بدأت مدينة المكلا في جنوب شرق اليمن تستعيد نمط الحياة الطبيعية بعدما طردت القوات الحكومية مدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، عناصر تنظيم القاعدة الذين سيطروا عليها لزهاء عام، عاش خلاله السكان في ظل الخوف وقيود اجتماعية متشددة. ولا تزال شوارع المدينة الساحلية التي يقطنها قرابة مئتي الف نسمة، وهي مركز محافظة حضرموت، تضم شواهد على القوانين التي فرضها التنظيم والشعارات التي رفعها وأرغم السكان على الالتزام بها. وسيطر الجهاديون على المدينة ومناطق اخرى في ساحل حضرموت مطلع ابريل 2015. ومنذ 24 ابريل، تخلو المكلا وجوارها من اي وجود علني لهم بعد عملية واسعة للقوات الحكومية شاركت فيها قوات خاصة سعودية واماراتية منضوية في التحالف الذي تقوده الرياض منذ مارس 2015 دعما للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ضد الحوثيين وحلفائهم من الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح. ويقول مجاهد الحيقي (22 عاما)، وهو احد سكان وسط المكلا، عن الفترة التي سيطرت فيها القاعدة، "كان عاما عشنا فيه الخوف والرعب". ويوضح لوكالة فرانس برس انه، اضافة الى الخوف من الاعتقال والدمار الناتج عن الحرب، "كان خوفنا ايضا من استقطاب ابناء حارتنا لتجنيدهم الى صفوفه والتأثير عليهم داخل المساجد". وتشير لميس الحامدي من سكان المكلا، الى ان عناصر تنظيم القاعدة "قاموا بالتضييق على الحريات (...) وضيقوا الخناق من خلال الاعتقالات ومضايقة النساء في الشوارع". وفرض الجهاديون على النساء "ارتداء الزي الشرعي، ووزعوا منشورات في الطرق تحدد هذا الزي، وتم الزام جميع متاجر الملابس بالتعليمات الشرعية" خصوصا لجهة بيع العباءات والرداء الطويل. ولا تزال في المدينة شعارات رفعها الجهاديون، منها "صوني ايتها المؤمنة الشريفة جسمك الطاهر من اعتداء الاعين الباغية وحصّنيه بالاحتشام". منع الموسيقى والافلام وفرض عناصر القاعدة هذه القواعد بالقوة والترهيب. ففي مطلع جانفي، اقدم مسلحون من التنظيم على رجم امرأة حتى الموت بتهمة الزنى والقوادة في المكلا. وفي اوت، قاموا بجلد عشرة رجال بتهمة الكفر وشرب الكحول وتعاطي المخدرات في بلدة الشحر القريبة من المكلا، والتي كانت ايضا تحت سيطرتهم. كما حظر التنظيم نبتة القات المخدرة في المكلا، ودمر مزارات واضرحة اسلامية قديمة، ما اثار غضب السكان. وترى الحامدي ان هذه الاعمال لاسيما منها الاعدامات، كانت تهدف الى "بث الرعب والخوف في المجتمع"، وان العديد من السكان اضطروا للقبول بالامر الواقع "خوفا من الاعتقال". وبحسب روايات الشهود، كانت عمليات الاعتقال تتم في الشارع من دون اي مسوغ، وغالبا ما اوقف رجال لمجرد رؤيتهم برفقة امرأة. ويقول صالح نصر "كانون يقومون باعتقال الشخص لمجرد انه يسير مع امرأة"، قبل ان يتبين لهم احيانا انها "شقيقته او زوجته او قريبة له". كذلك منع الجهاديون المظاهر الاحتفالية، خصوصا الموسيقى والافلام. وتقول علوية السقاف "بلغ حجم الخناق الذي فرضته القاعدة على اهالي المكلا، الى حد منع الاغاني في الاعراس والمناسبات. فقد اصدروا تعميما على صالات الافراح بمنع الاغاني ومنع الرقصات الشعبية للرجال". ويؤكد عيسى غالب الذي يملك مقهى للانترنت ان عناصر القاعدة طلبوا منه "مسح جميع الافلام والاغاني من الاجهزة كي لا تكون في متناول الزبون، واستبدلوها بأشرطة عن عملياتهم العسكرية والجماعات المتطرفة الاخرى في افغانستان والعراق وسوريا". وعلى رغم التضييق الذي فرضه التنظيم على السكان، الا ان العديد منهم يقولون ان الجهاديين امّنوا استمرار الخدمات العامة كالماء والكهرباء.