شن الطيران الروسي، السبت، ضربات استهدفت مواقع لتنظيم "الدولة الإسلامية" في اليوم الرابع على بدء عملياته في سوريا، فيما واصلت الولاياتالمتحدة الاميركية تنديدها باستراتيجية موسكو الرامية إلى الدفاع عن نظام الرئيس بشار الاسد. وقالت وزارة الدفاع الروسية أمس ان سلسلة من الضربات الجوية التي شنتها خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية ادت الى تدمير مركز للقيادة وتحصينات تحت الارض تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية قرب مدينة الرقة، التي تعد ابرز معاقل التنظيم في شمال سوريا. وافاد مدير المرصد المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن من جهته عن ضربات جوية روسية "استهدفت مواقع للتنظيم غرب الرقة وشمالها بعد منتصف الليل"، مضيفا ان "دوي القصف سُمع في المدينة". وابدى الرئيس الاميركي باراك اوباما استعداده للتعاون مع موسكو حول الملف السوري شرط اعترافها بوجوب "تغيير الحكومة" السورية، فيما ترفض موسكو ذلك وتعتبر النظام السوري شريكا في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية. واستهدفت روسيا منذ بدء عملياتها العسكرية الاربعاء في سوريا مواقع للتنظيم المتطرف، اضافة الى مواقع تابعة لجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) ولفصائل اسلامية متحالفة معها، بحسب مصادر سورية والمرصد. كما استهدفت الضربات، على نطاق اضيق، مواقع تابعة لمقاتلي الفصائل المعارضة التي تتلقى دعما اميركيا. وتمكنت "جبهة النصرة" المدرجة من واشنطن على قائمة المنظمات "الارهابية، وفصائل اسلامية متحالفة معها ابرزها حركة احرار الشام، من التوسع خلال هذا العام على حساب قوات النظام وتحديدا في محافظة ادلب (شمال غرب)، في حين ركز تنظيم "الدولة الاسلامية" هجماته ضد الفصائل المقاتلة، وتمكن من الاستيلاء على مناطق عدة كانت تحت سيطرتها. وتؤكد موسكو ان ضرباتها تستهدف تنظيم "الدولة الاسلامية" وجبهة النصرة "ومجموعات إرهابية اخرى". وبخلاف دول الغرب، يصنف الكرملين اي فصيل يقاتل نظام الاسد ب"الارهابي". وتنتقد دول الغرب وفي مقدمها الولاياتالمتحدة الاميركية هذه الاستراتيجية الروسية، مصرة على وجوب الا تستهدف الضربات مقاتلي المعارضة الذين يتلقون دعما منها. وطالب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمس نظيره الروسي باعادة النظر في الضربات التي يشنها في سوريا، متهما العسكريين الروس ب"غض الطرف عن سقوط مدنيين قتلى". وقال اردوغان في حديث لقناة الجزيرة القطرية، بثت وكالة انباء الاناضول التركية نصه، ان موسكواكدت لانقرة ان ضرباتها ستستهدف تنظيم الدولة الاسلامية لكنها وجهت في الواقع ضد المعارضين السوريين المعتدلين. وتندد الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الغربيون بدعم موسكو المستمر للنظام السوري. وبحسب الاستخبارات البريطانية، استهدفت خمسة في المئة فقط من الضربات الروسية تنظيم الدولة الاسلامية، كما ان معظم الغارات "قتلت مدنيين" واستهدفت المعارضة المعتدلة لنظام الرئيس بشار الاسد. ويندد ناشطون سوريون بسقوط قتلى مدنيين جراء الضربات الروسية. ونشر احد الناشطين على موقع تويتر رسما كاريكاتوريا يظهر الاسد وهو يصوب مسدسا تجاه امرأة وأطفالها الثلاثة، فيما يقف خلفه بوتين وهو يحمل رشاشا ويعرض على نظيره السوري المساعدة. وأرفق الناشط الصورة بتعليق "جاء الاحتلال الروسي ليقتل من اطفال سوريا من لم يقتله المجرم بشار". وأحصى المرصد أمس مقتل 39 مدنيا بينهم ثمانية أطفال و14 مقاتلا منذ بدء الضربات الروسية في سوريا. وقال ان اثنين من المقاتلين من جبهة النصرة (ادلب) و12 آخرين من تنظيم داعش(الرقة). اعتبر تنظيم الاخوان المسلمين في سورية أمس ان " الاحتلال العسكري الروسي (لسورية) يمثل خرقا فاضحا للقانون الدولي". وجاء في بيان للاخوان أمس ان " روسيا تختار الحسم العسكري وتفجر خطة المبعوث الدولي (ستيفان) دميستورا، ما تزال العملية العسكرية للاحتلال الروسي مستمرة على مرأى ومسمع العالم الذي يتبنى مبادئ حقوق الإنسان ويدعم حق الشعوب في الحرية والكرامة وتقرير المصير". وكان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشئون المغتربين السوري وليد المعلم قد اكد في كلمة بلاده امام الجمعية العامة للامم المتحدة مساء الجمعة ان الإعلان عن بدء الغارات الجوية الروسية في سورية جاء بناء على طلب من الحكومة السورية وبالتنسيق معها، واعتبر هذه الخطوة "مشاركة فعالة في دعم الجهود السورية في مكافحة الإرهاب". وقال ان "دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المهمة لقيام تحالف دولي إقليمي لمكافحة الإرهاب لاقت اهتمام الحكومة السورية ودعمها". واشار بيان الاخوان المسلمين المحظورة في سورية "لم يكتف الاحتلال الروسي بالمضي قدماً في ترسيخ وجوده العسكري على الأرض السورية وحشد آلة القتل وبناء القواعد والتحصينات وتعزيز المواقع الإستراتيجية تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، بل انطلقت غاراته تستبيح الدم والأرض والسماء.. وتقتل أهلنا المدنيين العزل لا تستثني من ذلك النساء والأطفال". وقال "أن الطريق الوحيد لإنجاز الحل السياسي هو الحوار الوطني السوري- السوري دون أي تدخل خارجي".