بعدما كانت الثلوج سببا في إدخال الفرحة على قلوب العائلات السطايفية، هاهي الآن تتحول إلى نقمة ورعب ومأساة حقيقية، إذ تعيش المئات من العائلات خاصة منهم سكان القرى والأرياف والمداشر أياما عصيبة وحالة جد مزرية جراء تساقط الثلوج طيلة الأسبوعين الماضيين والتي أثرت بالسلب، خاصة على العائلات الفقيرة المعوزة· كما تسببت في قطع الطرقات وانقطاعات في التيار الكهربائي وانهيار للبيوت، وحالات وفاة وغياب لغاز البوتان· وفي ظل هذه النقائص التي تعاني منها كل بلديات سطيف عجزت مصالح البلديات عن تلبية أبسط الضروريات، خاصة بعد أن تجاوز سمك الثلج 3 أمتار ويزيد في مناطق أخرى، ما قد يؤدي إلى كارثة بمناطق عين طويلة، مجرفي، بابور، بوفاعة، بني وسين، ماوكلان، آيت تيزي، بوسلام، بني بورمان، بوعنداس، تالة ايفاسن، آيت عميروش، عزازفة، آيت مزادة، سرج الغول، تيزي نبشار، بني عزيز، والعديد من المناطق الأخرى ليجد مواطنو البلديات الشمالية أنفسهم محاصرين دون طعام ولا غاز، لولا تدخل وتضامن المواطنين الذين استطاعوا أن يعيدوا الأمل إلى بعض العائلات المتضررة، حيث وصلت المساعدات الإنسانية من المواد الغذائية والألبسة والأغطية الشتوية إلى هذه المناطق المعزولة· بالمقابل ما تزال ندرة قارورات غاز البوتان تصنع معاناة المتضررين، ودق رؤساء البلديات ناقوس الخطر جراء تخوفهم من وقوع كارثة مناخية حقيقية تقضي على المئات من العائلات، خاصة مع تواصل تساقط الثلوج وعدم التمكن من فتح العديد من الطرق التي غطتها الكميات المعتبرة من الثلوج· متطوعون ينقلون الغذاء إلى المناطق المعزولة مشيا على الأقدام بعد وصول المساعدات إلى البلديات الشمالية المتضررة، وزعت المواد الغذائية على المواطنين، لكن تعذر على المركبات الوصول إلى قرى والمداشر المعزولة بسبب الثلوج التي زاد سمكها عن 3 أمتار، سارع متطوعون في مختلف أنحاء ولاية سطيف لتلبية نداء الإغاثة واضطروا للمغامرة وتحدوا الظروف، بأن تكفلوا بنقل المواد الغذائية على أكتافهم، على مسافة بعيدة وسط صعوبة المسالك لأجل تقديم المساعدات الانسانية وإيصالها إلى العائلات المتضررة التي أحست بفرحة كبيرة بتضامنهم معهم· من جهتهم، قام متطوعون ببلدية تيزي نبشار بجمع قارورات الغاز وتعريض حياتهم للخطر من أجل تزويدهم بالغاز من الولايات المجاورة رغم أن الطرقات كانت مقطوعة· وسارع سكان مدينة عين الكبيرة للقيام بحملات تطوعية لتزويد المتضررين من الأزمة بالأكل والدواء وكل ما يحتاجونه منذ الساعات الأولى، إلى جانب فرع جمعية العلماء المسلمين بسطيف الذي يعمل على جمع الإعانات وتوزيعها· الجمعيات وشباب الفايس بوك يتضامنون مع المتضررين زيادة على هذا، نظمت جمعية سلسبيل ببلدية عين لكبيرة قافلة مساعدات لقرى بلدية واد البارد المحاصرين بالثلوج بالتنسيق مع شباب الفايسبوك ومصالح بلدية واد البارد وبحضور عناصر الدرك الوطني، وتمثلت هذه المساعدات في أكياس الدقيق ومختلف أنواع العجائن والحليب وقد مست عملية التضامن والتآزر والإغاثة العديد من القرى منها تمريجين وتخروبت· ونظرا للثلوج الكثيفة والتي تجاوز سمكها 3 أمتار في بعض المناطق، فإن القافلة توقفت في قرية تمريجت، حيث أفرغت حمولتها في انتظار فتح مسلك إلى قرية تخروبت في أعالي جبال خراطة والتابعة إداريا لولاية سطيف، حيث تتواصل الجهود من طرف السلطات لفك العزلة عن هذه القرية التي بها عدد كبير من السكان يتجاوز 100 عائلة محاصرة منذ أكثر من أسبوع، وكذا تواجد كاسحات الثلوج تابعة لمقاولة محنون الخير ومقاولة طرشي، حيث أبلغنا أن العملية بدأت منذ 3 أيام ولا تزال متواصلة لحد الآن في ظروف صعبة جدا، خاصة بعد تغير الأحوال الجوية أمسية أمس، وهو ما حتم على المواطنين اللجوء إلى توصيل بعض المساعدات مشيا على الأقدام، في ظل استحالة صعود الآليات المخصصة حاليا كالجرافات وكاسحات الثلوج إلى تلك المناطق، حيث يتطلب الأمر استعمال آليات عملاقة لإنجاز المهمة والتي يطالب بها السكان حاليا وبسرعة· عمليات التضامن والإسعافات متواصلة بشمال الولاية لمواجهة هذه الأزمة في ظل الجوع والعطش وغياب الغاز وانقطاع الطرق وانعزال المناطق، اتخذ المسؤولون جملة من الإجراءات والتدابير لتقديم إعانات ومساعدات للعائلات المحرومة، حيث أبدت مديريات ومؤسسات التضامن والنشاط الاجتماعي، بالتنسيق مع الدرك الوطني والحماية المدنية وكذا الأمن الوطني تضامنا مع البلديات المعزولة بتقديم المساعدات لهم من وجبات غذائية والتكفل بنقل غاز البوتان· في حين تواصل وحدات الجيش الوطني الشعبي عمليات فك العزلة عن المناطق المتبقية والمتضررة، حيث تمكنت من فتح حوالي 4000 كلم من الطرق الوطنية والولائية والبلدية· كما تمكنت من إصلاح أعطاب مست شبكة التيار الكهربائي لفائدة بعض السكان وتتواصل حاليا الجهود من أجل فك العزلة عن القرى التي لا تزال لحد الآن معزولة، إذ لا تزال معظم الطرق الثانوية والمسالك غير مفتوحة· ونظرا لصعوبتها فإنها تحتم عليهم اتباع الوسائل اليدوية من أجل إزاحة الثلوج في ظل استحالة صعود الجرافات وكاسحات الثلوج·