هي باحثة أردنية متخصصة في قرابن عربي الصوفي الشهير صاحب كتاب الفتوحات المكية الذي دوّخ الدراسين بآثاره التي سار بها الركبان اسمها ليلى خليفة، قدمت إلى الجزائر بدعوة من مؤسسة الأمير عبد القادر. لتقديم مداخلة غاية في الأهمية، متخصصة في المعارف الأكبرية عنوانها "الجوانب العرفانية والفلسفة لمفهوم البيعة والعهد- والميثاق عند الشيخ الأكبر". وبغية التقرب من عالمها كباحثة قدمنا لها باقة منتقاة من الأسئلة، فكان لنا معها هذا الحوار. الجزائرالجديدة: من هي ليلى خليفة، حتى يتعرف عليها جمهور القارئين للجريدة؟ الدكتورة ليلى خليفة: أنا باحثة تخصصت لسنوات طويلة في دراسة ابن عربي الصوفي المشهور صاحب "فصوص الحكم" و"الفتوحات المكية" وكانت دراستي وشهادتي للدكتوراه حول هذه الشخصية الفذة تحت إشراف أستاذ كبير، ومنذ سنوات وأنا أتابع وبتعمق هذه الدراسة رفقة أستاذي الذي يعد من كبار المتخصصين الدراسين لابن عربي. * فيما تمثلت النقاط الرئيسية لمداخلتك خلال هذا الملتقى حول الأمير عبد القادر؟ ** أخذت الجوانب الفلسفية والعرفانية عند ابن عربي ومفهوم البيعة عنده، وفيما يتمثل روحها وسرها فهو يشمل ما تشير إليه الآية الكريمة "من يطع الرسول فقد أطاع الله" و"أن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم" وأيضا "أوفوا بعهدي أوفي بعهدكم" فيدخل ابن عربي مداخل عرفانية روحانية في البيعة، وهي متصلة بالخلافة بالإمامة لدى الإنسان وهي عامة عنده وقد تكون الإمامة الكبرى المعبر عنها بالخلافة، إذ كل شيء عنده في العالم كله قد بايع القطب، وهناك إمامة الإنسان على نفسه وأمامه الأستاذ على التلامذة على الأهل والأولاد، عند ابن عربي الإمامة تعني المسؤولية من باب "كلكم راع ومسؤول عن رعيته" ولحصول الإمامة والخلافة يتطلب ذلك وجود البيعة لأن الإنسان إذا أراد أن يعيش مع شيخ أو أستاذ قصد الإقتداء به، لابد له من طاعته وأن يعيش معه موافقا له، وإذا كان المقتدى يتلفت ولا يطيع لن ينجح ولن يتقدم لذلك مطلوب عند المبايع، وهذا وارد في جميع الأمور الدنياوية والدينية، وعليه فإن حكم البيعة عند ابن عربي جار في كل شيء، في كل مكان في هذه الدنيا سواء الإنسان بايع أو لم يبايع صافح أو لم يصافح وبهذا هو موكل نفسه لله، ولله الحجة البالغة. * ما تقييمك الأول لهذا الملتقى المنعقد بالجزائر؟ ** تعد هذه المؤتمرات بالنسبة للباحثة بشكل عام فرصة للالتقاء بنظرائه وحتى ولو لم تصل إلى المستوى العلمي المراد والمطلوب إلا أنها مفيدة خصوصا إذا كان فيه رغبة في الاتصال وتبادل البحوث العلمية، أو المبادرة في إيجاد مشروع بحثي يعين الأمة، ونرجو أن يأخذ هذا المؤتمر قرارات هادفة وحقيقية. * ماذا تأملين أن تكون أهم القرارات والتوصيات؟ ** والله أنا كباحثة أدرك أن ما ينفع الناس يبقى في الأرض، فواجب أن تكون البحوث حقيقية إذ الكلام الكثير لا يجدي، ولا يسمن ولا يغني من جوع. - كيف يمكن أن يساهم الفكر الصوتي في نهضة العالم العربي الإسلامي والجزائر تحديدا؟ ** والله التصوف أولا وأخيرا هو خلق وعلم لذلك دائما وكما جاء في الآية الكريمة "والقلم وما يسطرون" فقد جعل ربنا سبحانه وتعالى وربط بين نون والدواة بالقلم والخلق العظيم، "وانك لعلى خلق عظيم" وهذا يعني أن هذه الآية تمثل التصوف في أعلى تصوراته ومراميه. وهدفه الأسمى طبعا العلم مع الخلق، والخلق ينهض بالأمة، تصور أمة لا تملك أخلاقا كيف يكون مآلها ولنا في التاريخ عبر، وكما يقال في الأدب الصوتي كل من زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف والتصوف هو الصفاء. * ما هي أهمية ملتقيات من هذا النوع؟ ** كما قلت هي تسمح بالقيام بوحدات بحثية ولو أنها متخصصة وتصعب على العامة، لكن لابد من التوعية * ولكن كيف يمكن إيصال هذه المعارف الصوفية المتخصصة إلى الناس جميعا؟ ** نعم يمكن ذلك فأي علم والتصوف مثله مثل العلوم لابد له من لغة ومن دراسة لكن في أموره العامة كما ذكرنا آنفا، كمسألة الأخلاق ومكارم الأخلاق ومقاماتها ومكانتها، فهناك مثلا كتب عامة في التصوف كما في الرسالة القشيرية للإمام القشيري والد الإمام مسلم. * لكن بالرغم من هذا نجد أن التصوف قد يستعصى ويصعب حتى على الأساتذة الجامعيين فكيف السبيل؟ * بالفعل الدراسات الفلسفية والعرفانية تتطلب دراسات ونفس طويل فأنا مثلا خلال دراستي لابن عربي اضطررت أن أدرس فقه اللغة والشعر الجاهلي والحديث الشريف، بالإضافة إلى آلاف الصفحات التي كتبها ابن عربي، وهذا يعني أنك تحصد ما تزرع فكلما زرعت واعتنيت بأرضك كان حصادك وفيرا ومثيرا. * هذا يفيد أن المتصوفة خصوصا لما كتبوا وألقوا لهم إسهاماتهم في إثراء اللغة ورمزيتها ** بالفعل فالأمير عبد القادر الجزائري مستواه اللغوي رفيع وعال جدا رغم أنه كان في فترة عرفت الاستعمار وتكالبه ورغم ذلك فلغته أصيلة، ليست فقط لغة عربية ذات مستوى عال، وليست تلك اللغة الأصيلة المتعارف عليها. * على اعتبارك أردنية هاشمية كيف ترين العلاقة بين الجزائر والأردن ومدى تطويرها؟ ** أقول لك أن العلاقات جيدة، وهي على ما يرام، وهذا معيار مهم جدا فالأردن تسهل للجزائريين الحصول على التأشيرة والعكس صحيح، وقد كانت في السابق الزيارات قليلة لكن حاليا كل شيء على ما يرام. * وما السبيل إلى رفع وتطوير هذه العلاقات على الأصعدة الثقافية والعلمية؟ ** كلما زادت المشاريع الثقافية والمؤتمرات وبعثات الطلاب بين الأردن والجزائر كلما انعكس ذلك على الثقافة، فكما أن للتبادلات التجارية رواج وحضور واجب أن تكون الثقافة والتعليم والجامعات حاضرة فمن الواجب تبادل البعثات العلمية. * ماذا تريد الدكتورة ليلى خليفة أن تقول دون تحديد للسؤال؟ - هي تحية للأمير عبد القادر وشعب الأمير عبد القادر وشطرا لك على هذا اللقاء ولجريدة الجزائرالجديدة على هذا الحوار الشيق