في القديم كان مصطلح المرأة يرتبط بالبيت و الاهتمام بالعائلة من زوج و أبناء ، وكان المجتمع رجالي بالدرجة الأولى ،و لكن اليوم تغيرت المفاهيم باقتحام المرأة عالم الشغل و تحقيقها الاستقلالية الاقتصادية و اتجاهها نحو التحرر أكثر فأكثر ، بحكم العولمة و تغير نمط العيش ،فبالرغم من أن نسبة النساء العاملات في الجزائر لا يتعدى 17 بالمائة ،إلا أن الرجل دائما يضع اللوم عليها إن تعرض للبطالة و يقول أنه منذ اقتحام المرأة عالم الشغل قلصت فرص عمل الرجل لأسباب متعددة اختصرها من صادفتهم "الجزائرالجديدة" في استطلاعها هذا. التحرر من سلطة الرجل ..هدف المرأة العاملة و مسعاها تتعرض المرأة في المجتمعات المحافظة كالتي نعيش فيها إلى الاستصغار و جعل دورها محدودا في العمل داخل البيت و تربية الأولاد حتى ولو كان طموحها أكبر بكثير من ذلك ،وترى بذلك المرأة الاستقلالية الاقتصادية هو المخلص الوحيد من سلطة الأب أو الأخ أو الزوج ، و لهذا تتشبث بالوظيفة كونها الأمل في تحقيق ذلك حتى لو كان الأجر زهيدا و لا يستوفي مجهودها ، ولكن تجدها تعمل من أجل أن تشتري ما تريد و تكسب سيارة و منزلا خاصا بها و حتى من أجل مساعدة الأسرة في المصاريف ،وبهذا تكون المرأة قد أثبتت وجودها داخل الأسرة و من ثم داخل المجتمع ،و تكسب إعجاب من حولها و تفرض نفسها و يكون لها الكلمة و الشورى في العائلة ، و بذلك تتخلص من السيطرة التي تفرض عليها من العائلة و من الزوج ،و لكن الكثير من النساء لا يرون القضية من هذا المنطلق بل يرون عمل المرأة يكسبها الاحترام و الوقار من قبل العائلة و من قبل الزوج كذلك ، و هو بالدرجة الأولى إثبات للذات و سعي لتحقيق الطموح الذي راودها منذ الصغر في أن تصبح شيئا في حياتها ، فالقضية تحقيق للأحلام و إنجاز لمشروع طالما راودها في حياتها و ليس التخلص من السيطرة و التمتع بالحرية . أنا بطال ..لأن المرأة تعمل أبدى الكثير من الشباب الذين استجوبتهم "الجزائرالجديدة" استياءهم من اقتحام المرأة عالم الشغل ، ليس فقط من تغير النمط الأسري و ما يصاحبه من تغير الوظائف و ابتعاد المرأة عن دورها كأم و كزوجة بالمعنى التقليدي ، و لكن يرونها السبب في تفشي البطالة في المجتمع الجزائري مستدلين بذلك إلى أن أغلب المؤسسات تشتغل بها نساء ، و هو ما يقلص حظوظ الرجل في الحصول على الوظيفة أمام الجنس الناعم الذي أصبح يزاحم الرجل حتى في الأعمال التي كانت حكرا عليه ،كما يعلق بعض الرجال عن هذا الأمر كون المرأة يد عاملة غير متمردة و ترضى بالأجر الزهيد ، أو لأنها لسبب بسيط امرأة نقطة ضعف الرجل كما سماها البعض ،ولكن يرى شباب آخر أن عمل المرأة ضرورة فرضتها الظروف المعيشية الصعبة و غلائها ، و لهذا اقتحام المرأة عالم الشغل أمر ضروري لتغطية المصاريف كون راتب الرجل وحده لا يكفي ،كما أن المرأة الآن صارت تتحصل على شهادات جامعية عليا تؤهلها لتتبوأ مناصب عليا مثلها مثل الرجل ، فالاحترافية هي التي تحدد الفرق ولا شيء غير ذلك . رجال يحنون إلى امرأة البيت و آخرون يستنجدون بالعاملة الكثير من الرجال يرفضون أن تعمل نساؤهم كونهم لا يحتاجون إلى ذلك الراتب الإضافي ، و عادة من يفكر بهذه الطريقة يكونون من ميسوري الحال ، و يرون في عمل المرأة تضييع للوقت و صرف عن القيام بواجباتها كزوجة و كأم و يفضلون التمسك بالمفهوم التقليدي للمرأة ، و كما أنهم يشتكون من المضايقات التي تتعرض لها المرأة العاملة من قبل بعض الرجال الذين لا يرون المرأة بما تملكه من قدرات و مؤهلات و خبرة مهنية ، بقدر ما ينظرون إليها كجسد و جمال و أناقة ، و استدلوا بذلك ببعض المؤسسات التي ترفض أن تشغل المرأة المتحجبة و تفرض مقاييس للجمال على الراغبات في الحصول على وظيفة ، ولكن على عكس هذا يرى بعض الرجال أنه لا عيب في عمل المرأة بل هو ما يثبت وجودها و يعززه ، و يسمح لها بفرض ذاتها في المجتمع و كم من امرأة تبوَأت مناصب عليا سيَرتها أفضل من الرجل، فالمسألة هي قضية قدرات ورغبة في تحقيق الذات و على الرجل أن يقف بجانب المرأة في مشوارها المهني كونها لم تتحصل على الشهادة لتبقى في البيت عاجزة عن فرض ذاتها و تصبح مع مرور الوقت كغيرها ممن لم تسمح لهن الظروف لمواصلة التعليم و الحصول على شهادة جامعية ، و كذا لا يرى بعض الرجال مانعا في عمل المرأة كون العصر حتم ذلك و التغير الحاصل في المجتمع و في نمط العيش فرض ذلك ، و أصبح اقتحام المرأة عالم الشغل أكثر من ضرورة ملحة ، بالإضافة إلى غلاء المعيشة و عدم قدرة الرجل المحدود الدخل على توفير متطلبات الحياة الكثيرة ،و لهذا تضطر المرأة إلى السباق مع الزمن للتوفيق بين المنزل و العمل حتى ولو كان على حساب صحتها و نفسها . أنيسة.ب