرات ثاقبة، كاد وقتها الشبان الحرافة ''يموتون خوفا'' من انكشاف أمرهم، لأنهم لا يحملون أي وثيقة تثبت هويتهم. نزل الدركي من الحافلة وتمنى للمسافرين ''سفرا سالما''، طلب من زميله إذا أنهى مراقبة أمتعة المسافرين، حتى يأذن للحافلة بالإقلاع، رد عليه الدركي قائلا ''مازال، ولا خليه يروح''، ... عندها طلب الدركي من السائق بإشارة بيده الانطلاق. تنهد الشباب ''الحرافة ''، بعدما تخطوا هذه اللحظات الصعبة، عاد إلى النوم من جديد في انتظار مفاجآت أخرى. عنابة تستقبل ''الحرافة''.. واصلت الحافلة شق طريقها نحو عنابة، جل المسافرين يغطون في نوم عميق، في وقت كان ''الشبان الحرافة'' يترقبون أي جديد خاصة ما تعلق بالحواجز الأمنية، تمر الساعات ويصل الشبان إلى عنابة على الساعة التاسعة صباحا، السفر كان جد متعب، قواهم منهكة، وحان الوقت لأخذ قسط من الراحة. ذهب الشابان إلى مقهى بالقرب من محطة المسافرين لانتظار أصدقائهما، فلا بد أن يجتمعوا هنا للتزود بآخر التعليمات من قائد الرحلة سمير. الساعة تشير إلى حدود منتصف النهار. يرنّ من جديد هاتف نجيب، إنه القائد سمير ''وصلتم سلامات''، يجيب نجيب: نعم والحمد لله، القائد: الكل هنا في عنابة، يضيف نجيب مرة أخرى ''نعم، ومعنا صديق صحفي لإعداد روبورتاج''، رفع القائد سمير صوته على نجيب وطلب منه عدم اصطحابي إلى موقع انطلاق الرحلة وعدم إطلاعه على مختلف التفاصيل، عندها طلبت منه السماح لي بالحديث إليه، رفض في البداية ثم سمح بذلك بعد إلحاح شديد، وقال لي سنلتقي مساء عند نقطة الانطلاق. وأضاف القائد سمير ''كن راجل''، وبمعنى آخر ألا أبلغ أحدا وخاصة مصالح الأمن بذلك، وعاهدته ألا أفعل. أماكن لاستقبال ''الحرافة'' قبل انطلاق الرحلة عندها واصل القائد سمير في إعطاء التفاصيل الدقيقة هذه المرة، وقال للشبان الحرافة ستكون بعد لحظات قليلة حافلة صغيرة لنقل المسافرين في انتظارهم لتقلهم إلى مكان خاص ليرتاحوا استعدادا لرحلة ''الموت أو الحياة''. وما كاد القائد سمير ينتهي من اتصاله حتى توقفت الحافلة وعلى متنها شخصان أحدهما يسمى يوسف والآخر مليك، كانت لهجتهما عنابية محضة، عندها رحبا بالجماعة أو ما أسموهم ''بالرجالة''، وقال السائق يوسف للشباب، سأنقلكم إلى سيدي سالم، لكن الرجاء ألا تثيروا انتباه مصالح الأمن نحوكم، وصلت الحافلة إلى المكان المتفق عليه، في أحد البيوت التقى الجميع، في بيت مجهز بمختلف وسائل الراحة، حمام ومطبخ به بعض المأكولات، وصالة كبيرة كان بها فراش بنفس عدد الشباب الحرافة، طلب منهم السائق يوسف أن يأخذوا راحتهم، وسيعود إليهم عند الساعة السابعة مساء، رفقة القائد، وطلب منهم أن يلتزموا أماكنهم وألا يطلوا من النوافذ، ذهب وترك داخل البيت مرافقه السابق مليك. استسلم الشباب للنوم العميق، بعدما أخذ كل واحد منهم ''دوشه'' للتخفيف من عياء السفر، تمر الساعات لتستقر عقارب الساعة في حدود السابعة، استيقظ بعض الشبان وأيقظوا البقية، غسل البعض وجوههم، وأحضر الشاب الذي تركه السائق بعض الأكلات الخفيفة. الساعة السابعة بالتمام يدخل يوسف رفقة شاب في مقتبل العمر، قدمه السائق على أنه ''قائد الرحلة سمير'' نحو جزيرة سردينيا، رحب القائد بي أولا، ثم بالشباب، وقال يمازحني، إذا أردت أن ''تحرف'' مثلهم، فسيكون ذلك هدية مني وبلا مقابل... والوصول سيكون أكيدا بإذن الله. التفت القائد سمير بعدها إلى الشباب، وقال بعد ساعتين من الآن سنكون في البحر، وأتمنى أن نكون يدا واحدة ورجلا واحدا، والوصول سيكون أكيدا بإذن الله. وبدأ القائد يجمع ثمن الرحلة من الشباب، وبعدها سجل أسماءهم في ''كناش'' خاص به، وقال لهم لستم وحدكم في هذه الرحلة، هناك آخرون ينتظرون هذه الرحلة، عندها طلب سمير من الشباب إطفاء جميع هواتفهم النقالة... بعدها فتح الجميع دردشة عن الظروف الاجتماعية التي يعيشها الشباب الجزائري، وأجابهم القائد سأرحلهم إلى الخارج جميعهم، ... عندها قال القائد سمير إن وحدات من حراس السواحل أفشلت أمس رحلة مهاجرين غير شرعيين، وأضاف مخاطبا الشبان: تأكدوا أن رحلتكم لن يعترضها أي مشكل، فاطمئنوا.. إلى شواطئ سيدي سالم نظر سمير إلى الساعة فوجدها تشير إلى حدود الثامنة والنصف، طلب من الشباب التجهز للرحلة، نهض الجميع والخوف باد على وجوههم الشاحبة، تنقلوا على متن الحافلة الصغيرة إلى أحد شواطئ سيدي سالم، نزلوا وعادت الحافلة أدراجها، بدأ الشبان أولى خطواتهم بالنزول إلى الشاطئ في جنح الظلام، لا شيء يظهر من بعيد، طلب يوسف من الشبان التزام الصمت إلى غاية ركوب الزورق، وصلت الجماعة إلى مكان التجمع الأخير قبل الانطلاقة، وجدوا في انتظارهم 14شابا من مختلف الأعمار، إضافة إلى شخص آخر كان راكبا داخل الزورق، اتضح فيما بعد أنه القائد البحري، ولا داعي لمعرفة اسمه يقول سمير، في حين أن الذي حسبناه منذ البداية قائد الرحلة لم يكن سوى قائد بري للرحلة، سأل القائد ''البحري'' زميله ''البري'' إن كانت الأمور على ما يرام أجابه بنعم، عندها، سلم القائد البري للشباب الحرافة بطاقات هاتفية خاصة بإيطاليا قصد الاتصال بها بالأهل عند الوصول إلى سردينيا. طلب ''القائد البحري'' من الشباب أمرا واحدا هو عدم الخوف من الأمواج العاتية التي قد تعترض رحلتهم التي قد تستغرق 18ساعة كاملة، وما عليهم إلا أن يغمضوا أعينهم حتى لا يشعروا بالخوف، وطلب منهم الصعود بهدوء إلى الزورق. صعد الجميع، وبقي ''القائد البري'' رفقة ثلاثة آخرين تبين فيما بعد أنهم قاموا بنفس الخطوات التي قام بها القائد، الذي رافق الجماعة والتي رافقتها من العاصمة إلى عنابة، بل إلى غاية امتطائهم زورق ''الموت أو الحياة''. قبل الانطلاق تحدث المفاجأة! قبل انطلاق الزورق، طلب مني نجيب الاتصال بأحد النواب (...) لأضعه في الصورة، تعجبت من هذا الطلب الغريب، خاصة أن نواب المجلس الشعبي الوطني كانوا في وقت سابق قد صادقوا على قانون يجرم الحراف، وإذ بنائب يقف إلى جانب شبان يحرضون على الحرافة، قلت لصديقي نجيب إنني سأنفذ طلبه بكل مسؤولية. الساعة كانت تشير إلى حدود التاسعة مساء من يوم الثلاثاء الماضي، انطلق الزورق، بدأ يختفي الزورق عن أعيننا شيئا فشيئا، بعدما شرع الزورق يشق البحر في جنح الظلام الدامس. نبهنا سمير القائد البري إلى ضرورة مغادرة المكان، ومغادرتي شخصيا الولاية والعودة إلى العاصمة، اتصل القائد البري بأحد الأشخاص، لحظات وتصل سيارة من نوع رونو ميقان سوداء اللون، أوصلتني إلى محطة عنابة لنقل المسافرين، دقائق فقط أعطاني شخص لم أعرفه من قبل تذكرة سفر على متن حافلة تابعة لشركة باجي، في حدود العاشرة مساء وقبل انطلاق الحافلة قال لي القائد البري بالحرف الواحد ''رحلاتنا مضمونة فكن على يقين أن أصدقاءك سيصلون إلى إيطاليا، وأضاف قائلا: لا تغلق هاتفك النقال لأنهم سيتصلون بك حال وصولهم في اليوم الموالي، فقلت إن شاء الله، المهم ألا يكونوا ''أكلة للحوت'' في وقت أصبح السمك في بلادنا في الآونة الأخيرة ب ''شأنه'' بعدما غلا ثمنه، إذ وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى حدود 300دج. العودة إلى العاصمة انطلقت الحافلة التي كنت على متنها متجهة نحو العاصمة، وآلاف الأسئلة تراودني عن سر النائب الذي أوصاني ''نجيب'' بإطلاعه على الأمر، وعن الشبكة المنظمة التي احترفت منذ سنين تهجير الناس نحو إيطاليا بالخصوص انطلاقا من شواطئ عنابة، وكيف لم ينكشف أمرها بعد، وما سر الرحلة المضمونة التي أخبرني بها القائد البري ... لم أستطع التفكير في أي شيء آخر عدا ما ذكرت آنفا، إضافة إلى أسئلة أخرى طردت من عيني النوم طوال المسافة التي تربط عنابةبالجزائر العاصمة. وصلت إلى العاصمة في حدود العاشرة صباحا، لم أشأ أن أتجه مباشرة إلى مقر الجريدة، ففضلت أن أدخل إلى أحد المرشات القريبة من سكني بساحة بور سعيد، لأخذ ''دوشا'' ساخنا، بعدها دخلت البيت وأنا منهك، استلقيت على ظهري لأدخل في صراع مع الأسئلة الكثيرة التي حملتها معي دون إجابة من رحلتي مع ''الشبان الحرافة''، غلبني النعاس، استسلمت للنوم، فجأة استيقظت فوجدت الساعة تشير إلى حدود الواحدة زوالا، لا بد من الذهاب إلى مقر عملي في جريدتي، فغيابي بلا عذر سيزعج مديري (...)، وصلت إلى مقر الجريدة لأباشر عملي بشكل عادي، على أمل أن أواصل مهمتي التي بدأتها في السابق ''الروبوبرتاج'' في وقت لاحق. حرس السواحل بالمرصاد أول شيء قمت به هو تصفح شريط الأخبار، الذي يصدر عن وكالة الأنباء الجزائرية، شد انتباهي خبر إحباط مصالح حرس السواحل محاولة عدد من الشبان الهجرة غير الشرعية نحو إيطاليا، وكانت رحلة ''الحرافة'' انطلقت من شواطئ سيدي سالم، أي من نفس الشاطئ الذي انطلقت منه الرحلة الأولى في حدود التاسعة مساء، غير أن برقية وكالة الأنباء الجزائرية نقلت أن الرحلة انطلقت في حدود العاشرة مساء، تذكرت حينها أنه عندما كنت على الشاطئ لم ألاحظ أي حركة غير عادية، أو حتى زوارق، تعجبت من الأمر، ورحت أسأل نفسي عن علاقة الحرافة بشواطئ سيدي سالم؟ عدت من جديد لأبحث عن شيء خاص بالأخبار الوطنية أو السياسية لأكتب مقالا ينزل في اليوم الموالي، وذهني مشتت كليا. يا لله، إنهم أحياء يرزقون وفي سردينيا في المساء، دخلت إلى منزلي وأنا أنتظر أي اتصال من الشبان الحرافة. تمر الساعات، إنها تشير الآن إلى حدود الحادية عشرة ليلا، يا لله يرن هاتفي النقال، إنه رقم من خارج الجزائر، أسرعت للرد على المكالمة، الحمد لله إنه نجيب يتصل بي من جزيرة سردينيا، أحسست أنه يكاد يطير من الفرحة، أخبرني أنه وجماعته بخير، وصلوا بحمد الله، وفي عجالة قال سأعيد الاتصال بك في الصبيحة... النائب (...) والحرافة واللغز.. في صبيحة اليوم الموالي، التقيت بالنائب (...) في بهو المجلس الشعبي الوطني، على هامش مناقشة النواب لمخطط عمل حكومة الوزير الأول أحمد أويحيى، بالرغم من أننا لم يسبق وأن تعارفنا من قبل إلا أننا لم نجد أي صعوبة للدخول في الموضوع، أخبرت النائب (...) بأنني عائد للتو من رحلة مع الحرافة، لا حظت تغير لون وجهه قليلا نحو الاحمرار، أدركت بعدها أنه على علم، ففاتحته مباشرة في الموضوع، وقلت له إن ''نجيب'' وأصدقاءه، ركبوا الزورق في رحلة غير شرعية باتجاه إيطاليا، وتعمدت عدم إعطائه عددهم، وكانت المفاجأة كبيرة، عندما قال لي إن عددهم كذا (...). واصلت الحديث معه وأنا في حيرة من أمري، فأخبرني أنه التقى دقائق فقط من لقائي معه، مع صديق للحرافة داخل المجلس الشعبي الوطني، وأخبره بكل التفاصيل، وطمأنني على أنهم بخير، كما ذكرني بتجارب سابقة لأبناء مدينته وكانت ناجحة مائة بالمائة. لم أكثر التعاطي مع الأسئلة التي كنت أفكر فيها، واستبعدت أن يكون النائب (...) متورطا في شبكة لتهجير الشباب الحرافة، رجحت أن يكون ممثل الشعب مجرد شخص همه هو جمع الأخبار الجيدة عن أبناء مدينته أو الجزائر بأكملها.