أودع عضو مجلس الأمة الفرنسي، رايمون كودراك وعدد من نظرائه في حزب ساركوزي الحاكم، الاتحاد من أجل حركة شعبية، مقترح مشروع قانون جديد يقضي بتعديل القانون رقم 2005- 158، الصادر بتاريخ 23 فيفري 2005 الممجد للاستعمار، والذي كان قد أدخل العلاقات الجزائرية الفرنسية أزمة غير مسبوقة. مقترح مشروع القانون تم إيداعه بناء على تقرير قدمته السيناتور،صوفي جواسان، المنتمية للحزب الحاكم أيضا، ويهدف إلى استكمال ما اعتبره المشروع "نقائص" تضمنتها المادة الخامسة من القانون، التي تتحدث عن التزام الدولة الفرنسية بحماية الجزائريين الذين عملوا لصالح الجيش الفرنسي أو ما يعرف ب "الحركى، خلال الثورة التحريرية". وجاء في نص المشروع القانوني: "المقترح الذي تم إيداعه من طرف رايمون كودراك، الممثل لمنطقة هيرولت، جاء ليستكمل قصور المادة التي تتحدث على اعتراف الأمة الفرنسية بمساهمة الجزائريين في خدمة الجيش الفرنسي، وحمايتهم من أية إهانة قد يتعرضون لها"، ويقول أصحاب المشروع إن مقترحهم يستهدف سد فجوتين في قانون 23 فيفري 2005، تتعلق الأولى بتقنين العقاب الجزائي لكل من يتطاول على هذه الفئة (الحركى) أو يشتمها، والثانية تتمثل في تمكين الجمعيات التي تدافع عن أخلاق وشرف وذاكرة هذه الفئة من الجزائريين الذين اختاروا في وقت سابق خدمة فرنسا، من ممارسة عملها والاعتراف بها وتمكينها من التأسّس كطرف مدني لجبر الأضرار في قضايا القذف والتشويه التي قد تطال الحركى. وتنص المادة الخامسة من قانون 23 فيفري 2005، على ما يلي: "يمنع كل شتم أو قذف يرتكب في حق أشخاص أو مجموعات، بصفتهم حركى حقيقيين أو مفترضين، أو أي محارب جزائري سابق عمل لصالح فرنسا على اختلاف أسلاكهم. يمنع أي اعتذار عن الجرائم التي ارتكبت ضد المقاتلين الجزائريين بعد اتفاقيات إيفيان. يجب على الدولة ضمان الامتثال لهذا المبدأ في إطار القوانين القائمة". وإذا كان المشروع لا زال في بدايته الأولى، فإن اعتماده من قبل البرلمان الفرنسي، يسمح بمتابعة أي جزائري يمكن أن يتعرض للدور السلبي لجماعات الحركى خلال الحرب التحريرية، كما يمنع هذا القانون في حال تبنيه، اعتبار هذه الفئة "خائنة لوطنها" كما هو متداول في المدونة الاجتماعية والسياسية والتاريخية للجزائريين. ومن شأن تبني هذا القانون أن يعرض الصحافيين الجزائريين الذين يكتبون ضد الحركى، وكذا المؤرخين وحتى المجاهدين الذين يعرضون إلى جرائم يكونون قد تعرضوا لها على أيدي الحركى والجيش الفرنسي، إلى المتابعة القضائية، وهي سابقة وتشكل انتهاكا غير مسبوق لحرية التعبير في دولة تعتبر نفسها مهد الحريات والديمقراطية. وكان قانون 23 فيفري 2005، قد أدخل العلاقات الجزائرية الفرنسية الثلاجة، غداة تبنيه من طرف البرلمان، وكان سببا مباشرا في إلغاء التوقيع على اتفاقية الصداقة التي كان الرئيسان بوتفليقة وشيراك قد أرسيا أسسها، خلال الزيارة التاريخية التي قادت الرئيس الفرنسي السابق، للجزائر في مارس 2003. ومعلوم أن ضغط المجتمع المدني والأسرة الثورية في الجزائر قد تكلل بحمل السلطات الفرنسية على إجراء قراءة ثانية للقانون المذكور، على مستوى المجلس الدستوري الفرنسي، انتهى بإلغاء المادة الرابعة التي كانت تتحدث عن إجبارية تعليم الدور الإيجابي للاستعمار الفرنسي في شمال إفريقيا في المدارس الفرنسية، التي يدرس بها الآلاف من أبناء دول الشمال إفريقي. وإذا كان تعديل المادة الرابعة من القانون السالف ذكره لم يخفف من حجم الغضب لدى الأوساط الشعبية في المستعمرات السابقة، فإن من شأن تبني المقترح القانوني الجديد أن يزيد من حدة التذمر الشعبي في الجزائر خاصة، وخاصة في ظل استمرار الشركات الفرنسية في حصد الصفقات التي تسيل اللعب، وكأن شيئا لم يكن. عمراني. ب