تبدأ الفتيات مع بداية هذا الموسم من كل عام حملة ريجيم قاسية، استعدادا لمناسبات الأفراح والأعراس، والظهور بجسم جميل ورشيق، ويعد الاستعداد للأفراح والمناسبات السبب الأول لتسارع الفتيات على الحمية، إضافة إلى اهتمام العروس بهذا الموضوع الذي لا يقل عن اهتمامها بجهازها، لتحضى بقوام رشيق في يومها المنتظر. وتستخدم كثير من الفتيات عدة برامج للريجيم، بعضها رياضي وآخر غذائي مقنن، بينما تفضل أخريات الجمع بينهما، فيما أخريات على الانترنات للحصول على هذه البرامج حتى أصبح هناك ريجيم الثلاثة أيام، والريجيم الأسبوعي وكذلك الشهر، عن الأسباب التي تقف وراء انشغال فتيات اليوم بموضوع الحمية التي باتت تشكل حلقة مهمة في حياتهن، قمنا بسبر للآراء حول عينة من النساء اللواتي عبرن وبصراحة عن الأسباب التي دفعت بهن نحو اتباع نظام غذائي وحميات تتنافى مع قواعد العامة للصحة. للحفاظ على زوجها لا على أناقتها ولا يقتصر الريجيم على الفتيات العازيات فحسب، حيث رصدنا العديد من النساء المتزوجات اللواتي يقبلن على اتباعه بشكل كبيربخلاف ما كان متعارف عليه سابقا، حين كانت الحمية آخر ما تفكر به المرأة المتزوجة، وعلى حد قولهن أن الرجل اليوم تغير ولم يعد نفسه ذلك الرجل الذي ينكب اهتمامه على البيت والأولاد بعد الزواج، بل أصبح اهتمامه بجمال المرأة وأناقتها لا يقل عن اهتمام العازب، بل يفوته أحيانا، لتجد المراة نفسها مجبرة على الحمية للحفاظ على زوجها لا على أناقتها، وتقول أمال، 44سنة، أم لطفلين:" أعاني كثيرا من طباع زوجي الذي يعشق الجمال والأناقة، وغالبا ما كان ينتقد جسمي وسمنتي، إلا أن قررت أن أتبع حمية لتخفيف وزني، والعجيب أنني استعدت قلب زوجي بفضل الريجيم" وهي هذا الموضوع أيضا صرحت لنا نورة، 36سنة، التي زاد وزنها بشكل كبير بعد زواجها، أن زوجها خيرها بين التخسيس أو الزواج من أخرى، كونه يحب الرشاقة ولا يقبل أن تكون زوجته بدينة، مضيفة:" يكفي أن زوجي كلما نظر إلى امرأة في التلفاز أخذ يقارني بهما، وينتقد دون أدنى إحساس بمشاعري، وأنا حاليا أتبع ريجيما يعتمد على الحليب منزوع الدسم والتمر وسأستمر عليه فترة أسبوعين آخذ بينهما أسبوع راحة، ثم أبدأ من جديد ". للتألق بقوام رشيق في حفلات وأعراس الموسم غير أن فئة أخرى من النساء يرين في الريجيم طريقا نحو التألق والأناقة بعيدا عن كل الأسباب، فلا دافع لهن سوى أن يتناسب فستانهن بجسمهن، ويحضين بالرضى على جسمهن، إنه أسلوب وطريقة عيش الطثير من فتيات اليوم اللواتي تستهويهن الموضة بشكل كبير، لدرجة أن استعدادهن للأفراح والأعراس لا يقل عن استعدادهن للامتحانات الدراسية، لاسيما وأن فساتين موضة العصر لا تتناسب طليا مع البدينات وتصمم خصيصا للمقاسات الصغيرة، وترى زهرة،23سنة، أن الوزن الزائد يحرم المرأة الكثير من المزايا، فعلى سبيل المثال معظم الملابس النسائية المتوافرة في الأسواق هي بمقاسات صغيرة، مضيفة أنه من الصعب الحصول على فستان جميل بمقاس كبير"، "ابنة خالتي" قبل زفاف أخيها بشهر ونحفت كثيراً مما أثار دهشة واستغراب الكثيرات مما دفعهن لسؤالها عن نوع الرجيم الذي اتبعته لتقليده. اهتمام عروس الموسم بالحمية قبل الجهاز والغريب في الأمر أن معظم عرائس اليوم أصبحن يولين اهتمام كبير بالريجيم بشكل لا يقل عن اهتمامهن بالجهاز، هذا ما صرحت به لنا العديد من الفتيات اللواتي التقينا بهن بزنيقة العروسة بساحة الشهداء بالجزائر العاصمة، وقد صرحت لنا سمية،23 سنة، أنها شرعت باتباع حمية قاسية للحصول على فقوام رشيق وجسم أنيق يتناسب مع فساتين التصديرة، فهي تريد أن تكون في غاية الجمال في يومها المنتظر، خاصة مع فستانها الأبيض الذي انتقته من تصميمات مشاهير الغرب والواتي يحضين بخصر ضيق، وهي في صراع كبير مع شهيتها التي تمكنت من ضبطها واتباع الريجيم على أصوله دون أخطاء. ومنهن من تخشى من العنوسة ومن أهم ما صرحت لنا به العديد من الفتيات حول اقبالهن الكبير نحو الحمية والاهتمام بها إلى حد الهوس، كانت اجابة البعض منهن بعيدا عن الجمال والأناقة، إنهن ببساطة يخشين العنوسة، فعلى حد قولهن ان شباب اليوم أصبحوا يولون اهتمام كبير برشاقة وقوامة جسم المرأة، والمرأة البدينة ينفر منها جميع الشباب، هنا تحكي سوسن تجربتها المريرة مع السمنة، وتقول: أبلغ من العمر 23 عاما، ووزني مايقارب 98 كيلوغرام، واخشى من العنوسة بسبب هذا الوزن، وأعاني كثيرا من نظرات السخرية والاستهزاء ونظرات العطف والشفقة في أحيان أخرى، مما يضطرني كثيرا للانعزال وعدم مخالطة المجتمع إلا للضرورة، وقد دفعني ذلك إلى تجربة جميع أنواع الريجيمات الصحية وغير الصحية"، موضحة أنها استخدمت العديد من الخلطات والحبوب التي رأت مفعولها على من حولها وهي من العشابين والصيدليات مع علمها أنها قد لا تناسبها، ولكنها وصلت لمرحلة اليأس، مما هي فيه، وما يقلقها أنها حاليا غير متزوجة، مضيفة:"" من سيرضى بي وأنا بهذا الوزن المخيف؟"، وتصر فريدة وصديقتها سامية على اتباع ريجيم متوازن وتمارين رياضية بانتظام، مع بداية هذا الشهر، وذلك استعدادا لمناسبات الأعراس في الصيف، على أمل أن تضفر بعريس هذا الموسم. نفسيا: ضبط الحالة النفسية والاجتماعية تحدد الوزن وترى الاخصائية النفسية أمال راجح أن مفاهيم الجمال وصورة الجسم اختلفت كثيرا عن السابق، فقديما كان مصدر الهام الشعراء الفتاة البدينة المكتنزة، أما الآن فتغير الوضع تماما، ولعل السبب يعود لهيمنة الثقافة الموحدة شرقا وغربا بتصوير النحافة على أنها مصدر للجمال والرشاقة، مشيرة إلى أن ما ينقصنا كأفراد ومجتمعات هو النظرة التكاملية للشخص، فقد يطغى الجمال الداخلي على الجمال الخارجي، وقد يكون الجمال الخارجي مجرد صورة، فالأساس هو الداخل لأنه هو منبع الجمال والقبح، مؤكدة على أهمية الرضا النفسي، والرغبة الصادقة في التغيير مع التدخل الطبي الصحيح المناسب، ومراعاة طبيعة تكوين الجسم مع الريجيم، واختيار نوع الرياضة المناسبة، وأضافت أن الأساس في وزن الجسم يتوقف على الحالة النفسية والعقلية، فهناك من المرضى من لا يملك إدراكا حقيقيا لجسمه، فدائما يشعر أنه غير طبيعي، وهذا الإدراك الخطأ في بعض الأحيان يخلق له عقدة نفسية، فحلم الرشاقة والجمال يداعب أذهان الكثيرات، ويردن تحقيقه مهما كان الثمن، وربما هذا ما يدفعهن إلى اتباع أنظمة مختلفة من الرجيم، سواء كانت هذه الأنظمة فعالة أم لا، وبغض النظر إذا ما كان لها تأثيرات سلبية على الجسم، وفي حال إخفاقهن في هذا الرجيم غير الصحي تصاب صاحبته بحالة من التوتر والاكتئاب، وأشارت إلى أن هناك قاعدة تقول انه كلما زادت ضغوطاتنا النفسية زاد التهامنا للطعام، فضلا عن أننا دائما نلجأ إلى "المقرمشات" على سبيل التسلية وهي تزيدنا تخمة، ويضاف لذلك قلة الحركة والتوتر النفسي المصاحب لذلك، فالباحث عن الرشاقة كما يحتاج إلى نظام غذائي رفيع لضبط المدخلات إلى جسده، فإنه في بعض الأوقات يحتاج إلى دعم نفسي، وهذا الدعم يكون بمساعدة الآخرين ممن هم حوله، وفي بعض الأوقات يكون هؤلاء هم سبب التعاسة ويشكلون ضغطا نفسيا على طالبة الرشاقة بنعتهم لها ببعض الألفاظ غير المناسبة واللائقة، ولذلك فمن المهم ضبط الحالة النفسية والاجتماعية وهو أمر في غاية الأهمية.