النغم الذي يتغنى بالحب هو إسمنت العلاقات الإنسانية كان فضاء مكتبة الشباب بديدوش مراد، نهاية السنة المنقضية ، مسرحا لحلقة من حلقات الغناء الأصيل ، والنغم الروحي، فعلى خلفية إيقاع الكيتار الحالم ،ولمسات ونغمات البيانو المسافر بعيدا، فضاء رحبا للقادمة رأسا من الأغواط "مودر" الهولندية،مصحوبة ونادية مشري على البيانو ،كانت بمثابة الرحلة التي ختمت نشاطات سنة برمتها وكللت باقة الزهور التي زينت بستان فنون وثقافة الفني والفكري والثقافي،فاستمتع الحضور وأجمع على جمال الحلقة التي ختمت الحلقات ولمت الشتات . تقول مود ر أن التسجيل الألبوم المعنون " أغاني للعالم " وما يحتويه من نصوص غنائية يدخل ويندرج ضمن المقاربة الجديدة التي نحت نحوها ، وأن الهدف منها هو العمل على لفت ضمير المستمع حتى تنتج لديه أفكارا و أحاسيس ذات مواصفات وكيفيات عالية تستشف الحياة الباطنية للإنسان، بحيث تكون قادرة على تخطي عالمه اليومي والتغلغل في عالم جميل . قبل تعاطيها الموسيقى كمغنية وكاتبة ومؤلفة عملت " مودر " لسنوات لاستكشاف العالم واستكناه الحياة الباطنية، ومنه تولد لديها فكرة ومن تم مشروع نقل ذلك إلى عالم الموسيقى، ضمنته معارفها وتجاربها المكتسبة – وتضيف مودر- إن تجديد الموسيقى أضحى خلال القرن الماضي ضرورة وأدى غلى اكتشاف صنوف وأنواع من الموسيقى بعد أن ولى زمن الكلاسيكيات إلا أن الموسيقى الحديثة لم تستطع إيجاد البديل الذي يهب الرضا ويستحوذ على القبول، وبدا وكأن التجارب الجارية تدور في حلقة مفرغة، ولم تفد سوى صخبا ، ولم تكسب سوى ضجرا، حيث لا وجود للتساوق والهرمونيا والتوازن التي كانت تنحوه أعمال كبار الموسيقيين ، وأمام هذا الأمر تساءلت عن مصير الموسيقى . في نقدها الموسيقى الكلاسيكية التي لم يطلها التجديد والتي حسبها بقيت مجرد أصوات مزعجة . هل توجد موسيقى جميلة ؟ هو السؤال الذي يحير " مودر " ويبعث فيها التساءل و الإثارة وجعلته في أعماقها منذ العديد من السنوات وسافر معها في كل مكان تقريبا لتكمل به أبحاثها وكان وقعه شديدا حينما حاولت أن تمسك بإحدى خيوطه خاصة عندما انتسبت لفرقة الموسيقى العصرية بباريس ، أخفقت وترددت ، ثم سرعان ما عادت ، وكانت منجذبة للنصوص التي كانت توظف فيها لأنواع الشعر ،الأسطورية ، الرومانسية والدينية أيضا تتحاكى والدواخل الإنسانية وفي بعض الأحيان فلكلورية ولم تقتنع بها كثيرا كونها كانت سطحية أو متزمتة أو قديمة لا تخدم اللحظة التاريخية وحتى أمام الموسيقى الآنية لم تجد ضالتها ،لان النصوص لا تعالج عمق الحاجة الإنسانية ،وإذا حاكت الواحد "الالوهة " فتبقى فكرة تجريدية ،وقد أخفقت مثلما ذكرت مع المثقف الأوروبي العزوف عن الذي يصد الباب في وجه قبول الأفكار الروحية ولا تتعامل معها ، وفي الأغواط وجدت "مودر" نفسها وضالتها أمام دين جديد هو الإسلام، ضمن مجموعة شباب جمعتها وإياهام فكرة المقدس ،وقادها بحثها إلى الوصول غالى خلاصة هي أن الإنسان العصري إن وجد دربه المقدس سيحظى بتناغم وسلام أكثر في حياته وبنفس المنظور يمكنه أن يعيد منبع الجمال لموسيقاه. إدخال الروحيات في الموسيقى من أجل إيجاد النور المقدس " خذ السبيل " ألبومها الثاني الذي يضم عشرا من الأغاني التي تنغرس في التصوف نصا وتستلهم منه النغم و الموسيقى . هو مستوحى من قصيدة في مدح المصطفى عليه الصلاة والسلام " خذ السبيل يا مريد القرب ، واتبع دليل لحضرة العربي ،إياك تميل عن مذهب الحب ". "التوحيد كالنار مهما وقع على شيء إلا أحرقه وأذهب خبثه " من حكمته للشيخ العارف أحمد بن مصطفى العلوي مؤسس المدارس الصوفية الكبرى في العالم . يضم الألبوم عددا من العناوين ، الموسيقى تعزف في كل مكان تقول فيها هل تسمع الغناء السحري لهذه الريح بين الأشجار، الأنوار الساطعة ، ليلة صامتة، قصيدة النفس مستوحاة من حكمته " لا تترك نفسك وتعاديها بل اصحبها وابحث عما فيها " ، رجوع النهار ، سبيل الرجوع ، خذ السبيل . الحب الذي يضم الكون، تقول كلمات الأغنية " لا توجد كلمات بإمكانها وصفك، فهل يمكن وصف الريف أو تلألأ النجمات، لا توجد الكلمات ..بما يمكن مقارنتك ،أنت الموجود بداخلنا ولكنك منقطع النظير، فعندما أفكر فيك ،نور من داخلي يسطع ،فأنا ممتن لوجودك معي ، أنت هذ الحب الذي يضم الكون ، أعمق من المحيطات ،أوسع من السهول ، أنت بحق هذا الحب الذي يضم الكون، أعلى من الجبال، غنى مثل مطر الصيف ،أنت مثلي الاعلى في كل ما أفعل ، في كل خطوة أخطوها لا أفكر إلا بك ، ذاتك موجودة لكل واحد منا وللجميع ، أفكارك النيّرة صبرك وتحكمك ، في كل مرة أفكر فيك ،نور بداخلي يسطع .. "أحبك حبين "، عرفت الهوى مذ عرفت هواك ،وأغلقت قلبي عما سواك ،وقمت أناجيك يا من ترى ،خفايا القلوب ولسنا نراك أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاكا هذه المحبة هي التي ستحل حسب " مودر " كل المشاكل في الأخير " إياك تميل عن مذهب الحب " .