سيزور منتخبو مقاطعات الفرنسية "بوفانس" و"ألب" و"كوت دازور" الجزائر للمرة الثانية في الثلاثي الأول 2010 لغرض واحد مغلف برغبة سياسية باريسية وهو: التفاوض حول مشاريع جديدة سُحبت من بين أيديهم بقرار سيادي يتعارض مع الطموح الفرنسي في الجزائر. سيعود نفس رئيس الوفد الفرنسي، الذي استقبله الوزير الأول أحمد أويحي يوم 6 ديسمبر الجاري، في الثلاثي الأول من السنة القادمة وفي جعبته التفاوض من جديد على صفقات قد لا ترى النور أصلا ما دامت تتعلق برغبة فرنسية وباريسية لا تقول الأشياء بمسمياتها وتقتفي اثر التلميح ويتعلق الأمر في هذه الحالة بالتفاوض حول إمكانية التراجع عن إجراءات وصفتها شريكة "الارندي" الجديدة لويزة حنون "بالإجراءات السيادية"، والتي اتخذتها الحكومة في قانون المالية التكميلي، وتخص الاستيراد ومجالات أخرى وعلى رأسها الاستثمارات المبرمجة في الخماسي القادم. وقال رئيس الوفد، بعد لقاء الوزير الأول أحمد أويحي، "نعمل في إطار الاحترام الكامل للشعب الجزائري والسيادة الوطنية الجزائرية"، والظاهر أن الوفد الفرنسي نقل رسالة إلى باريس عن رفض حكومة اويحي التجاوب مع الرغبة الفرنسية التي يعربون عنها للمرة الثانية منذ قرارات جويلية "السيادية". واعترفت منطقة "الباكا" والوفد التي يمثلها ويمثل جنوب شرق فرنسا أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية أضرت كثيرا بالاقتصاد الفرنسي وخسارة غير مسبوقة تكبدها ميناء مارسيليا وتراجعت موارده بنسبة 40 في المائة دفعة واحدة، وانهارت مؤسسات صغيرة ومتوسطة في المنطقة الفرنسية المذكورة وكانت تبيع منتجاتها الحرفية في الغالب إلى مستوردين جزائريين وأجانب يُحملونها إلى الجزائر عبر ميناء مارسيليا. ويسعى منتخبو المقاطعات المذكورة لإيصال انشغالهم إلى السلطات الجزائر والجهاز التنفيذي بالخصوص عبر كلام مطاطي مثل هذه الجملة: "التباحث حول تأثير الأزمة العالمية، وسبل التصدي لها بالتعاون بين الجزائروفرنسا"، وبطرق أخرى وجسور مثل التبادل الثقافي وسبل تعزيزه "في إطار خصوصيات كل بلد". وحتى يبقي منتخبو المنطقة الفرنسية المذكورة حبل الود وإمكانية التفاوض مجددا يلقون في الآذان الدبلوماسية وحتى الوسطاء الذين قصدوهم في باريس على غرار سفير الجزائر ميسوم سبيح بالقول الآتي: "نحترم قرارات الحكومة الجزائرية والتدابير المتخذة" ويضيفون و"نسعى لإرساء شراكة وتعاون دائم". ولا تستبعد مصدر فرنسية استعراض ما بات يسمى "الخسائر الفرنسية من إجراءات قانون المالية التكميلي" في الزيارة الثانية مطلع السنة القادمة، ووقوع باريس في ورطة بسبب "البطالة الناتجة عن تجميد نشاطات الحرفيين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة" جنوب شرق فرنسا تبعا لفقدان حيوية كبيرة في نشاطات الميناء الجنوبيبفرنسا: مرسيليا. وكان اويحي اشترط على الشركاء الأجانب الراغبين في الاستثمار في الجزائر اعتبارا من شهر جويلية الماضي وجوب مشاركة شركاء جزائريين بنسبة 30 بالمئة من رأس المال، وهو ما ثار غضب الفرنسيين في المقام الأول.