خرج الجزائريون في مسيرات مليونية في الجمعة العاشرة، لتأكيد تمسكهم بمطلبهم الرئيسي المتمثل في التغيير الجذري ورحيل كل رموز النظام، والتعبير عن رفضهم لخطط السلطة التي تعطي انطباعا بتمسكها بإجراء الرئاسيات التي حدد تاريخها يوم 4 جويلية. ككل جمعة تدفق الآلاف من المتظاهرين على ساحات وشوارع الجزائر العاصمة، منذ الساعات الأولى رغم الحصار الذي فرضته مصالح الأمن على كل المسالك والطرق الرئيسية التي شهدت طوابير لا متناهية من السيارات والحافلات بسبب كثرة الحواجز الأمنية التي نصبت ليلة الخميس إلى الجمعة كل الطرق الرئيسية شرقا وغربا وجنوبا، فالمرور كان شبه مستحيلا إلى أن المئات من الحراكيين أصروا على الوصول إلى وسط العاصمة لقطف رأس رئيس الدولة الجزائرية المؤقت عبد القادر بن صالح. ورغم الاختناق المروري وصعوبة الوصول إلى العاصمة بسبب توقيف وسائل النقل على غرار ” القطارات ” و الترامواي ” و ” الميترو “، إلا أن ساحات وشوارع العاصمة الجزائر مرورا من شارعي الشهيدة حسيبة بن بوعلي وشارع ديدوش مراد وساحة موريس أودان وصولا إلى ساحة البريد المركزي، احتلت منذ الصباح الباكر من طرف الآلاف من المتظاهرين الذي قدموا من مختلف الولايات المجاورة على غرار بومرداس والبويرة وتيزي وزو وبجاية . وظهرت ككل جمعة الأعلام ترفرف على سلالم مبنى البريد المركزي ولا شيء يسمع هناك سوى أهازيج وهتافات وأغاني سياسية مناوئة لرموز النظام على غرار عبد القادر بن صالح الذي فشل بحر الأسبوع الماضي في أول مهمة له ونور الدين بدوي الذي يتعرض وزراءه لمطاردة مستمرة في الميدان دفعت بعضهم إلى الخروج ” خلسة ” خشية من ملاحقة المواطنين لهم دون أن ننسى رئيس الغرفة السفلى للبرلمان معاذ بوشارب الذي اختفى عن الأنظار ولم يظهر له أثر منذ مدة. ولم تحد مطاردة القضاء لرؤوس الفساد في الاقتصاد والإدارات المدنية وحتى العسكرية وحبس رجل الأعمال الجزائري يسعد ربراب صاحب أكبر ثروة في البلاد في سجن الحراش وبعدها بساعات قليلة فقط لحقه الإخوة ” كونيناف ” المتهمين بتهم تكوين ثروة بطرق مشبوهة وقبلهم زعيم الكارتل المالي المحسوب على نظام بوتفليقة على حداد، من عزيمة المتظاهرين الذين يصرون على اقتلاع ” بقايا النظام ” من الجذور وجرهم إلى أروقة العدالة وعدم الاكتفاء ب ” كباش فداء ” لا يتجاوز عددهم يد الأصابع الواحدة. ورفع متظاهرون شعارات تطالب بالقبض ومحاسبة كل المتورطين في الفساد “، حيث ركز العديد منهم على ضرورة محاسبة كل العصابة، وعلى رأسها سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل، وهو ما يمكن ملاحظته في العديد من الشعارات المرفوعة. وعمد شباب إلى إقامة محاكمة لرموز النظام، وهم يرتدون زيا شبيها بذلك الذي يرتيه السجناء في الماضي، وهم يحملون صور بن صالح، حداد، سعيد بوتفليقة وأويحيى. كما يمكن ان نلاحظ شعارا كبيرا حمله المتظاهرون وهو "الأولية للشعب يتنحاو قاع"، وفي أحد الشعارات "الجيش والشعب مع العدالة من اجل محاكمة رئيس العصابة" وفي الشعار صورة للسعيد بوتفليقة. وفي إحدى الصور التي التقطتها عدسات التصوير الفوتوغراف في ساحة موريس أودان، ظهرت عجوز يحملها بعض الشباب على أكتفاهم معصبة الرأس بالعلم الوطني تحمل بين يديها صورة للشهيد عميروش كتب عليها ” بابا حارب فرنسا، وأنا نحارب ولاد فرنسا “. وفي وقت كانت ساحة البريد المركزي تعج بالمتظاهرين الرافضين لاستمرار رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في ممارسة السلطة في البلاد، أحكمت قوات مكافحة الشغب قبضتها على النفق الجامعي المؤدي إلى ساحة موريس أودان للأسبوع الثاني على التوالي والذي كان على مدار الجمعات الماضية رمزا للحراك وحمل لقب ” غار حراك ” وقامت بوضع حاجز بشري من قوات مكافحة الشغب في المدخل من جهة شارع باستور وفي الفتحة الأخرى المقابلة المقابلة لشارع محمد الخامس. ويبدو أن مصالح الشرطة أرادت تفادي سيناريو الجمعة ما قبل الماضية، حيث شهد النفق الجامعي حالات إغماءات داخله نتيجة استعمال الغازات المسيلة للدموع فيس ساحة موريس أودان المقابلة. ومثل الجمعة الماضية تجمع شباب مرتدين سترات برتقالية أمام النفق الجامعي، لمنع احتكاك المتظاهرين مع قوات الامن.