يعرف حمام أبعيش المتواجد بولاية سطيف توافد العديد من الزائرين من مختلف أنحاء الوطن الذي يقصدونه بغرض الشفاء من مختلف أمراض المفاصل والجلد والأوعية الدموية، ويعتبر هذه الحمام عبارة عن بركة مائية تقع بقرية لعزيب ببلدية عين لقراج، تعيش فيها كائنات حية تعرف عند أهل المنطقة بابعيش أو العليق ويطلق عليها اسم دودة العلق التي تستعمل في العلاج، أسرار كثيرة تخفيها بركة أبعيش تداولها الزوار وورثها أهل المنطقة جيل عن جيل، رصدنا لكم بعضا منها على ألسنة من كتب الله لهم الشفاء على يدي العليق. التداوي بدودة العلق يشبه الحجامة حيوانية وحسب أهل المنطقة فإن التداوي بحمام أبعيش أساسه دودة العليق، التي تتواجد تحت هذه البركة المائية التي تنموا بها أعشاب خضراء تتجمع تحتها المئات من حشرات العليق، وبمجرد غطس رجلي المريض بها تلتصق ديدان العلق بالجسم، وبعد دقائق تبدأ الدودة بامتصاص الدم الفاسد بواسطة أنياب صغيرة لا ترى بالعين المجردة، لتعود فتختفي من جديد تاركة جراحا خفيفة، وراحة لدى المريض لا توصف، ويصفها الخبراء أنها حجامة حيوانية، يقال أن هذا العلاج معروف عالميا حيث تعمل هذه الدودة على تجديد طاقة الانسان بواسطة الحجامة الحيوانية الطبيعية مع انتقال مادة حيوية مفيدة جدا من الدودة إلى جسم الانسان اثناء عملية الامتصاص، علما ان هذه الدودة تظهر عادة بعد ارتفاع درجة حرارة مياه البحيرة و التي تكون من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة الثالثة زوالا، ويقال أنه تختلف مدة الالتصاق حسب حجم الدودة ودرجة المرض وكل ما كان حجم الدودة صغيرا كل ما كانت أكثر فعالية، حيث يزداد طول دودة العلق من واحد سنتيمتر إلى15 سنتيمترا بعد امتصاصها لكمية من الدم الفاسد. فيها شفاء لامراض الروماتيزم و الجلد و غيرها و عن أسرار حمام أبعيش يسرد لنا البعض ممن زاروا المستنقع والذين كانوا من بين الذين كتب لهم الشفاء في هذه المنطقة و على يدي دودة العلق، حيث صرح لنا سليمان، 45 سنة، من العاصمة، والذي يعد أحد زوار الدائمين لحمام أبعيش، حيث كان يعاني من الصداع النصفي أو كما يسمونه بالشقيقة، مؤكدا أنه جرب الكثير من الوصفات الطبية و لجأ إلى العلاج بالطب البديل و غيرها من وصفات الشقيقة، لكنه لم يجد الشفاء إلا حينما لجأ إلى بركة ابعيش التي سمع عنها عن طريق صديق له يقطن بجوار المنطقة، وصرح لنا سليمان أنه بعد زيارته الأولى شعر بتحسن كبير لم يكن ليشعر به من قبل، ولم يصب بصداع منذ ذلك الحين، فيما يصفها عبد الرحمان، 44 سنة، الذي يقطن بولاية سطيف أن هذا الحمام مبارك و هو سبب شفائه من ألام المفاصل و الروماتيزم التي أقعدته لسنوات في الفراش، لكنه و بعد مداومته على التداوي بدودة العلق تماثل للشفاء، و أصبح قادرا على المشي من جديد دون معاناة ، كما ينصح محمود، 35 سنة، الذي أكد بدوره بركة هذا الحمام ناصحا كل المرضى بزيارة هذه البركة و التداوي بهذه الديدان التي كان لها الفضل في تحدي المرض و الشفاء من الالتهابات الجلدية التي يعاني منها والتي شكلت له عقدة نفسية كبيرة منذ سنوات، قائلا: "عانيت كثيرا من التهابات جلدية شوهت وجهي و جعلتني أكره النظر في المرأة، وقد زرت أمهر المختصين في هذا المجال لكن دون جدوى، وعندما جربت التداوي بديدان العليق تغيرت ملامح وجهي و أصبحت أحب نفسي من جديد، و أنتظر موسم حمام أبعيش بفارغ الصبرللعودة إليه من جديد''. النية الحسنة أهم شرط للشفاء غير أن العلاج بدودة العلق له شروطه الخاصة المستوجب توفرها لدى المريض حسب ما صرح به لنا بعضا من زوار هذه الحمام، إذ تقول الأساطير القديمة حول هذه البركة أنها لا تحب الديدان المتواجدة بها كل زائر، و أنها تفضل بعضهم على بعض حسب نواياهم و طبيعتهم، ومن أول الشروط المطلوب توفرها لدى الشخص الراغب في العلاج أن يكون نيته صادقة في الشفاء وايمانه بهذا العلاج، وهذا حتى تتمكن الديدان من الاقتراب إليه و الخضوع للعلاج، إضافة إلى تجنب الكلام القبيح الذي ينفر الديدان منه ويمنعها من الظهور، و من وجهة نظر آخرون أن دودة العلق لها مقدرتها على معرفة المريض الذي يستحق العلاج و الذي له نية صادقة في العلاج، في حين تهرب هذه الديدان هند سماعها الكلام القبيح الذي يجعلها تتوارى عن الأنظار، و غيرها من الأساطير التي حيكت حول هذا الحمام و سر علاج دودة العلق، يبقى حمام أبعيش أحد أهم أسرار المنطقة التي تأبى الإفصاح عن ما تحويه بداخلها. ورغم ما تزخر به الجزائر من ثروة طبيعية و معجزات ربانية، إلا أنها تظل مناطق بحاجة إلى التكفل و الاهتمام بها، فالزائر لحمام أبعيش يجد نفسه في ظروف صعبة بسبب عدم توفر أدنى شروط التكفل بالزوار ، إذ يضطر الزائر إلى جلب كرسي للجلوس عليه ماء للشرب و أكل إذا كان من منطقة بعيدة، علاوة أنها منطقة يمكن أن تغير الكثير محليا و الاستثمار فيها طبيا وسياحيا يعود بالخير على أهل المنطقة و على الوطن عموما.