*- الدعوة إلى طبع ونشر كتبه وتسمية مدرسة باسمه بادرت مكتبة شايب دزاير التابعة للمؤسسة الوطنية للإتصال النشر والإشهار"أناب" في أخر سهرة رمضانية، إلى تكريم مسور بولنوار شاعر سور الغزلان أمام أفراد من عائلة الراحل وأصدقائه، وعدد من ملازمي الفضاء الثقافي من أوفياء المكتبة، فكانت جلسة ولقاء ثريا تعرف من خلاله الجميع على شمائل الراحل ووطنيته وكتاباته وأشعاره، هذا الرجل الذي تم نسيانه. ينتمي مسور إلى الجيل الذي أنجب المبدعين الكبار أمثال كاتب ياسين، مولود معمري، مولود فرعون، محمد ديب وغيرهم، هو من مواليد 11 فيفري 1933 بسور الغزلان، كبر في مدينته التي أحبها وعاش شبابه في فترة الاستعمار البغيض واكتسب الوعي وهو لا يزال يافعا، من الظلم واللاعدل الممارس ضد الجزائريين من قبل السلطة المحتلة. أبدى الكثير ممن عرفوا الرجل والشاعر وتعرفوا على مساره في طريق الإبداع، على غرار أخت المناضل الراحل موريس أودان التي التقت به في مسقط رأسه سور الغزلان. ترك بولنوار دراسته وعمره 17 سنة لأسباب مرضية بحتة حيث كان يعاني من داء السل الرئوي، بعد سنوات من ذلك، انخرط في الحركة الوطنية وهو يرى الظلم الاستعماري في 8 ماي 1945، ووعود فرنسا الفارغة الكاذبة غداة الحرب الكونية الثانية، ليمر إلى النضال الفعلي والعمل الثوري النشط، مما كلفه دخول السجن وزنزانات "سركاجي" ما بين سنتي 1956 و1957، وهناك في السجن كتب قصيدته التي نظمها في ذاكرته "القوة الأفضل" التي انفتحت على "أكتب" وهو نص شعري معروف وهو من المختارات. بعد خروجه من السجن عاد إلى مزاولة أعمال مختلفة منها مؤّمن. بعد الاستقلال أصبح مدرسا ثم موظفا بالإدارة وانخرط في الحركة والحياة الثقافية والشعرية ولم يغادر مدينته إلا من أجل حضور المحاضرات أو الأماسي الشعرية التي كانت تنظم في الجزائر العاصمة. طبعت بعد أعماله في سنوات 1966، 1998، 2003 و2008. توفي الشاعر في 14 نوفمبر 2015 بمدينته الأثيرة مسقط رأسه. وفي اللقاء التكريمي قرأ نجله بعض نصوصه الشعرية الجميلة، وهو الذي كتب أطول قصيدة مؤلفة من 7 آلاف بيت خلال سنتي سجنه وأكملها فيما بعد. وقد ذكر الكاتب والصحفي الراحل طاهر جاووت في إحدى مقالاته المخصصة للشاعر بولنوار حول ديوانه "القوة الأفضل" حيث قال أنه قل ما يجد هذا المؤلف الشعري الذي صدر سنة 1963 نظيرا في الأدب الجزائري، إنها قصيدة طويلة من 7000 بيت بدأ نظمها سنة 1956، ولم تحدث أي أية قطيعة عن سجن بولنوار في سبتمبر من نفس السنة ولا تغيير في مجرى القصيدة التي ختمها سنة 1960 يقول جاووت بهذا الخصوص "هي عبارة عن نظرية تختزل عالم المآسي والمعاناة وصورة عاكسة لآلام تخبط شعب بكامله داخلها". تساءل بعض من حضر عن عدم وجود أي مدرسة أو مؤسسة تحمل اسم الراحل. ودعت السيدة مجاوي في تدخلها إلى تكوين الأساتذة والمربين المؤطرين القادرين على تكوين المواطنين. ومن جهته حيا حدادي وهو قريب من عائلة بولنوار زوجة الشاعر الراحل وهي التي كانت دائما واقفة إلى جواره، وقال بأنه كان يعجبه في بولنوار بساطته وتواضعه فلقد كان ابن الشعب لا غير. ومن جهته مهدي صديق العائلة قال بأن الشاعر لم يكن معروفا لأنه كان سابقا لمجتمعه. أما ابنة مسور بولنوار، فقالت أن كتبه طبعت لكنها لم تحظى بالتوزيع، كما تعرض للتهميش وهو الذي ساهم في خلق مكتبات وبناء مساجد وتحويل كنائس الخ، وأجمع أن الشاعر كان يقرأ كثيرا خصوصا الكلاسيكيات، بلزاك، راسين، نجيب محفوظ الخ. وفي رسالته التكريمية يقول عبد المجيد كواخ التي بعثها من تولوز، بأن الرجل كان رجل أدب ورجل كلمة وكانت شخصيته متكاملة مما أكسبه الاعتبار والتقدير من معاصيره وتبقى نصوصه ونصه القوة الأفضل من التراث اللامادي الفني في الجزائر، وقد تعلم منه الكثير حينما التقاه في زمن الشباب عن وطنه الجزائر وعن الثراء الثقافي العالمي والشعبي ووحده كان يمثل مدرسة، وتكريمه ومكافئته هو من خلال طبع ونشر ما عرف من كتاباته وما لم يعرف.