عرفت المنظومة التشريعية في الجزائر سنة 2014، شللا غير مسبوق، في عمر النشاط البرلماني، وهذا بإعتراف رئيسا الغرفتين التشريعيتين، عبد القادر بن صالح ومحمد العربي ولد خليفة، اللذان أقرا في مناسبتين متتاليتين ان الدورة الربيعية الفارطة تعد من أفقر الدورات في عمر البرلمان الجزائر على الإطلاق. وبرر رئيسا مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني فتور هاتين الهيئتين خاصة في الدورة المذكورة، بارتباط الهيئتين المذكورتين بالمواعيد السياسية التي حصلت أنذاك، خاصة منها رئاسيات 17 أفريل، على اعتبار أنها كانت معنية كغيرها من مؤسسات وهيئات الدولة الدولة في التحضير لهذه العملية السياسية والعمل على إنجاحها، فعلى مدار ستة أشهر كاملة للدورة الربيعية الماضية، لم يناقش البرلمان بغرفتيه سوى ثلاثة مشاريع قوانين، تتعلق بتعديل قانون العقوبات، للحد من ظاهرة التسول، من خلال تشديد العقوبات على كل من يستغل القصر في عملية التسول لاستعطاف المواطنين، بينما الثاني فيتعلق بقانون الجمارك، حيث تضمن موادا مشددة لتضييق الخناق على التهريب ومواجهة مافيا " الشنطة " لوضع حد لنشاط التهريب على كل الحدود الوطنية، كما ناقش وصادق البرلمان بغرفتيه خلال تلك الفترة التشريعية على الاتفاقية الدولية لترسيم الحدود البحرية بين الجزائر وتونس، ولحفظ ماء الوجه وإعادة الروح للمنظومة التشريعية خلال ذات الدورة، ومباشرة بعد إعلان الرئيس بوتفليقة عن حكومة سلال 3، المنبثقة عن رئاسيات 17 أفريل 2014. وبالضبط في الفاتح جوان، عرض الوزير الأول، عبد المالك سلال، مخطط عمل حكومته الممتد الى 2019، على البرلمان بغرفتيه، وإن كان قد تلقى انتقادات لادعة من قبل نواب احزاب المعارضة داخل المجلس الشعبي الوطني، ورغم اتهام سلال من قبل ممثلي التشكيلات الحزبية المعارضة في الغرفة التشريعية السفلى بتبدير المال العام وتوزيعه على الولايات خلال الزيارات التي قام بها الولايات الثماني والأربعين في حملة انتخابية مسبقة لبوتفليقة قبل موعد فتح باب الترشيحات لذات الانتخابات إلا ذات المخطط حظي بالمصادقة عليه بالأغلبية بالغرفة السفلى كما بالغرفة العليا. واختتمت الدورة الربيعية في الرابع والعشرين جويلية بتهمة الشلل والفشل التي تلاحق البرلمان المنقوص الشرعية والمزور في منظور المعارضة، شهران بعد ذلك، اي في الرابع سبتمبر الأخير، استأنف البرلمان اشغاله، بافتتاح الدورة الخريفية الحالية، بحضور الوزير وأعضاء حكومته لحضور مراسيم افتتاح هذه الأخيرة، وهي المناسبة التي استغلها كل من بن صالح وولد خليفة للحديث عن النقائص التي عرفتها الدورة الربيعية والعمل على تداركها خلال الدورة الجديدة، والتي عرفت العديد من مشاريع القوانين لمختلف القطاعات الوزارية، والبداية كانت بمناقشة قانون المالية لسنة 2015، في النصف الثاني من اكتوبر الفارط، ثم حزمة أخرى من القوانين درسها وصادق عليها نواب البرلمان، ثم حولت في إجراء برتوكولي الى الغرفة العليا ولقيت نفس المصير بتأشير أعضاء " السينا " عليها لتدخل حيز التنفيذ فيما بعد، وأهم القوانين في هذه الحزمة ذات الأثر الايجابي على الجبهة الاجتماعية، قانون النفقة لفائدة الطفل والمرأة المطلقة. قانون التعاضديات الإجتماعية، والآخر يتعلق بالتأمينات الاجتماعية لفائدة نواب واعضاء البرلمان بغرفتيه، والمنتخبين ممثلي الجالية الوطنية في المهجر في بلدا التمثيل، قانون عصرنة العدالة، التوقيع والتصديق الالكترونيين، قانون الصيد البحري وتربية المائيات، قانون العقوبات واخيرا قانونا الحالة المدنية لتحسين خدمات الادارة المقدمة للمواطنين، لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، بينما يرتقب ان تناقش عدة مشاريع قوانين قبل انقضاء الدورة الخريفية الحالية، وبهذه الحزمة الهائلة من مشاريع القوانين، يكون البرلمان قد تدارك العجز والشلل في أداءه في الفترة الربيعية السابقة، ناهيك عن الأيام البرلمانية والدراسية والتكوينية التي نظمها البرلمان بغرفتيه خلال الدورة الحالية التي يسدل الستار عنها في الثاني فيفري المقبل، وفي السياق ذاته، عرف البرلمان بغرفتيه عملية سياسية خاصة به، جرت وقائعها شهري جويلية وسبتمبر وتتمثل في انتخابات تجديد الهياكل بالهيئتين النيابيتين وهي الانتخابات التي أسقطت رؤوسا كبيرة كانت مصنفة في خانة ذوي النفود، خاصة بالمجلس الشعبي الوطني، حيث أفروت اسماء جديدة لتولي مناصب نواب ولد خليفة، وأزاحت ديناصورات عمرت طويلا في مناصبها القريبة من مراكز النفود والامتيازات ومنابع الريع، ويتعلق الامر على سبيل المثال لا الحصر، بكل من محمد جميعي، دليلة فورار وسليمة عثماني، وجميعهم ينتمون سياسيا ل" الحزب العتيد " صاحب الأغلبية في المجلس الشعبي الوطني، بالاضافة الى رؤساء المجموعات البرلمانية ورؤساء اللجان ونواب رؤساء اللجان ومقري اللجان بما يساوي 87 منصبا كان في المزاد، أجرت بخصوصها تلك الانتخابات، التي احدثت شورة وفتنة غير مسبوقة، عقب معارضة الأفلان والأرندي مشاركة تكتل الجزائر الخضراء في انتخابات تجديد الهياكل للمرة الأولى، بعد ان قاطعت ورفضت الانخراط في ذات الهياكل منذ تنصيب المجلس المنبثق عن تشريعيات العاشر ماي 2012، وقد تمكنت المجموعتين البرلمانيتين من قطع الطريق أمام رغبة مجموعة التكتل الأخضر، مع تهديد هذه الأخيرة بمنع كل مساعيها ته ومبادرتها مهما كانت داخل البرلمان، كما تميزت سنة 2014 كذلك، بانسحاب أحد اعمدة هيئة ولد خليفة التي مكث فيها لثلاث عهدات متتالية، اي منذ 2002، وينتمي حزبيا للتجمع الوطني الديمقراطي، والذي شغل منصب رئيس المجموعة البرلمانية لهذا الأخير وأيضا ناطقا رسميا باسمه، ويتعلق الأمر ب" ميلود شرفي" الذي تم تعيينه على رأس لجنة ضبط السمعي البصري، بينما سجل كذلك المجلس الشعبي الوطني، أول أمس، يومان قبل انقضاء عام 2014، سابقة في تاريخه، بالغاء جلسة مناقشة قانون تسوية الميزانية لسنة 2012، التي كانت مبرمجة ليوم أمس، بمبرر سوء الأحوال الجوية، تخوفا من عدم اكتمال النصاب القانوني، وهو الإلغاء الذي أدخل عشرات النواب في حالة تذمرو استياء، بسبب القرارات الارتجالية التي تتخذ ثم تلغى دقائق بعد اتخاذها بهيئة ولد خليفة .