منى منصور السيد فرماوي قاصة وروائية مصرية و عضو اتحاد كتاب مصر، كما أنها عضو نادي أدب بولكلي الثقافي بالإسكندرية و رابطة الأدب الإسلامي العالمي،عضو نادي القصة بالقاهرة، تملك مني منصور العديد من الإصدارات في القصة منها «من أجل قتلي أغني»،» آخر ما تبقي لي، « دموع قطر الندى» ، إلى جانب رواياتي« أيام بلا حب »و «حلم أبي»، كما لديها تحت الطبع أيضا روايات « بصمة روح »، تابوت الماء، الفاتورة ،يوميات عارية ، ومجموعة قصصية بعنوان « أغاني لك»، التقينا بها فكان ها الحوار معها: - ما رأيك في واقع المرأة المصرية المثقفة ؟ - لطالما لعبتْ المرأة في مصر دورًا إيجابيًّا في شتى جوانب الحياة، منذ عهد الدولة الفرعونية سواء في السياسة أو النواحي الاجتماعية كزوجة و أم، فعلى عاتقها يقع تكوين المجتمع وتوجيه النشء، وهم كوادر المستقبل، وفي إطار مشروعات الدولة للتوعية وتثقيف جميع طبقات الشعب بمشاريع لدعم الكتاب الذي هو دعامة أساسية في رسالة التنوير، ومن أهم هذه المشاريع مشروع القراءة للجميع، المكتبات المتنقلة بين القرى و المناطق النائية في نواحٍ متفرقة من الريف، والمرأة المثقفة لها دورٌ بلا شك أكثر حيوية و أشد تفاعلاً مع ما يطرأ على ساحة الشارع المصري من قضايا ضد التطرف والإرهاب والتحرش الجنسي، بل والسعي لتجنيب الأجيال القادمة عاداتٍ موروثة أثبت العلم أضرارها على نفسية وصحة الطفل كالختان مثلاً، والزواج المبكر للفتيات، ويُعتبر ملف المرأة المصرية من أهم الملفات التي يتم تداولها في الساحة الثقافية، ويشغل حيز اهتمام الرأي العام المصري، كما أن الحركة النسائية في مصر من أكثر الحركات في العالم العربي المرتبطة بتنوير وتثقيف المرأة. - هل ظهرت المرأة في الحراك الأدبي بقوة في مصر؟ - بالطبع ظهرت المرأة وبقوة في الحراك الثقافي في مصر واحتلت مركزًا متميزًا في شتى أجناس الأدب وفنونه من سرد و شعر و نقد، وليس أدل على ذلك من حصر ما تطالعنا به وسائل الإعلام من أسماء الأديبات المصريات، خاصة وهذا الحوار متزامنٌ مع العرس الثقافي في مصر والمتمثل في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي سيجول مختلف المحافظات، وهذا العدد الهائل من المشاركات بإبداعاتهن الأدبية سواء بكتابهن أو المشاركات الثقافية في الندوات أو اللقاءات عبر وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك انتشار الصالونات الأدبية لهن لاحتواء المواهب الجديدة ودعمها حتى تفسح لنفسها مكانًا بين تلك القامات السامقة. - إن المباغتة والمفاجأة عنصر مهم بالنسبة لأسلوب الرواية، فالرواية أو القصة التي تخلو من هذين العنصرين تكون نمطية بسيطة ؟ - بلا شك أن الحبكة الدرامية والتقنية الفنية الجيدة، هي من تحدد الروائي أو القاص الذي يجيد استخدام أدواته وخاصة عنصر المفاجأة والمباغتة، فإذا كان الحدث متوقعًا من قِبَلِ القارئ فحتمًا سيجعل العمل الأدبي يخلو من إجادة التحكم في الطرح السردي، والتخاذل في ربط محاور الحدث، بل والفشل في التفكير المسبق لتداعي فكر القارئ وتلقيه منطقية الخط الدرامي للسرد، فمكاشفة الحدث يجعل العمل الأدبي بلا تشويق يجذب القارئ للعمل، وبالتالي يفقد العمل ركيزة من أهم ركائزه. - القصة القصيرة والرواية ثمرة من ثمار الثقافة الراقية، فإنها تعتبر ثقافة العصر التي يمكن تناولها في كل حين وبمختلف الظروف المكانية والزمانية ؟.. - نعم، فالتقنية وتوافر المقومات الفنية للقصة القصيرة ليست قيدًا على فرضية أنها تستوعب مختلف المواضيع ولا تخضع لوقت معين، فالباحث والنقاد لهذا الصنف الأدبي سيجزم بهذه الفرضية التي سمحت بتوافر القصة القصيرة لجيلٍ بعد جيل؛ ليضيف كل مبدع في منجزه الخاص بَصمته، كذلك هو الحال للفن الروائي رغم أن عالم الرواية شهد طفرة حداثية في أسلوب تناول الطرح (الحداثة في الرواية) والبعد عن الفكر الكلاسيكي الذي يفرض نمطًا محددًا لتناول العمل، بحيث يسير على وتيرةٍ ثابتة ونسقٍ تقليدي، هذا المفهوم الأرسطي تم تنحيته جانبًا واستبداله بتقنية حديثة تستخدم أشكالاً عديدة كالفلاش باك والرواية الدائرية، وما يتبع ذلك من التخلي عن وحدة رتابة الزمن وجموده، مفاهيم عديدة تناولها التغيير في طريقه للسعي نحو التطوير، بما من شأنه أن يُعلي من شأن التطوير ليتسع لمختلف المواضيع والأزمنة.. - لنتكلم عن مجاميعك القصصية ورواياتك، كيف جاءت فكرة التأليف؟ ما الذي يختلف بأحدهما عن الآخر ؟ - لديَّ مجموعتان قصصيتان مطبوعتان»آخر ما تبقى لي»، و«دموع قطر الندى»، وواحدة تحت الطبع «ترانزيت»، حين أبدأ بالكتابة فأنا لا أحدد أنها ستكون قصة من أحد المجاميع القصصية فقد أكتب تحت إلحاح حالة وجدانية تفرض نفسها على القلم حتى يعلن استسلامه التام لها، ويحيك لها منتهاها سواء تجربة خاصة أو قضية عامة، وسواء سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية، وحين أحصد عددًا لا بأس به من القصص أبدأ في التفكير في اسم المجموعة، وكثيرًا ما يقع اختياري على اسم أقرب القصص لنفسي. أما الرواية فالمنطق مختلف؛ إذ حين أحدد الموضوع أبدأ في ترسيخ دعائمه من أفكار، ومغازٍ، ورسائل، ورؤىً أحاول بقدر الإمكان أن أطرحها دون أن أفرضها على القارئ بقهر، لكن انتهج منطقي و أحرص على الحياد بقدر المستطاع. أما ما يفرق عملاً عن آخر فهي الغاية أو الهدف الذي أصبو أليه من جراء هذا العمل بمختلف مسمياته. - العنوان مهم في القصة والرواية فهو العتبة التي ندخل من خلالها إلى عوالم القصة والرواية وما يتخللها من أحداث ووصف؟ - بالطبع فالعنوان هو العتبة الأولى للنص ولا بد من أن يحمل جزءًا من فلسفة بناء النص، والكاتب الجيد هو من يبدأ عتبة عالمه الإبداعي باختيار موفق، فلا يجب أن يكون صادمًا أو بعيدًا عن طبيعة العمل حتى لا يطرق القارئ بابًا بطريق الخطأ. - أين ستصلين بكتاباتك الروائية والقصصية ؟ - أسعى بكل جهدي أن يصل منجزي الأدبي لدرجة جيدة تخلو بشكلٍ كبيرٍ من السلبيات، وما قد يشوب العمل من عيوب يمكن تداركها فحتمًا لا يوجد عمل يقترب من الكمال مهما حرصنا على تلافي أية شوائب، وفي أعمالي القادمة أطرق أبوابا جديدة للسرد، لم أفكر بها في البدايات، أكتب الشعر أيضًا ولكن لا أسعى لنشره فالعمل السردي يحتل تركيزي في المقام الأول. - يقال بأن كتابة القصة أو الرواية لها أهداف نفعية، ماهو رأيكِ؟ - لا أعتقد أن للكتابة عمومًا أهدافًا نفعية سوى متعة البوح ومعانقة الحرف، وإذا تعرضنا لهذا المنطق من وجهة مغايرة للمفاضلة بين القصة و الرواية فهذه الإشكالية كانت مثار جدلٍ كبير بين الكثيرين من الأدباء، ففي رأي الكاتب الكبير بهاء طاهر أن القصة القصيرة شهدت مجدها في الخمسينات والستينات، إلا أنها لم تعد الآن تحتل الصدارة في المشهد الثقافي وذلك لعدة أمور وهي أن دور النشر تركز اهتمامها على نشر الرواية دون القصة القصيرة وكذلك قلة عدد النقاد واهتمام وسائل الإعلام نفسها ينصب على الرواية دون القصة القصيرة، كذلك رأي الدكتور جابر عصفور أننا نعيش زمن الرواية لنفس الأسباب، وفي اعتقادي أن هذا الرأي هو ما يعبر بالفعل عن الواقع، مهما كانت الأسباب وهذا ما حدث معي بصفة شخصية فدور النشر الخاصة لا تهتم بنشر المجموعة القصصية بقدر حرصها على الرواية، فربما يكون القصد منه أن الرواية قد تكون مادة لعمل درامي سواء تليفزيوني أم سينمائي، لكن لم يكون قاصرًا على ذلك الصنف الأدبي، فهناك كتابة المسرح وتجسيدها في شكل مسرحية، رغم ذلك فالعمل الذي يتم تحويله لشكل درامي مهما كان نوعه فهو العمل الناجح الذي سيلقى قبولاً؛ وعلى ذلك فهناك أعمال أدبية تم تحويلها لعمل درامي بأكثر من شكل.