تنبئ الحرب الكلامية التي اندلعت بين الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، وغريمه في التجمع الوطني الديمقراطي، العائد أحمد أويحيى، عن صيف ساخن، وقوده حرب مواقع بين حزبي السلطة. فأحمد أويحيى الذي عاد مؤخرا للواجهة الحزبية، تحذوه رغبة جامحة في الحصول على موقع سياسي ريادي، يطفئ غليل تراجع أسهمه في الساحة السياسية، منذ أن أزيح من رئاسة الجهاز التنفيذي، وبعد ذلك من الأمانة العامة للتجمع الوطني الديمقراطي. وكان أويحيى وهو الذي لم يكن حزبه يتوفر على الأغلبية في المجالس المحلية والوطنية المنتخبة مقارنة بالغريم حزب جبهة التحرير الوطني، قد هيمن بكاريزما شخصه، على التحالف الرئاسي، الذي كان مشكلا من الأرندي والأفلان وحمس. واستطاع الرجل حينها أن يغطي على غريمه، عبد العزيز بلخادم وأبو جرة سلطاني، مدفوعا بموقعه السياسي كرئيس للحكومة. ويحاول أويحيى، استنساخ تلك التجربة اليوم، برغم تغير الكثير من المعطيات، أملا منه في أن يغطي على محدودية تمثيل حزبه في الحكومة وفي المجالس المحلية والوطنية المنتخبة، غير أن أمين عام الأفلان يكون قد تفطن لما يفكر فيه زعيم الأرندي، وبدأ في وضع "المتاريس السياسية" في طريق عودة أويحيى للواجهة، وذلك من خلال تأكيده على أن قوة الحزب تنبع من قوة تمثيله. ويتذكر من حضر الندوة الصحفية التي أقامها سعداني السبت المنصرم، والتي رد فيها على أويحيى "بعنف"، عندما علق على تصريح زعيم الأرندي الذي قال فيه إن الحضور السياسي لا يقاس بالأرقام، ليرد عليه الرجل الأول في الأفلان بقوله "إن الأرقام هي أهم ما في السياسية، وأويحيى رجل سياسي ويدرك ذلك". ومن الواضح، أن أويحيى يبحث عن تشكيل كتلة سياسية جديدة تذوب فيها الأحزاب ويختفي فيها عامل التمثيل، ليخرج حزبه مستفيدا كونه يحتل المرتبة الثانية من حيث الانتشار، لأن الأرندي ينام على الكثير من الإطارات لكنها توجد خارج اللعبة، وهم الذين كانوا يعولون على عودة زعيمهم كي ينتشلهم من الضياع. وإن كان العامل المتعلق بحرب المواقع، لا يمكن إقصاءه من التصريحات والتصريحات المضادة بين سعداني وأويحيى، فإن ذلك لا يخفي وجود صراعات تجري خلف الستار بين صناع القرار حول اقتسام المغانم في المرحلة المقبلة.