بسبب تردي الوضع الأمني بالمستشفيات يبدو أن أورام قطاع الصحة الذي يعيش في بلادنا أزمات مزمنة ومتشعبة عجزت الحكومات المتعاقبة عن إيجاد حلول لها، لم تقتصر على مشاكل نقص الدواء والاكتظاظ وغياب النظافة وارتفاع مستويات الإهمال والمحسوبية والفساد واللامبالاة فحسب، بل امتدت لتشمل أيضا أزمات من نوع خاص ازدادت حدتها في الآونة الأخيرة، إذ تطالعنا الصحف الوطنية يوميا بأخبار الاعتداءات الجسدية واللفظية على أطباء وممرضين، لاسيما بالنسبة للعاملين في أقسام الاستعجالات والإسعاف. وقد سجلت مصالح الأمن خلال شهر رمضان المنصرم تعرض أكثر من 7 أطباء في عدد من المستشفيات لضرب مبرح على يد أهالي مرضى وأحيانا من قبل المرضى أنفسهم، مما أحدث نوعا من الذعر والخوف لدى شريحة واسعة منهم. وإن كانت تصريحات كبار المسؤولين بوزارة الصحة، وعلى رأسهم الوزير ولد عباس، تأخذ طابعا تفاؤليا حيال هذا الواقع، فإن العاملين في حقل الصحة والنقابات أطلقت جرس الإنذار محذرة من تفاقم الظاهرة وانتشارها في ظل عدم مبالاة واضحة قد تكلف الصحة ضريبة باهظة في مستقبل الأيام. مستشفيات البليدة ..الداخل إليها ليس كالخارج منها أصبحت ظاهرة تردي الأمن عبر مختلف مستشفيات ولاية البليدة من الظواهر الأكثر انتشارا والتي أصبحت تثقل كاهل المواطن البليدي، لاسيما المرضى والطاقم الطبي القائم على مختلف مستشفيات البليدة وهو الأمر الذي أدى إلى تفشي ظاهرة العنف لدرجة أن مستشفيات الولاية أصبحت تشبه حلبات المصارعة بالمشادات اللسانية التي تصل في بعض الأحيان إلى حد العراك بالأسلحة البيضاء، كما وقع في بعض المستشفيات المعروفة. ومع تفاقم الأورام التي أنهكت قطاع الصحة بالجزائر، على غرار نقص الأدوية وضعف الخدمات الطبية، فإن ظاهرة الاعتداء على الأطباء والممرضين وتعرضهم للسب والشتم من قبل منحرفين أضحت مشكلا جديدا يؤرق المسؤولين على القطاع ومستخدميه من المواطنين والموظفين في نفس الوقت، حيث تعرض مؤخرا طبيب مختص بمستشفى بوفاريك لاعتداء جسدي داخل المصلحة من قبل أحد أقارب ضحية تعرض لحادث مرور. وحسب مصدر «البلاد»، فإن الطبيب المختص لم يقم بواجبه كطبيب تجاه الضحية، الأمر الذي أثار غضب أقاربه، وبعد مشادات لسانية جرت بين أهل المريض والطبيب وصلت إلى الضرب والسب والشتم، بحجة أن الطبيب طلب من أطباء المناوبة إجراء الفحوصات اللازمة للضحية بالرغم من أن هذا الأخير كان في حالة خطيرة لا تستدعي التأخير. وبعد حادثة الاعتداء على المراقب الطبي بذات المستشفى، طالب عمال مستشفى بوفاريك بتوفير الأمن في المستشفى، خاصة بعد تردي الوضعية الأمنية به، لا سيما بمصلحة الاستعجالات التي أصبحت عبارة عن مسرح للمعارك اليومية، في ظل عجز مختلف مقرات الأمن الواقعة ببلديتهم عن التحكم في هذه الوضعية المزرية حسبهم بعد أن صار قطاع الطرق يفرضون قانونهم الخاص بها، حيث إن هذه الوضعية باتت لا تحتمل في ظل لامبالاة الشرطة المحلية بانشغالاتهم التي اعتبروها مشروعة، وأضاف بعض العمال الذين تحاورت معهم «البلاد» أن السرقات والاعتداءات التي تسجل بصفة يومية هي دليل على غياب فعالية أعوان الأمن بالمستشفى، حيث لا يوجد سوى عوني أمن بمدخل المستشفى إلى جانب شرطي واحد فقط، وهو ما اعتبره هؤلاء لا مبالاة مصالح الشرطة في حماية المواطن المريض، مشيرين إلى الانتشار الفادح لاستعمال الأسلحة البيضاء المحظورة من قبل عدد من متعودي الإجرام الذين أصبحوا سببا في ارتفاع رواد مصلحة الاستعجالات بذات المستشفى الذي يستقبل بدوره ضحايا تلك الاعتداءات التي تكون نهارا جهارا دون أي رادع، حيث امتدت الاعتداءات إلى الزوار الراغبين في اقتناء زلابية وشاربات المدينة المعروفة عبر الوطن الجزائري تحت رحمة أصحاب مواقف السيارات العشوائية والذين لا يكتفون بتهديد من تسول له نفسه عدم دفع تسعيرة توقفه، بل ينفذونها بالاعتداء بالسلاح الأبيض وهي المشاهد التي تتكرر حسب السكان بمختلف شوارع بوفاريك. وفي حديثهم عن حادثة الاعتداء على المراقب الطبي بمستشفى بوفاريك، قالو إن المعتدي عليه جاء إلى المستشفى رفقة أمه المريضة إلى مصلحة الاستعجالات، للقيام بالفحوصات الطبية، حيث أراد هذا الأخير أن يدخل غرفة الفحص للطبيب دون أن يبلغ العون المكلف على مستوى مكتب الاستقبال للسماح له بالدخول، موازاة مع تواجد عدد من المرضى ينتظرون أن يحين دورهم للفحص الطبي، وأمام هذا الموقف تدخل الممرضون والأطباء المناوبون للقيام بواجبهم المهني، مؤكدين على أن كل مريض يجب أن ينتظر دوره للدخول إلى قاعة الفحص للطبيب، إلا أن المعتدي عارض التعليمات الموجهة في هذا الإطار، ولم يجد الفريق الطبي سوى الاستنجاد بالمراقب الطبي للتدخل، والذي تعرض إلى اعتداء على مستوى رجله، مما استدعى نقل الضحية على جناح السرعة إلى مستشفى فروحة بوسط مدينة البليدة، حيث تطلب الأمر إجراء عملية جراحية مستعجلة. بالمقابل قام الفريق الطبي من ممرضين وأطباء، بالتوقف عن العمل وطالبوا بتوفير الأمن داخل المستشفى تعبيرا عن غضبهم من الاعتداءات المتكررة التي تحدث من طرف جماعات الأشرار المنتشرة بالبلدية. الاعتداء على ممرضة بالعيادة المتعددة الخدمات بالعفرون قامت مجموعة من الشباب بالعيادة المتعددة الخدمات بالعفرون بالاعتداء على ممرضة كانت في مناوبتها الصباحية. وحسب مصدر «البلاد»، فإن عملية الاعتداء على هذه الممرضة جاءت بعد دخول هؤلاء الشبان إلى العيادة مطالبين بإجراء الفحوصات لصديقهم المصاب بجروح على مستوى كتفه، حيث طلبت منهم الممرضة الانتظار إلى أن يحين دورهم، وهو ما أدى إلى ملاسنات بين الممرضة والمريض الذي اتهمها بالتقصير في أداء مهامها وكذا عدم التكفل الحسن به حتى وصل به الأمر إلى ضربها، بالرغم من تدخل أعوان الأمن الذين كان عددهم لا يزيد عن ثلاثة، وهو ما اعتبرته الممرضة تهاونا من طرف مصالح المستشفى وكذا مصالح الأمن في توفير السكينة داخل العيادة. المرضى لا يعترفون بفساد الأجهزة ويحملون الطاقم الطبي المسؤولية وفي المقابل يشتكي بعض المرضى الذين التقتهم «البلاد» من خلال الاستطلاع الذي قامت به عبر مختلف المؤسسات الاستشفائية الموزعة بولاية البليدة من الوضعية المزرية التي آل إليها قطاع الصحة بمدينة الورود، حيث أكدوا أن أغلب قاعات العلاج لا تحتوي على أدنى شروط الصحة. كما حمّلوا مسؤولية وفاة بعض الرضع بعد عمليات الولادة إلى عدم الاهتمام واللامبالاة من طرف عمال الصحة بمستشفى «بن بولعيد»، حيث توفي رضيع بعد ولادة طبيعية وعادية. كما أن هذه التجاوزات تتكرر حسب والد هذا الرضيع والتي تعود إلى أخطاء طبية أودت بالعديد من الأرواح، ناهيك عن النقص الفادح في مختلف الأجهزة الطبية بمختلف مصالح الاستعجالات والتي من المفروص أن تحوي مختلف الأجهزة التي من شأنها أن تقدم العلاج السريع للمريض المستعجل، إلى جانب انعدام أبسط المرافق الضرورية من المرحاض، والأماكن الخاصة بالانتظار، هذه الحالة المزرية التي يعيشها سكان البليدة جعلتهم يقدمون في الكثير من الأحيان على شجارات بالأسلحة البيضاء ينتج عنها حوادث دامية تودي بحياة الكثير منهم إلى الموت الأكيد، ولهذا فهم ينددون بالتدخل السريع للسلطات الوصية من أجل حل هذه المعضلة التي أصبحت تؤرقهم يوما بعد آخر، خاصة مع انعدام أبسط الشروط الصحية والخدماتية للمواطن المريض.