تواصلت جولة المفاوضات غير الرسمية بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية أمس، تحت إشراف الوسيط الأممي كريستوفر روس. وهذا وسط إجراءات أمنية مشددة وتعتيم تام، بناء على رغبة روس الذي طلب من الفريقين المفاوضين عدم الإدلاء بأية تصريحات للصحافة، مخافة التأثير على سير المفاوضات التي يراد منها تجاوز المسائل الخلافية قبل المضي إلى جولة جديدة من المفاوضات الرسمية، التي نظمت منها أربع جولات في العامين الماضيين وباءت كلها بالفشل . وفي انتظار البيان الذي سيصدره روس، ويعرض فيه نتائج اللقاء، لم تصدر إلا تصريحات قليلة ومقتضبة، منها ما صدر عن الوزير الصحراوي المنتدب للشؤون الإفريقية محمد يسلم بيسط الذي صرح لإذاعة ''سوا'' الأمريكية بأن حل القضية الصحراوية، ''يتمثل بالخيار الديمقراطي للشعب الصحراوي''، علما أن بيسط ليس ضمن الوفد الصحراوي المفاوض الذي يرأسه رئيس البرلمان محفوظ علي بيبا، ويضم المنسق مع بعثة ''المينورسو'' الأممية امحمد خداد، وممثل البوليساريو لدى الأممالمتحدة البخاري أحمد. في حين يرأس الوفد المغربي وزير الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري، إلى جانب المدير العام للدراسات والمستندات (رئيس المخابرات)، والأمين العام للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ماء العينين خليهن. إلى جانب حضور وفدين من موريتانيا والجزائر، البلدين الملاحظين اللذين وجهت لهما الدعوة من قبل روس لحضور المفاوضات التمهيدية. ويؤشر تصريح بيسط على تمسك المفاوضين الصحراويين بخيار تنظيم استفتاء لتقرير المصير، ومن الجانب المقابل يمكن التكهن بسهولة بالموقف المغربي المتمسك بفرض أطروحة الحكم الذاتي، كأرضية وحيدة للتفاوض، وهذا على ضوء ما جاء في خطاب الملك المغربي بمناسبة عيد العرش، من تأكيد على التمسك بالحكم الذاتي، الأمر الذي يرهن نجاح جولة المفاوضات التمهيدية، وبالتالي يجعل المضي إلى جولة رسمية خامسة من المفاوضات بلا طائل، لاسيما وأن روس كان قد أكد أنه لن يتم تنظيم جولة خامسة ما لم تكن لديه ضمانات بخصوص نجاحها. وهذا ما يفتح المجال أمام عدة سيناريوهات. من بينها عودة الحرب إلى المنطقة، حيث توعدت جبهة البوليساريو باستئناف الحرب التي توقفت في العام 1991، بعد التوقيع على وقف لإطلاق النار تحت إشراف الأممالمتحدة، في حال فشل المفاوضات. وجاء موقف البوليساريو من العودة إلى الكفاح المسلح، بعد تبلور قناعة لدى الطرف الصحراوي مفادها أن المغرب كان المستفيد الوحيد من وضعية اللاحرب واللاسلم التي استمرت قرابة العقدين، وأن المملكة لا تملك إرادة في تسوية القضية وفق قرارات الشرعية الدولية، التي دعت إلى تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره عبر استفتاء حر ونزيه، آخرها القرار 8171، الذي دعا طرفي النزاع إلى مفاوضات بلا شروط مسبقة وبحسن نية، ''للتوصل إلى حل سياسي مقبول من الطرفين يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير''.