احتضن أمس منتدى الجمهورية ندوة تاريخية حول المجاهد الرائد محمد بن أحمد المدعو "سي موسى"، شارك فيها نخبة من المؤرخين والمثقفين وعدد من رفقاء هذا البطل الكبير، الذي يعتبر واحدا من أهم قادة الولاية التاريخية الخامسة. حيث استعرضوا في الذكرى ال 13 لرحيله، مساره النضالي و استحضروا مآثره، التي وقف عندها في البداية المجاهد شرفاوي محمد، الذي ساهم في تنظيم هذا اللقاء، حيث ذكر أن سي موسى يعد شخصية وطنية متميزة، استهل مساره المهني معلما، وساهم في تأسيس مدرسة الفلاح، وانخرط في العمل السياسي، وناضل طويلا في الاتحاد الديمقراطي لبيان الجزائر، إلى جانب فرحات عباس و كذا صديقه أحمد فرنسيس، كما عايش أزمة الحركة الوطنية بكل تفاصيلها، وفي سنوات الخمسينيات يضيف المتحدث، انضم الراحل إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية، حيث عمل مع الشهيدين بلقاسم زدور وحمو بوتلسليس، اللذين كانا من رفقائه المقربين، وفتح بالتعاون مع عدد من أصدقائه مقهى الوداد، الذي كان قطبا للوطنيين والمناضلين بوهران و بالجهة الغربية بشكل عام، بل ونقطة عبور للمجاهدين ومحطة حتمية لهم، و في غمرة اندلاع ثورة نوفمبر، يقول محمد شرفاوي، صعد سي موسى إلى الجبل في منطقة البيض بمساعد أحمد بسايح، الذي حضر هذه الندوة وخاض في تفاصيل عمله مع المرحوم ، حيث قاد مهاما جد صعبة أبرزها معركة جبل عمور، التي تحدثت عنها أكبر الصحف العالمية، على غرار صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، بعدها انتقل للعمل في الحدود الجزائرية مع المغرب، ثم كلف بتنظيم القيادة في الحدود مع تونس، إلى أن استدعاه بن خدة لقيادة هيئة الأركان، و بعد الاستقلال تفرغ للتجارة بمسقط رأسه بوهران، و كرس كل وقته لعائلته. وأدلى بالمناسبة الأستاذ و الباحث في علم الاجتماع بجامعة ليون الفرنسية عدي هواري، الذي تعذر عليه الحضور بسبب تواجده بالولايات المتحدةالأمريكية، بشهادته حول الراحل "سي موسى" الذي كانت تربطه به صداقة وطيدة، قرأها نيابة عنه الأستاذ منصور كديدات، أكد من خلالها على خصال هذا البطل الكبير، معتبرا إياه أحد الوجوه البارزة في جيش التحرير الوطني، تميز بشخصيته القوية و ثقافته العالية و خصاله الإنسانية و بصدقه و صراحته و تشبثه بأفكاره و بوطنيته إلى أبعد الحدود، حيث لم يحصل على امتيازات و لم يجري وراء المناصب العليا، لأنه كان يؤمن بأن كل ما قدمه عن قناعة في سبيل استقلال الجزائر، كان حبا لهذا الوطن و من أجل الكرامة ليس إلا، بدليل أنه كان يعيش في شقة جد متواضعة، فخورا بمساره النضالي، فحياته يقول هواري عدي، هي بمثابة أطروحة جامعية في التاريخ، نظرا لغناها بالعناصر والمعلومات المهمة والاجازات الكبرى التي ساهم في تحقيقها إبان ثورة التحرير المجيدة. اللقاء تميز أيضا بمداخلة المؤرخ و الباحث الجامعي بن عمر مدين، الذي اشتغل طويلا حول مذكرات المرحوم سي موسى، شأنه شأن عدي هواري، غير أنه فضل التحدث عن هذا البطل، كصديق مقرب له من جهة، وكمواطن وهراني من جهة أخرى، يعشق هذه المدينة، التي أنجبت أبطالا كبارا، من أمثال حمو بوتليليس وزدور بلقاسم المثقف الكبير وابن العالم الجليل الشيخ المهاجي، الذي كان أول جزائري يستشهد بسبب التعديب، فمند 6 نوفمبر 1954 يقول المتحدث، كانت وهران السباقة في تقديم أول شهيدين بالتعذيب وبالمقصلة، وهو البطل أحمد زبانة في 19 جوان 1956، فكل هؤلاء وغيرهم كانوا ينتمون إلى نفس الجيل، ويعوشون في مدينة لها خصوصية مميزة، كان يقطنها 240 ألف ساكن، 64 بالمائة منهم أوروبيون، و أقلية جزائرية لكنها فرضت نفسها، مدين أكد في معرض مداخلته، أن سي موسى كان لديه إلمام منقطع النظير بالتاريخ، الجزائري والعالمي على حد سواء، باعتباره كان قارئا جيدا يتميز بذكائه وبذاكرته القوية والمحيرة في نفس الوقت. الندوة التارخية هذه، تميزت بتكريم المجاهد الراحل سي موسى من قبل جامعة وهران 2 محمد بن أحمد، سلمها مدير الدراسات محمد بلوزاني لابن أخ الرائد سي موسى، مصطفى بن أحمد، وحضرها إلى جانب عدد من المثقفين وتلاميذ من ثانوية الحياة وابن باديس وباستور، وكذا مديرة مركز الاتفاقيات بوهران السيد سعاد شرشاب الذي يعتبر اول مؤسسة وطنية حملت إسمه، حيث بات اليوم أهم قطب اقتصادي على المستوى الوطني، كما شهد اللقاء وقفة عرفان للسيدة بن أحمد خديجة أرملة سي موسى، التي كانت رفيقة دربه وسنده في الحياة، و تحملت أعباء تضحياته و مساره النضالي، و دفعت ثمن ذلك غاليا إثر استشهاد ابنتها فاطمة الزهراء وهي لا تزال طفلة، وكان مسك الختام أوبيرات حول المجاهد الرمز الرائد سي موسى من تأليف السيد وحيد دوايزي.