مقترحات وزارة المالية لمعالجة العجز تهدد مشاريع الاستثمار العمومي بالرغم من تعليمات الوزير الأول أحمد أويحيى، المتعلقة بضرورة توخي الحكومة الحذر في الإنفاق، واعتماد التقشف وشد الأحزمة، في تسيير المال العام، واصلت ميزانية التسيير ارتفاعها، بأزيد من 60800 مليار سنتيم، خلال السداسي الأول من السنة الجارية، في وقت سجلت فيه الخزينة العمومية عجزا ب 360 ألف مليار سنتيم، بعد أن كان في حدود 270 ألف مليار سنتيم، أي بزيادة تقدر ب 90 ألف مليار، هذا العجز الذي اقترحت وزارة المالية مجموعة من الإجراءات لتغطية العجز باللجوء إلى الساحة المالية، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الفائدة على القروض. * وبحسب مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2010، المصادق عليه في مجلس الحكومة أمس، فإنه على الرغم من صفارات الإنذار التي أطلقت بخصوص نفقات ميزانية التسيير، إلا أن المؤشرات أثبتت أن ميزانية التسيير تتزايد بصفة مستمرة، إذ سجلت زيادة في السداسي الأول ب 608 مليار دينار مقارنة بالسنة المنقضية، كما أن عجز الخزينة العمومية ارتفع بشكل كبير، وأرجعت الحكومة هذا الارتفاع إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في عدد من المجالات لصالح تحسين مستوى معيشة المواطن، وكذا بعض الإجراءات التضامنية التي جعلت الناتج الداخلي الخام يرتفع من 25 بالمائة إلى 33 بالمائة أي بزيادة تقدر بفارق 8 نقاط، وهي نسبة التضخم التي تعد عالية جدا، على اعتبار أن توصيات الاتحاد الأوربي توصي بعدم تجاوز الناتج الداخلي الخام المحلي نسبة 3 بالمائة. * ولأول مرة تقدم وزارة المالية على اقتراح مسالك جديدة لتغطية العجز غير صندوق ضبط الإيرادات، الذي سيسجل عند نهاية السنة زيادة مقدارها 560 ألف مليار دينار، تضاف إلى موارد صندوق ضبط الإيرادات الذي يحصي في الوقت الراهن 4316 مليار دينار، أي ما قيمته 59.1 مليار دولار، وذلك نتيجة تراكمات الفارق بين توقعات سعر برميل البترول وبين سعر السوق. * الحكومة ستلجأ لأول مرة لتغطية العجز المقدر ب 360 ألف مليار سنتيم في الخزينة العمومية، عبر ثلاثة مسالك إذ سيتم الاعتماد على موارد صندوق ضبط الإيرادات لتغطية ثلث العجز، أي سيتم سحب ما قيمته 1200 مليار دينار، الأمر الذي سيؤدي لخفض أموال صندوق ضبط الإيرادات إلى حدود 3680 مليار دينار، أما السبيل الثاني لتغطية العجز فسيكون بتحرك الخزينة العمومية لتحصيل أموالها عند الغير، إذ يتعين عليها تحصيل ما مقداره 500 مليار دينار من محيطها. أما المقترح الثالث لتغطية العجز فيتعلق بلجوء وزارة المالية كممثل للخزينة العمومية للساحة المالية للاقتراض، لتغطية ما تبقى من العجز، هذا الإجراء يحمل جانبا من الخطورة على حظوظ المؤسسات الخاصة، إذ أن اللجوء للساحة المالية من شأنه أن ينعش هذه الأخيرة، على خلفية زيادة الطلب الذي سيؤثر على العرض، وبالتالي قد تتقلص حظوظ المؤسسات الخاصة في الحصول على قروض، الأمر الذي سيؤثر تأثيرا مباشرا في تكلفة الإنتاج والاستثمار التي سترتفع، مما يشكل جانبا من الخطورة كذلك على مصير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "الموعودة" بشق كبير من مشاريع البرنامج الخماسي، الذي خصص له 286 مليار دولار. * في سياق مغاير احتفظت وزارة المالية تقريبا بنفس الإطار "الميكرو" اقتصادي، إذ أن السعر المرجعي لسعر البترول بقي عند نفس المستوى أي 37 دولارا للبرميل الواحد، كما أن سعر صرف الدولار والأورو احتفظ بنفس المستويات، كما تم اعتماد نفس نسبة التضخم.