ألقى التوتر الدبلوماسي القائم بين الجزائروفرنسا، بظلاله على أشغال الدورة الثالثة للجنة المشتركة بين البلدين، على خلفية طريقة تعاطي الصحافة الفرنسية مع وثائق "بناما" وورود اسم وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب ضمن قائمة الأسماء المسربة، على تصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال، والوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، اللذان اتفقا على ضرورة تجاوز "المشاكل الصغيرة"، وتحفظ وزراء صاحبوا فالس، على الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، وهو ما فسر بتضامنهم مع صحافة بلادهم، في وقت لم يخفي كل طرف تمسكه بمواقف بلده إزاء قضايا دولية كقضية الصحراء الغربية والأزمة الليبية. سلال: "لوموند" أساءت كثيرا للرئيس وفي هذا الإطار قال الوزير الأول عبد المالك سلال، في أول تعقيب له، إن "جريدة لوموند هاجمت أحد رموز الدولة الجزائرية، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بنشر معلومات غير صحيحة وهذا أمر غير مقبول"، وتابع قائلا "لا يجب الوقوع في مكائد أطراف تحاول تعكير صفو العلاقات الجزائرية-الفرنسية". واضاف الوزير الأول قائلا "الجزائر لا تسجن الصحفيين ولا تمس أبدا بحرية الصحافة، ولكن الحكومة الجزائرية مطالبة بالحفاظ على صورة دولتها وهبتها"، مؤكدا أنه لا يمكن لأي أحد ان يتهم الجزائر بأنها ضد حرية التعبير، بل هي من بين الدول القليلة في العالم التي دسترت هذه الحرية وكل الصحفيين الفرنسيين مرحب بهم في الجزائر ولكن هناك خطوط حمراء لا يجب تجاوزها. وضع الخلافات جانبا.. وفي هذا السياق قال الوزير الأول عبد المالك سلال، في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح أشغال الدورة الثالثة للجنة المشتركة بين الجزائروفرنسا، أنه يجب ان يتفق البلدان على تحقيق مصلحة مشتركة، ملحا على وضع الخلافات والتوتر القائم على جنب، معتبرا أن العلاقات بين البلدين تتطور بشكل ايجابي، والمجالات التي يشملها حاليا التعاون بين فرنساوالجزائر عديدة، وقال أنه سيتم التوقيع في الاشهر المقبلة على العديد من الاتفاقيات، التي سيعتمد فيها على القدرات والإمكانيات المادية والبشرية التي يزخر بها الطرفان. الجزائر متمسكة بمواقفها تجاه الصحراء الغربية وليبيا وعلى الصعيد الدولى، أبدى الوزير الأول أمام نظيره الفرنسي تحفظ تمسك الجزائر بموقفها إزاء قضية الصحراء الغربية وقال "نعترف بمأساة الشعب الصحراوي وحقه في تقرير مصيره ". وجدد سلال تمسك الجزائر بموقفها الثابت ازاء الأزمة الليبية، قائلا ان الجزائر مع الحل السياسي في ليبيا، وذكر أن الجانب الجزائري لمس تفهم الجانب الفرنسي بخصوص مواقف الجزائر من هذه القضايا، مشيرا الى ان الجزائروفرنسا تتقاسمان نفس التصور في العديد من القضايا الأمنية. التكفل بضحايا الإشعاعات النووية وتحدث عبد المالك سلال، عن اتفاقيات وقعها البلدين، قائلا أن الحكومتين الجزائرية والفرنسية اتفقتا على التكفل بضحايا الإشعاعات النووية، وإزالة التلوث الناتج عن التجارب النووية. تأجيل ملف "بيجو- سيتروان" وبخصوص التعاون الاقتصادي، كشف عبد المالك سلال، في سياق حديثه، عن تأجيل توقيع اتفاق الشراكة الجزائري الفرنسي لإقامة مصنع بيجو بالجزائر، وهو نفس التصريح الذي أدلى به وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، قائلا على هامش انطلاق فعاليات أشغال الدورة الثالثة للجنة المشتركة بين البلدين، أنه تم تأجيل التوقيع على هذا الاتفاق دون ان يقدم مزيدا من التفاصيل، فيما تم توقيع 26 اتفاقية أخرى شملت العديد من المجالات ابرزها الصحة والأشغال العمومية والعدالة والتربية والبناء. شراكة بين "توتال" وسوناطراك في الأفق وأعلن سلال توقيع اتفاق بين شركة سوناطراك وتوتال الفرنسية لإنجاز مصنع "البتروكيمياء"، في الأشهر القليلة القادمة. وتابع المتحدث قوله أن الجزائر اتخذت إجراءات عديدة لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، واختارت أن تتجه إلى التنمية، مضيفا أن الشراكة الجزائرية الفرنسية مهمة للبلدين خاصة مع تمتع الجزائر بمقومات نجاح الاستثمار، من استقرار سياسي ويد عاملة مؤهلة، وتحدث عن شروع الجزائر في انجاز أكبر ميناء حاويات في البحر الأبيض المتوسط ما سيسهل حركية القطاع الاقتصادي الجزائري، وأضاف أن التبادل الجزائري الفرنسي مبني على أساس الاحترام والثقة. فالس يدعو إلى طي صفحات الماضي وأعلن الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، أمس، في تصريح له عن تضامنه مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بخصوص قضية مع جريدة "لوموند" الفرنسية، مكتفيا بالقول أن كل الرسائل وصلت ويجب على الطرفين الآن النظر إلى المستقبل، وذكر أن الصداقة التي تربط الجزائروفرنسا يجب ان تتجاوز كل العقبات، لأن التعاون بين البلدين في الظرف الراهن أكثر من ضروري بالنظر الى تحديات تواجه البلدين، وذكر ان الشراكة بين البلدين تجاوز عمرها 4 سنوات، وتدعمت هذه الشراكة منذ زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى الجزائر، وأضاف الوزير الأول الفرنسي أن فرنسا هي المستثمر الأول في السوق الجزائرية خارج المحروقات وايضا في التجارة. وخاطب فالس المستثمرين الجزائريين المشاركين في أشغال الدورة قائلا "نحن هنا لمساعدتكم، ولنا ثقة كبيرة في القدرات التي تتمتع بها الجزائر، مضيفا "تنتظرنا الكثير من الأعمال في ميادين شتى لاسيما على المستويات الاقتصادية والصناعية والفلاحية وفيما يخص العلاقات الإنسانية".