[ترام] هل سيكون الحل الأمثل لفوضى النقل بالعاصمة ستنطلق أول رحلة «ترامواي» من برج الكيفان إلى حي المعدومين («رويسو» سابقا) هذا الجمعة، ليمثل ذلك فتح صفحة جديدة في عصرنه قطاع النقل العمومي، والقضاء على مشكل ازدحام السير بالعاصمة، حيث يعتبر «الترامواي» إحدى شبكات النقل العصرية التي تخدم مدينة الجزائر العاصمة وضواحيها، بطوله البالغ حاليا 16.3 كم ويمر عبر 28 محطة تربط بين بلديتي برج الكيفان وحي المعدومين ببلدية حسين داي في الضاحية الشرقية للعاصمة، حيث ستعرف سير عربة كل 7 دقائق. وإن كان الكثير منا لم ير وسيلة النقل هذه إلا في 15 ماي 2010، عندما تم إجراء أول تجربة تقنية «للترامواي» بالعاصمة الجزائرية على مستوى الشطر الخاص ببرج الكيفان على طول 2 كم تقريبا بحضور وزير النقل عمار تو والمواطنين الذي اكتشفوا لأول مرة القاطرات ذات اللونين الأزرق والأبيض، فالكثير من الآباء أو الأجداد ممن عاش أيام الاستعمار سيسرد لك إحدى رحلاته في «الترامواي» خلال تلك الفترة، قبل أن يغيب عن طرقات العاصمة لأكثر من خمسين سنة، ليتحول حلم «الترامواي» في الجزائر إلى حقيقة بعدما دخل كوسيلة نقل جديدة في العاصمة. أول «ترامواي» في الجزائر انطلق سنة 1898 يعود تاريخ «ترامواي» الجزائر إلى عهد الاستعمار الفرنسي وبالضبط في سنة 1898، حيث كان يوجد خط يربط بلدية باب الواد ببلدية الحراش مرورا بكل من باب عزون وبلوزداد وهو ما كان معروفا ب«طريق التريسيتي»، وبقي قائما حتى الاستقلال وتم نزع سكته لقدمه وصدأ قطاراته. ليعود سنة 2006 حيث تم إعطاء الصفقة من طرف مؤسسة مترو الجزائر إلى مجمع الجزائري- الإيطالي- الفرنسي ميديترال الدولي الذي نشأ بشراكة بين (أ تي أر أش الجزائرية توديني الايطالية ألستوم الفرنسية) لبناء الخط الأول بمسافة 23.2 كم، وتم إبرام العقد الذي نص على أن تتولى شركة ألستوم بتوريد عربات «الترامواي» والسكك الحديدية ونظام الإمداد بالكهرباء وأنظمة الجر ونظام الإشارات ومعدات المراقبة وتعتبر الجزء الأكبر من العقد. أما مؤسستا توديني الإيطالية و«أي تي أر أش بي» الجزائرية فكلفتا بأعمال البناء والهندسة، ليبدأ العمل منذ سنة 2007، وينطلق أول «ترامواي» من صنف سيتاديس 302 الحديثة من برج الكيفان إلى غاية حي الموز ثم باب الزوار سنة 2011، تمهيدا لبداية استغلال المحور الشرقي ل«ترامواي» العاصمة الرابط بين حي المعدومين «رويسو» وبرج الكيفان يوم غد، في انتظار إطلاق مشروع تمديد الخط الأول لمشروع «ترامواي» الجزائر نحو مناطق جنوب العاصمة مرورا ببئر مراد رايس وعبر العاشور نحو درارية ليلتقي بالمترو وبعدها نحو الشراڤة على مسافة 40 كيلومترا، حيث سيتم مد سكة «الترامواي» إلى الجهة الغربية للعاصمة ضمن البرنامج الخماسي المقبل المزمع تطبيقه في إطار مخطط النقل الجديد لولاية الجزائر. استثمار بأكثر من 35 مليار دينار لم يخل من المشاكل وسياسة «البريكولاج» رغم الجهود الكبيرة للحكومة ورصد أكثر من 35 مليار دينار لإنجاز هذا المشروع الحيوي للعاصمة من أجل إخراجها من أزمة النقل واختناق الطرقات، تعرض «ترمواي» الجزائر لجملة من العراقيل أهمها مرور خط «الترامواي» بعديد الأحياء السكنية. وتتطلب عملية الهدم والتعويض عن كل منزل أو قطعة عقار الكثير من الوقت، بسبب اعتماد وزارة المالية على أسعار شبه رمزية في التعويض مقارنة بسعر العقار في السوق، ما جعل المواطنين يرفضون التنازل عن عقاراتهم، فقد تم نزع ملكية وهدم 138 منزلا و180 محلا تجاريا وتعويضهم بمبالغ مالية قدرت ب1.5 مليار دج. فيما تسببت شبكات الصرف الصحي والهاتف الثابت وغيرها من شبكات القاعدة التحتية لمدينة الجزائر العاصمة في تأجيل إقرار موعد التسليم الرسمي ل«ترمواي» الجزائر مرتين وذلك حتى سنة 2011. كما فضحت الأمطار الشتوية عقلية البريكولاج في عملية الإنجاز، وأظهرت عيوبا عدة في الخط الشرقي ل«ترامواي» العاصمة بجزئيه المستغل وغير المستغل، رغم أن الأشغال حديثة ولم يمر عليها الكثير من الوقت، حيت انهارت أجزاء عدة في أماكن لم يتم استغلالها أبدا، فقد تعرضت أجزاء كبيرة من خط «ترامواي» العاصمة في جزئه غير المستغل لانهيارات داخلية في التربة تحت السكة على مستوى حي الديار الخمس ببلدية المحمدية، وامتد الانهيار الداخلي إلى مسافة قرابة 200 متر، ما استدعى مباشرة عمليات حفر كبيرة من طرف الشركة المكلفة بالإنجاز، وتم نزع السكة كلية كذلك عن الخرسانة الإسمنتية المثبتة فيه، وتمت إعادة تسوية الأرضية التي ستنصب عليها السكة والخرسانة الإسمنتية وقنوات صرف المياه وغيره، وتعرضت بالوعات صرف المياه إلى الانسداد على مستوى محطة «الترامواي» في حي الموز ببلدية المحمدية وانهيار داخلي للأرضية، حمل فيه المهندسون من شركة «ألستوم» الفرنسية العمال الجزائريين المسؤولية على خلفية استعمال اسمنت مغشوش، وتعرض جزء هام من الخط لانهيار داخلي تحت السكة بمنطقة المحمدية وصل لأكثر من نصف كيلومتر، حيث تمت إعادة الأشغال به ونزعت السكة والخرسانة وتمت إعادة الأشغال به من الصفر. التذكرة بين 20 و50 دج : والاشتراك الشهري ب 1820 دينارا في إطار تنظيم رحلات المسافرين، قامت مؤسسة مترو الجزائر بتقسيم مسار «الترامواي» إلى ثلاث مناطق يتم على أساسها تحديد سعر التذكرة. وتمتد المنطقة الأولى من محطة «المعدومين» إلى محطة «لاغلاسيار». فيما تمتد المنطقة الثانية من محطة «جسر الحراش» إلى محطة «الصنوبر». أما المنطقة الثالثة فتقع بين محطتي «المندرين» بحي الموز و«ميموني محمود» ببرج الكيفان. وتبلغ تسعيرة تذكرة التنقل داخل المنطقة الواحدة 20 دينار. فيما تقدر قيمة تذكرة المسافر الراغب في التنقل إلى منطقتين متتاليتين ب40 دينار، وتبلغ قيمة التذكرة الواحدة على طول خط «الترامواي» 50 دينار أي بخصم قدره 15٪، ويمكن للمسافرين اقتناء تذكرة قيمتها 400 دينار تسمح لهم بالقيام بعشر رحلات على طول خط «الترامواي» مما يمكنهم من الاستفادة من خصم قدره 20 ٪. وتقترح مؤسسة مترو الجزائر على زبائنها الذين يقومون برحلات منتظمة اشتراكات أسبوعية وشهرية تقدم على شكل بطاقات شخصية دون لمس قابلة لإعادة الشحن. وتبلغ تسعيرة الاشتراك الأسبوعي 540 دينارا، وهي تسمح بالقيام برحلات غير محدودة لمدة سبعة أيام متتالية. بينما تبلغ قيمة الاشتراك الشهري 1820 دينار تسمح بالقيام برحلات غير محدودة لمدة 30 يوما متتالية من الساعة الخامسة صباحا إلى غاية الساعة الحادية عشر ليلا. 50 مليون شخص سيعتمدون : على «الترمواي» في تنقلاتهم بخصوص فعالية وسيلة النقل الجديدة، ينتظر أن يضمن «الترمواي» نقل 50 مليون مسافر سنويا بمعدل 185 ألف مسافر في اليوم الواحد و6800 مسافر في الساعة، خاصة وأن الأرقام بينت أنه منذ بداية تشغيله سنة 2011، في شطره الأول البالغ طوله 7.2 كم ، الرابط بين برج الكيفان وحي الموز بالمحمدية والذي يشمل 13 محطة بطريق مزدوج مزود ب12 قاطرة «ترامواي» تقل يوميا ما بين 10 آلاف و20 ألف شخص يوميا وهو ما يعادل 6 ملايين مسافر استعمل «الترمواي» في أول سنة من دخوله حيز الخدمة. ويرى سكان الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، أن تشغيل «الترامواي» سيساهم في تخفيف حركة السير على مستوى العاصمة التي تعرف باستمرار ازدحاما، لاسيما بين منطقة المحمدية وشارع جيش التحرير الوطني في جزئه الواقع بين خروبة باتجاه الحراش والمحمدية، والذي يشكل أكبر نقطة سوداء بالنسبة للمتوجهين نحو شرق العاصمة، فضلا عن باب الزوار، برج الكيفان والرغاية، وهو هدف المشروع الذي تسعى من خلاله السلطات إلى القضاء على فوضى الطرقات واختناق حركة المرور في العديد من المسالك، خاصة الطريق السريع الرابط بين العاصمة والضاحية الشرقية، حيث إن حركة المرور في هذه المنطقة لا تزال تشهد ازدحاما مستمرا، باعتبار أن «الترمواي» لا يزال لا يغطي كل الضاحية، إضافة إلى أن هذه الوسيلة الحديثة لم تدخل جيدا في ذهنية الجزائري الذي لا يزال يصر على السيارة كوسيلة للتنقل. ومع هذه الإحصائيات، فإنه يمكن لنا التنبؤ بما سيحدثه «الترمواي» من فعالية في تنقل الأفراد وتبديل عقلية السيارة بالعربة الكهربائية، وهو ما سيجنب الكثير منا القلق من نقاط الحركة السوداء ويخفف الازدحام ويحد بكل تأكيد من إرهاب الطرقات. أكبر مخاطر «الترمواي» : تكمن في استهزاء المواطن أشارت أرقام المؤسسة الوطنية للنقل الحضري وشبه الحضري «إيتوزا»، شهر ماي المنصرم، إلى تسجيل تراموي الجزائر ل 17 حادثا خلف خسائر مادية، سيما على مستوى القاطرات و11 حادثا عرضيا خلال سنة من دخوله حيز الاستغلال التجاري دون أن تخلف خسائر بشرية، ويرجع سبب هذه الحوادث المسجلة إلى عدم احترام سائقي السيارات لقانون المرور ومبدأ الأولوية لل»ترامواي» لأن الناس لم يتعودوا بعد عليه، رغم دخوله حيز الخدمة منذ سنة واستخدام أضواء تنظيم السير، أعوان خاصين، بالإضافة إلى الشرطة على مستوى هذه النقاط لتسيير الحركة المرورية والإشراف عليها، لكن ذهنية بعض الجزائريين وخاصة «الشطار» ممن يأخذون مسالك «الترمواي» للتخلص من زحمة المرور سيعرضه وركاب «الترمواي» إلى خطر كبير، ويرجع هذا حتما إلى مشكل الثقافة المرورية الذي لايزال مطروحا لدى المواطن الجزائري. كما أن «الترامواي» في حد ذاته يمثل خطرا في بعض المناطق، كطريق طرابلس بحسين داي، وبرج الكيفان، حيث تمر السكة على أبواب المنازل، ما قد يشكل خطرا على القاطنين بها خاصة الأطفال وهو ما يتطلب خطة دقيقة لتجنب حدوث الكارثة، خاصة مع الفاصل الزمني الذي لا يتعدى السبع دقائق بين كل رحلة. وبكل تأكيد فإن مثل هذه الوسيلة العصرية والمريحة ستضع النقل العمومي في مقام النوعية والعصرنة، لكن يبقى النداء موجها للمواطن لكي يحافظ على «الترمواي» الذي من المؤكد أنه سيلعب دورا هاما في حل مشكل التنقل والازدحام الذي طالما أرق المواطن الجزائري منذ سنوات خلت.