المآل الذي رست عليه انتخابات «الرياسة» بمصر وانتخابات «البرلمان» بالجزائر، يفرض علينا تسول الأجوبة عن سؤال واحد مفاده كيف حدث هذا؟، فليس من المنطق، أن نبتلع أنه بعد ثورة مصر العظيمة على عصر وعيال وعسكر الريس، لا يزال هناك بعض كبير من مصر يراهن على استعادة فلول نظام تم إخراجه من النافذة، فإذا باللواء شفيق يعيده من الباب وبأصوات الشعب ذاته الذي لفضه، حاله من حال برلمانيات جزائرية، كان الجميع يتوقع منها أن ترمي جبهة التحرير في المتحف، فإذا بالصندوق «الذكي» يعيد للجبهة ربيعها وريعها السياسي.. كم من الأسئلة المبهمة يدفعنا لتحليل ما يجري من تقلبات داخل تركيبة الغضب الشعبي الذي يمكنه أن يجعل من النقمة نعمة بين ثورة وضحاها، فالمنطق في مصر كما في الجزائر، كان يقضي أن يستنفد الناس فرصتهم برمي فلول مبارك وفلول بلخادم في البحر، لكن نتائج الفرز الانتخابي هنا وهناك ألغت كل منطق، فهل العلة في الصندوق أم في شعوب تنادي وتثور وتموت لأجل الصندوق، لكنها حين «الخلوة» مع فرصة اتخاذ القرار، تنقلب على عقبيها لتنحاز إلى جلادها القديم خوفا من غد مجهول قد يحبل بجلاد أعتى وأقسى.. إذا كان عامل التزوير بشكله المفضوح قد فقد بريقه في رئاسيات مصر وبرلمانيات الجزائر بعدما حشر في خانة «اللمم» الانتخابي، فإن استسلام ولجوء المواطن المصري والجزائري لقدره القديم، يثير بدلا من عجب «الخوف» من المجهول أعجوبة أن الأنظمة الآفلة نجحت في ترسيخ الرعب من البديل وذلك وفق قاعدة ضمنت لها أن تظل في عرف الكثيرين الخيار الأقل سوءا إذا ما اختلطت الأنساب والألقاب.