صحف وفضائيات تؤكد : الجزائر تكسب رهان نسبة المشاركة.. و«الجزيرة» تحتج النساء يحصلن على أكبر عدد من المقاعد منذ استرجاع الاستقلال شدت الانتخابات التشريعية انتباه العديد من وسائل الإعلام العربية والعالمية التي أفردت لها تغطيات خاصة سواء عبر إيفاد مراسلين إلى عين المكان، أو تخصيص برامج للحديث عن المناسبة التي وصفت ب«الهامة والمفصلية في تاريخ الجزائر»، خصوصا في ظل ما صار يعرف ب«الربيع العربي». وقالت وكالة الأنباء الفرنسية في تقارير خاصة، إن الحكومة الجزائرية كسبت رهان مشاركة الناخبين في الانتخابات التشريعية والتي «فاقت بكثير نسبة المشاركة في الانتخابات الماضية» ومددت فيها فترة الإدلاء بالأصوات في ثلث مكاتب الاقتراع. وأوضحت الوكالة أن التحدي الأكبر في هذه الانتخابات، بالنسبة للسلطة كما للأحزاب، هو تعبئة الناخبين للإدلاء بأصواتهم، بالنظر إلى العزوف القياسي الذي شهدته آخر انتخابات تشريعية سنة 2007 بنسبة امتناع عن التصويت بلغت 64 بالمائة. ووصفت السلطة هذه الانتخابات، وفق ذات المصدر، ب«المصيرية» كونها تعقب إصلاحات سياسية أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل عام لتفادي تداعيات «الربيع العربي» الذي أوصل «الإسلاميين» للسلطة في تونس والمغرب ومصر. أما قناة «فرانس 24»، فخصصت ملفا عبر موقعها على الانترنت يرصد مسار عملية الاقتراع أولا بأول، وذكرت بتصريحات رئيس الجمهورية الأخيرة من سطيف التي قال فيها إن «البلاد على أعتاب مرحلة مصيرية لا خيار لنا فيها إلا النجاح». وذكرت القناة الفرنسية أن جديد تشريعات الجزائر هو إشراف لجنة انتخابات قضائية، غير لجنة المراقبة المشكلة من أحزاب، على العملية من أولها إلى آخرها، وكذلك اعتماد البصمة بدل التوقيع، بالإضافة إلى استخدام الحبر الفوسفوري لمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم أكثر من مرة. ومن جانبها، لم تفوت قناة «الجزيرة» المناسبة، حيث فتحت نشاراتها الإخبارية لتغطية الانتخابات، غير أنها احتجت على ما قالت إنه «رفض السلطات الجزائرية الرد على طلب للجزيرة لتغطية الانتخابات من هناك». وعدا هذا، ذكر تقرير لموقع القناة القطرية على شبكة الانترنت أن جبهة التحرير الوطني حصلت على «حصة الأسد» من مقاعد البرلمان البالغ عددها 468 مقعدا، متقدمة على التجمع الوطني الديمقراطي الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى و«تكتل الجزائر الخضراء» الذي يضم أحزابا ذات «توجه إسلامي». وقال التقرير إن هذه النتائج تعتبر ثاني مفاجأة في هذه الانتخابات بعد نسبة المشاركة المرتفعة نسبيا والمقدرة ب43 بالمائة، وكانت توقعات سابقة قدرت أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة ولا تتجاوز 20 إلى 25 بالمائة. ونقل التقرير عن محللين قولهم إن «وثبة جبهة التحرير» ترجع إلى عاملين اثنين، أولهما الخطاب الذي ألقاه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 8 ماي الجاري في ولاية سطيف، وأشار فيه بطريقة ضمنية إلى انتمائه الحزبي،عندما قال إن انتماءه الحزبي «واضح ولا غبار عليه». أما العامل الثاني فهو خلو قوائم الجبهة من المسؤولين القدماء الذين قام بلخادم بإقصائهم من قوائم الترشيحات. أيمن السامرائي الجزائر في «نادي الديمقراطيات» تقول صحيفة «الصباح» التونسية إنه ربما جاز القول إن ملايين الناخبين الجزائريين إنما تحولوا إليها من أجل «التوقيع» على «وثيقة عهد» من أجل تغيير سياسي سلمي وديمقراطي تدخل بمقتضاه الجزائر الشقيقة نادي «دول الربيع العربي» من غير أبواب الثورة والعنف والدماء». وأوضحت الصحيفة في عددها الصادر أمس، أن الانتخابات التشريعية الجزائرية لا تمثل فقط حدثا انتخابيا يقاس بمعايير كثافة الإقبال ونسب التصويت ومواعيد فتح مكاتب الاقتراع وغلقها، وإنما هي أيضا عبارة عن موعد مثير لانطلاق «رحلة ذهاب» جماعية من قبل الجزائريين وبلا عودة هذه المرة إلى جزائر جديدة بنظام سياسي مختلف وتعددي بالفعل يحترم إرادة الناخبين ومبدأ التداول على السلطة من خلال الاحتكام إلى صناديق الاقتراع. أما صحيفة «الشرق الأوسط»، فكتبت تقريرا تحت عنوان «الجزائريون يترقبون برلمانا فسيفسائيا»، وعادت لتذكر بأرقام تقنية تحدثت فيها عن 21.6 مليون ناخب و25 ألف مرشح يمثلون 44 حزبا في الانتخابات، بالإضافة إلى 186 لائحة ترشيح مستقلة، من بينهم 7700 امرأة. وقالت الصحيفة إن نسبة الإقبال على التصويت في هذه الانتخابات أهم بكثير من نتيجتها الفعلية وعدد المقاعد التي سيحصل عليها كل من الأربعة والأربعين حزبا المتنافسة. ومن جانبها، قالت صحيفة «الراية» القطرية إن النساء حصلن على أكبر عدد من المقاعد منذ استرجاع استقلال الجزائر قبل خمسين سنة، وذلك بقوة قانون التمثيل النسوي في المجالس المنتخبة، وهو أحد قوانين الإصلاح التي أطلقها بوتفليقة والذي يفرض تمثيل النساء بنسبة من 20 إلى 50 بالمائة. الجزائر وانتخاباتها المثيرة للجدل يدرك أصحاب القرار في الجزائر أن بلادهم قد تكون مرشحة لانتفاضة شعبية على غرار ما حدث في ليبيا وتونس ومصر واليمن وما يحدث حاليا في سوريا، ولذلك يسابقون الزمن لمنع هذه الانتفاضة بكل السبل، وهذا ما يفسر الدعوة إلى الانتخابات البرلمانية التي بدأت في مختلف أنحاء البلاد. جميع المراقبين أجمعوا على أن الإقبال على صناديق الاقتراع كان ضعيفا، واعترف وزير الداخلية أن نسبة المشاركة حتى منتصف يوم الخميس كانت في حدود 15 بالمائة فقط، وقال إن الشعب سعيد وإنه يأمل أن تكون هذه الانتخابات احتفالا. انخفاض نسبة الإقبال على المشاركة في الانتخابات يعود إلى عدم ثقة قطاعات عريضة من الشعب في نوايا السلطة بحكم تجارب سابقة، وعدم تمتع البرلمان ونوابه بصلاحيات تشريعية ورقابية حقيقية تتلاءم مع طموحات الشعب (...) الأوضاع تحسنت قليلا... وساعدت عوائد النفط والغاز السنوية الضخمة في تحسين ظروف المعيشة وإيجاد وظائف لبعض العاطلين عن العمل، مثلما ساعدت في تسديد ديون البلاد الخارجية، وتحقيق فائض مالي تقدره بعض الأوساط المالية بأكثر من 150 مليار دولار. السلطات الجزائرية أدركت أن الشعب الجزائري مثل كل الشعوب الأخرى في المنطقة يريد إصلاحات حقيقية في المجالين السياسي والاقتصادي وبما يؤدي إلى إطلاق الحريات، وتوسيع دائرة المشاركة في السلطة... وقطع دابر الفساد، وهذا ما يفسر دعوتها للانتخابات البرلمانية الحالية. البديل عن الديمقراطية الحقيقية في الجزائر خطير جدا وقد يؤدي إلى نتائج كارثية، ففوضى السلاح في ليبيا، وسيطرة الميليشيات، وضعف الأمن، وزيادة معدلات الفساد، هي بعض فيروسات عدم الاستقرار التي يمكن أن تنتقل إلى الجزائر بسهولة بسبب الحدود المشتركة بين البلدين. (...) الجزائر دولة تملك كل مقومات العظمة والقيادة، والشعب صاحب التاريخ الحافل بالوطنية المشرفة نصفه من الشباب، مثلما تملك الغاز والنفط والموقع الاستراتيجي، وهي كلها عناصر للقوة وبناء المجتمع المدني الحديث. «القدس العربي»، بتصرف مراسل صحيفة «الباييس» الإسبانية إغناسيو كمبريرو يؤكد: الجزائريون عبروا عن امتنانهم لسياسية الرفع في الأجور! قال تقرير لصحيفة «الباييس» الإسبانية أعده مراسلها من الجزائر إغناسيو كمبريرو، إن هذه الانتخابات أتاحت الفرصة للجزائريين للتعبير عن امتنانهم وشكرهم على سياسية الرفع في الأجور التي رافقت ما سمي ب«الربيع العربي». لكن الجزائريين ذهبوا بعدد كبير وملحوظ إلى مكاتب الاقتراع بالنسبة للمواعيد الانتخابية السابقة.. نسبة المشاركة وصلت إلى 42.9 بالمائة أعلن عنها وزير الداخلية حيث تشكل 6 نقاط زيادة عن تشريعيات 2007. هذه المرة 9.2 مليون جزائري يختارون ممثليهم من بين 21.6 مليون مترشح في القوائم الانتخابية في بلد ال36 مليون نسمة أغلبيتهم شباب ومن لا تتجاوز أعمارهم السادسة عشر عام. وقال المراسل إن هذا الاقتراع لا يتجاوب مع ما ينتظره مختلف المسؤولين السياسيين الذين بدوا مطمئنين بنسبة مشاركة عالية في حوالي 50 بالمائة، ونلاحظ في الجزائر أن هذه النسبة منخفضة جدا بالمقارنة مع جميع جاراتها العربية، وبالأخص مع المغرب، حيث وصلت في نوفمبر الماضي إلى 45 بالمائة. وتخلق المشاركة الضعيفة نوعا من التخوف لدى السلطات التي تخشى «ربيعا عربيا مضطربا» كما كان الحال عند المشارقة. وذكر وزير الداخلية دحو ولد قابلية تسجيل «مشاكل ضئيلة» أو تجاوزات ليست ذات أهمية كبيرة في بعض المكاتب، كما يؤكد البرلماني الاسباني خوزي اقناسيو سلافرنكا طبيعة التوترات «الجد المحتوية». وما عدا المناطق النائية الصحراوية التي عرفت إقبالا هائلا، لقد هجر الجزائريين مكاتب الاقتراع في المدن الكبرى ابتداء من الجزائر العاصمة، حيث نسبة المقاطعة وصلت إلى 69.5 بالمائة وكذلك منطقة القبائل التي سجلت نسبة المقاطعة 19.74 بالمائة من المسجلين. وجاء في تقرير الصحيفة الإسبانية أن السيد محمد حديلي أحد مرشحي تكتل «الجزائر الخضراء»، أعلن أنهم سيكونون الفائزين في العاصمة، الشيء الذي لم يحقق بعد علما أن من بداية الفرز ظهرت خمسة أحزاب مؤهلة ل462 مقعدا في المجلس الوطني الشعبي الذي عليه مهمة تعديل الدستور. وليست الجزائر العاصمة هي المرآة الوفية لحقيقة الوضع في البلاد.. لقد لامسنا انطباعات بعض الرجال بالقريب من مكتب الاقتراع في حي فوجرو ببوزريعة وهم يمزحون على ثروة المترشحين ولا يبدو عليهم اهتمام بالذهاب إلى مكاتب الاقتراع، كما التقينا بعضو لجنة القضاة المعتمدة لمراقبة سير الانتخابات حيث أكدت على «أن الناس تأتي بعد الظهر». «هنا يبدو الأمر واضحا وليس كما في تونس عندما تتسابق الناس على أبواب المكاتب نصف ساعة قبل فتحها»، يقول البرلماني الايطالي أنطونيو بنزيري نائب رئيس الوفد الأوروبي في زيارته للجزائر. انتخبت الجزائر رغم النقاش الدائر بين البرلمانيين الأوروبيين المعتمدين لمراقبة الاقتراع والناطق باسم الداخلية الوزير دحو ولد قابلية على موضوع القوائم الانتخابية الوطنية والتي رفض الوزير الإطلاع عليها. سلافرنكا الذي يقود لجنة الاتحاد الأوروبي ب150 عضوا يذكر للوزير في رسالة خطية أنه من بين الحقوق المخولة للجنة نجد حق الإطلاع على القائمة الانتخابية كما كان الحال في دول أخرى مثل لبنان والمكسيك والبيرو، حيث تمت مراقبة الانتخابات من طرف الاتحاد الأوروبي كما تنص عليها الأعراف دبلوماسية. وكانت رسالة سلافرنكا الأخيرة من نقاش المد والجزر حول القوائم الانتخابية والذي شكل عقدة في سير الانتخابات الجارية في الجزائر وهي الأولى من سلسلة الاستشارات الشعبية والتي ستتوجها الرئاسيات بعد سنتين. وفي تعليمة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية؛ رفض الوزير ولد قابلية لكل من الاتحاد الأوروبي والأحزاب السياسية الإطلاع على القوائم الانتخابية بحجة أنها تحتوي على معلومات شخصية وسرية للناخبين يمنع القانون الجزائري نشرها. وفي تعليمة أخرى تذكر السلطات الجزائرية المراقبين الأوروبيين أنه «عليهم القيام بعملهم بحيادية وموضوعية و سرية بعيدا عن أي نقاش بإمكانه أن يعرقل السير الحسن لمهمتهم» الشيء الذي ألزم سلافرنكا في المزيد من الحذر. لقد وجهت اللجنة الأوروبية انتقادات أخرى للسلطات الجزائرية بحيث منعت هذه الأخيرة الأحزاب السياسية الحضور في آخر فرز للاقتراع في مقر الولاية قبل البعث إلى وزارة الداخلية. كما أنها وجهت الاتهام فيما يخص ال30.000 عسكري المبعوثين إلى منطقة تندوف أواخر العام الماضي بعد اختطاف ثلاث أوروبيين من بينهم إسبانيين في مخيمات اللاجئين الصحراويين.