تحاول المعارضة في الجزائر منذ رئاسيات 2014 لملمة موقفها للوقوف في وجه السلطة وإجبارها على التجاوب مع مطالبها لكنها لم تتمكن لحد الساعة من إيجاد الحل المثالي لتحقيق "الانتقال الديمقراطي" الذي تدعو إليه، رغم مساعيها الحثيثة في التحالف سواء بالتوحد تحت لواء قطب التغيير بزعامة علي بن فليس، أو بالانضمام إلى تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي تضم عددا كبيرا من الأحزاب المعارضة والشخصيات الوطنية والسياسية. وزادت "الضربات الداخلية" بعد انسحاب بعض الأحزاب والشخصيات من إضعاف المعارضة التي وجدت نفسها في مواجهة نفسها، وجاءت مبادرة الإجماع الوطني التي أطلقتها تشكيلة الأفافاس، لتوجه لها ضربة أخرى، فسارعت إلى رفضها المطلق، بعد أن أدركت أنها محاولة أخرى لتشتيتها، وفي ظل تمسكها بتطبيق توصيات ندوة مزافران، والبحث عن سبل تحقيق ذلك، تجد نفسها هذه المرة في مواجهة تحد آخر بعد أن أعلن الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، عن وجود مساع لإنشاء تحالف سياسي يضم أحزاب السلطة التي دعمت المرشح بوتفليقة في رئاسيات 17 أفريل، شبيه بالتحالف الرئاسي، للدفاع عن شرعية الرئيس التي ترفضها المعارضة. ويبدو أن حزب جبهة التحرير الوطني، الذي أماط اللثام عن مبادرة أحزاب السلطة بعد الإعلان عن ميلاد تكتل جديد شبيه بالتحالف الرئاسي الذي شكلته الطبقة السياسية باختلافها لدعم برامج الرئيس في 2004، بعد أن أطلق أول مشاوراته لهذا الغرض وتجسدت في أول لقاء بين الأفالان والجبهة الشعبية الجزائرية صباح أول أمس، بمقر الأفالان في إطار برنامج التنسيق الذي دعا إليه سعداني. ويرتقب أن تكون هنالك لقاءات مع حزب تجمل أمل الجزائر برئاسة عمار غول، وحزب التحالف الوطني للجمهوري الذي يقوده بلقاسم ساحلي، ولقاء آخر مع كتلة الأحرار الذي يحوز 52 مقعدا في البرلمان، تعقبها لقاءات أخرى مع أحزاب الموالاة لتشكيل تكتل لمساندة بوتفليقة، كما تم الاتفاق عليه بين كل الأحزاب التي دعمت ترشحه لولاية رابعة قبل الرئاسيات. ورغم حرص سعداني على التوضيح أن مبادرته الجديدة ليس تحالفا ضد المعارضة، وأنهم لا يهدفون إلى معارضة المعارضة وإنما الظروف السياسية الملحة حسبه هي التي صنعت هذا التوجه، إلا أن كل الدلالات ومن بينها قول سعداني إن بوتفليقة خط أحمر، وأنه يرحب ب "الذين لا ينتقدون مؤسسات الدولة وشخص الرئيس "، تشير إلى أن هذا التحالف بمثابة الرد على المعارضة التي تعارض السلطة الحالية، إضافة إلى قصف عمارة بن يونس الأسبوع الماضي لتنسيقية الانتقال الديمقراطي، حين وصفهم بالطامعين في كرسي الرئيس وطالبهم بانتظار انتخابات 2019. وأمام تحالف يلوح في الأفق للداعمين للسلطة الحالية، وأمام الاختلاف في الرؤى داخل المعارضة وضعف موقفها، هل ستتمكن التنسقية من تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود؟.