أبقى حزب التجمع الوطني على "سوسبانس" التردد في تحديد موقفه نهائيا من مبادرة الإجماع الوطني ل"الأفافس" بدعمه لها والانخراط فيها، أو بالامتناع وعدم المشاركة، ولايزال الغموض يكتنف بعض جوانبها في منظور قوى المعارضة المشتغلة بتكريس أرضية الانتقال الديمقراطي لهيئة التشاور والمتابعة، حيث اكتفى "الأرندي" فقط بمباركة ندوة الإجماع الوطني، وترحيبه بكل مبادرة من الداخل شريطة ألا تتعدى الخطوط الحمراء، المرتبطة بشرعية مؤسسات الدولة، بما فيها شرعية الرئيس بوتفليقة، الذي مكنته رئاسيات 17 أفريل الأخيرة من عهدة رابعة. وقال الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي عبد القادر بن صالح، "لا يمكن الحكم على هذه المبادرة وهي في المهد، لذلك فالوقت لايزال أمامنا لتحديد موقف حزبنا نهائيا من مبادرة الأفافس"، وذكر بن صالح الذي كان أول حزب استقبل قيادة جبهة القوى الاشتراكية في إطار المشاورات التي باشرتها مع الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية وممثلي المجتمع المدني حول مبادرة ندوة الإجماع الوطني، إن الأرندي يأمل في ان يكون لقاء آخر يجمع بين قيادة حزيه وأهداف نفس المبادرة، ثم فيما بعد تتحدد المواقف. ويفهم من ذلك ان حزب بن صالح الذي يعد ثان قوة سياسية في البلاد، ألقى بالكرة في مرمى حزب "الدا الحسين" الذي لا يرى بديلا عن إشراك السلطة في بناء الإجماع الوطني، عكس هيئة التشاور والمتابعة التي ترفض ان تكون السلطة طرفا في إحداث أي تغيير إلى جانب المعارضة، وتعتبر تحقيق انتقال ديمقراطي يهم قوى المعارضة دون غيرها. من جهته، القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، كمال قمازي، يرهن إنجاح مبادرة الإجماع الوطني بمشاركة السلطة والمعارضة بما فيها "الفيس" المحل، وقال بإمكانية ربط الصلات بين هيئة التشاور والمتابعة التي تطرح أرضية الانتقال الديمقراطي، ومبادرة جبهة القوى الاشتراكية الهادفة لإعادة بناء الإجماع الوطني واردة، اعتبارا من الأهداف المتقاربة التي تجمع الجانبين، وكان قمازي قد جمعه الى جانب بعض القياديين في حزبه الممنوع من النشاط، لقاء مطولا الأربعاء الماضي مع قيادة جبهة القوى الاشتراكية، وقال حينها ان فكرة إعادة بناء الإجماع الوطني ترمي من حيث المقصد لإحداث التغيير في الجزائر، وشبه ذلك بمسار الاستقلال الذي تطلب توحد جميع القوى للتغلب على الاستعمار، ولم يحدد كمال قمازي موقف الفيس المحظور من مبادرة جبهة القوى الاشتراكية التي قال عنها انها تتشابه مع مسعى التحول الديمقراطي لهيئة التشاور والمتابعة في نقاط عدة. ويرتقب ان يطلق الافافاس جولة ثانية من المشاورات حول مبادرته خلال الأيام القليلة القادمة، ويأمل ان تشارك قوى المعارضة التي قاطعت مشاوراته في اللقاءات المقبلة لإثراء المسودة النهائية للندوة بمقترحاتها وتصوراتها حول بناء الإجماع الوطني، من خلال الابقاء على ابواب جبهة القوى الاشتراكية مفتوحة أمام كل من تنسيقية الانتقال الديمقراطي وقطب التغيير وهيئة التشاور والمتابعة، وجميعها قاطعت لقاءات الافافاس السابقة.