رأى الأستاذ العيد زغلامي، وهو أستاذ بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، أن الإعلام الثقافي يعد دراسة المجتمع من وجهة نظر ثقافية لأن الإعلام هو ذلك المضمون الذي يقترحه الصحفي ويكون له طابع ثقافي يساهم في نقل صورة الحياة الثقافية اليومية، إذ هو مرآة تعكس ثقافة الحياة اليومية للمجتمع. وأوضح المتحدث خلال المحاضرة التي ألقاها أول أمس على هامش المعرض الوطني الثامن للكتاب بقصر المعارض في العاصمة تحت عنوان «الإعلام الثقافي بين الواقع والتطلعات»، أن وظائف الإعلام الثقافي متعددة. وذكر منها الوظيفة الروحية التي تتمثل في تغذية الروح والضمير بالقيم الجمالية والأخلاقية، ووظيفة اجتماعية تتجلى في تقديم وبث أمور ذات طابع وحدوي من أجل تحقيق وحدة اجتماعية صورتها التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع. كما أوضح أن لهذا النوع من الإعلام وظيفة حيوية في تنمية وبث الروح الرياضية بين محبي الرياضة والمشجعين، لأنه يدعو إلى نبذ العنف الرياضي من خلال تهذيب الألفاظ المتداولة في الملاعب وعدم النقل الحرفي للشعارات العدوانية، حيث صار هذا الأمر يضيف المتحدث بضاعة تحترفها عدد من الصحف الوطنية. وتطرق العيد زغلامي إلى الوظيفة العلمية، وهي عبارة عن نقل العلوم وتبسيطها حتى يستفيد منها مختلف شرائح المجتمع، إضافة إلى الوظيفة الأدبية التي تروج للذوق الأدبي والفني. وقال المحاضر إن الإعلام الثقافي لا يمكن ولا يجب أن يكون نخبويا حتى لا تحرم بقية فئات المجتمع من الاستفادة من مضامينه الأساسية؛ والمتمثلة في الرقي بالذوق الإنساني والرفع من مستوى الفرد والمجتمع من خلال لغة جميلة صحيحة متشربة بالمعاني الجمالية والأخلاقية. كما انتقد اللغة الركيكة التي تعتمدها بعض الصحف الوطنية بهدف الوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع الأمر الذي لا يخدم الأهداف الأولى للإعلام الثقافي. من جهة أخرى، تحدث المحاضر عن علاقة الإعلام بالثقافة، مؤكدا أن هذه العلاقة كانت تكاملية في وقت قريب؛ لكن الثورة التكنولوجية أحدثت ثورة إعلامية بحد ذاتها انبثقت عنها فضاءات متعددة في الإعلام، فصارت العلاقة شائكة وغير واضحة بسبب عدم حيادية هذه التكنولوجيا، موضحا «فربما نجدها تسيء إلى أبجديات اللغة كما يحدث في الرسائل القصيرة على الهاتف النقال، كما من شأنها أن ترفع من مستواها مثلما هو الحال في المنتديات الأدبية الالكترونية والتعليقات الفايسبوكية والتويترية وغيرها». وفي حديثه عن المجتمع الجزائري ودور الإعلام السمعي البصري، أكد الأستاذ أن طغيان الحصص الإشهارية والترويجية حال دون إعطاء الإعلام الثقافي نصيبه من الاهتمام، ما يجعل الكفة تميل بمجتمعنا نحو استهلاك ثقافة أخرى حين عجزنا عن توفير ثقافة محلية نابعة من مجتمعنا الذي نعيش فيه، فبالنظر إلى واقع الإعلام الثقافي يضيف هناك وجود محتشم للحصص الثقافية على مستوى الإذاعة والتلفزيون نظرا لغياب التدعيم المتمثل في الأموال، والكفاءات والمساهمات. كما تبقى وظيفة المراكز الثقافية التي تنتشر عبر التراب الوطني ذات طابع مناسباتي يغلب عليه التسيير الإداري، وهو ما لا يشجع المبادرات الفردية الإبداعية، على حد تعبيره.