رغم أن الجزائر تحتاج، وفق تقديرات دولية، حوالي مائة دولار للبرميل كمعدل للسعر، خلال 2015، من أجل الحفاظ على خططها التنموية ضمن نطاق واسع، إلا أن الارتفاع الملحوظ في الأسعار، في الأيام الأخيرة، وسعر برميل "البرنت" أكثر من 57 دولارا، يمكن أن يشكل رافدا من روافد الثبات الاقتصادي طبلة العام 2015 على الأقل. يأتي ذلك في وقت تسابق فيه الحكومة الزمن من أجل تقليل أثار انهيار أسعار النفط، خلال السنة أشهر الماضية، ومحاولة الدخول في مرحلة تنويع الاقتصاد الذي لا يبدو قريبا لحد الآن. وتعترف الحكومة، من خلال الوزير الأول عبد المالك سلال، أنها في أزمة وتقديرات المحيطين بالوزير الأول أنفسهم ظلت تتوقع أن لا يتجاوز سعر النفط قرابة 60 دولارا خلال السنة الجارية 2015. وقد حدث ذلك قبل أن تفاجئ تطورات الأيام الماضية الجميع بوصول سعر " البرنت "، وهو سلة نفوط تتضمن نفط صحاري الجزائر، إلى أكثر من 57 دولارا للبرميل، في حين كان بعض الخبراء يتوقعون انهيارا أكبر للأسعار ووصولها إلى 40 دولارا للبرميل مع حلول شهر فيفري الجاري. وأدت عوامل كثيرة تشمل، في جانب منها، تنامي العنف في لليبيا وتراجع "الصخري" الأمريكي، فضلا عن إعلان مجموعات نفطية عالمية التخلي عن بعض خططها الاستثمارية.. إلى تعافي الأسعار وهوا تعافي قد يستمر صعودا إلى أعلى، خلال السنة الجارية، مع رفع "أوبك" مؤخرا توقعاتها بشأن الطلب على نفط المنظمة بواقع زيادة قدرها 430 ألف برميل يوميا. وتكون الحكومة قد تنفست الصعداء بفعل هذا الصعود المفاجئ للأسعار غير أن حاجة الجزائر إلى سعر معادلة للميزانية يصل إلى متوسط 100 دولار للبرميل، يجعل الأمور لا تزال بعيدة دائما عن متناول الحكومة من أجل التحرك في راحة تامة. وبغض النظر عن الإجراءات المتخذة الرامية إلى التحكم في التجارة الخارجية ومكافحة تهريب رؤوس الأموال، والنتائج المحققة في مجال مكافحة السوق الموازية وتحسين تحصيل الجباية العادية، إلا أن التساؤلات لا تزال محيطة بقدرة الاقتصاد الجزائري على الأداء الجيد، لاسيما خلال السنة االجارية 2015، وسط تساؤلات عن "مفاجأت" قد يحملها قانون المالية التكميلي المنتظر شهر جوان المقبل. وتبلغ قيمة الاستثمارات العمومية التي خططت لها الحكومة برسم السنة الجارية 2015 ما يصل مائة مليار دولار، لكن بعض المتتبعين يشيرون إلى أن الحكومة قد تضطر إلى "التضحية" بعدد من المشاريع، تقول بعض المعلومات أنها ستكون تلك التي قد تستنزف الكثير من الأموال ولا تتسم بالطابع الاستعجالي. وفضلا عن ذلك كله، فإن التساؤلات تبقى مطروحة بشأن إعادة إطلاق القروض الاستثمارية، التي كانت الحكومة تراهن عليها في تقوية استهلاك المنتوج الوطني كشرط من أجل منح هذه القروض، غير أن إطلاق هذه القروض، مرة أخرى، لا يبدو أنه سيكون في القريب العاجل وفقا لبعض التقديرات بسبب الأزمة المفاجئة لأسعار النفط.