ظهرت الحكومة بخطاباتها في السنتين الأخيرتين، مضطربة حيال "المستقبل المالي للبلاد"، مع أولى سيئات تراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية، وبالتالي تراجع إيرادات الجزائر من الورقة الخضراء، وظهر على خطابها العام تلكؤ غير مبرر سياسيا ولا اقتصاديا، بالمعنى العام، من بداية الحديث عن "التقشف"، بإنكاره أولا، ثم التصريح به ثانيا، واليوم تقر الحكومة "بوزرائها الذين أنكروا وجود أزمة مالية عاصفة" بالصدمة المالية التي دفعتها في ظرف أسابيع فقط لتجميد مشاريع تنموية واقتصادية، وتوالت التعليمات والأوامر في هذا الاتجاه، إلى درجة لم يسلم منها إشهار الصفقات العمومية، كحتمية لكل هذا. ولم تتوقف المخاوف الناتجة عن تهاوي البترول، وارتجاج وزير المالية أمام هاجس السعر المرجعي لقانون المالية، الذي نزل سعر برميل البترول تحته، وهو مؤشر أخطر على ما يحتويه صندوق ضبط الإيرادات. واليوم تلوح في الأفق تباشير غير مريحة للحكومة والشعب معا، مع بداية الحديث عن الاستدانة من الخارج، والمدخل قول بنك أوربي إن الجزائر تتفاوض معه من أجل الاقتراض. ووسط هذا الجو المكهرب، يخرج علينا مدير عام سونلغاز ويقولها صراحة "سونلغاز ستلجأ إلى القروض الأجنبية لتمويل استثماراتها"، وفي الأثناء يلاحق وزير المالية التجار والصناعيين لتحصيل الضرائب، ورسكلة الغرامات، ويداهن حتى ينساق هؤلاء وراء العملية ويدفعون ما عليهم للخزينة العمومية، ولسان حال عبد الرحمان بن خالفة يقول "انتم شركاؤنا"! وفي هذا الجو العام تطرح أسئلة قد تبدو"في غير محلها من الإعراب"، مع أنها مطروحة منذ سنوات، ولم تر إجاباتها النور، لأسباب سياسية.. ومالية أيضا، مثل "هل لتأجيل التقسيم الإداري الجديد علاقة بالتقشف"؟، علما أن التقسيم في حد ذاته يكلف ملايير من حيث الدمغات فقط، ناهيك عن المخصصات المالية كتحصيل حاصل. وهناك سؤال آلي يطرح، في حالة العجز القطاعي، المتوقع أسرع مما كان عليه الأمر في السنوات الماضية، ويتلخص السؤال في: متى تلجأ الحكومة إلى قانون مالية تكميلي لسد العجز الذي ظهر باكرا هذا العام؟. وهل الجزائر مجبرة على الاستنجاد بالتقنوقراط لتخفيف حدة الانهيار المالي وتسيير مرحلة التقشف بأقل الأضرار؟ في وقت يغلب على التركيبة الحكومية الحالية "الوزراء المناضلون"..