نظم مخبر مخطوطات الحضارة الإسلامية في شمال إفريقيا، ملتقى وطني حول عملية بريد وهران 5 أبريل 1949، من خلال البعد الثوري و الإنجاز الوطني احتضنته أمس كلية العلوم الانسانية و الحضارة الإسلامية بوهران، شارك فيه نخبة من الباحثين و الأساتذة الجامعيين و المؤرخين، من مختلف ولايات من الوطن، الذين شرّحوا هذه العملية و ناقشوا عدة محاور هامة ذات الصلة بالمنظمة الخاصة و تنظيمها و انجازاتها إبان حرب التحرير الوطني، مع إبراز دور المشاركين في تخطيط و تنفيذ عملية بريد وهران، التي شكلت منعرجا مهما و حاسما في تاريخ الثورة، و المتمثلين في الراحل حسين آيت أحمد و أحمد بن بلة و بلحاج بوشعيب و بختي نميش و حمو بوتليليس و بوجمعة سويداني و عمر حداد و بن زرقة بن نعوم و أيضا الحاج بن علا و محمد خيذر و بن علي قديفي و محمد علي خيضر و غيرهم من المجاهدين، ممن خططوا و أعدوا و ساهموا في تنفيذ هذه العملية، التي كان لها تأثير قوي على المنظمة الخاصة و الحركة الوطنية، و أهميتها البالغة في التحضير لثورة الفاتح نوفمبر 1954، و ما خلفته من ردود أفعال، لا سيما من قبل الإدارة الفرنسية. تميز الملتقى بمداخلات عدد من الباحثين في تاريخ الثورة، و أيضا بشهادات حية من قبل من عايشوا هذا الحدث التاريخي، حيث استعرض الأستاذ محمد بلحاج كرونولوجيا عملية بريد وهران، من خلال التحقيق الأمني و القضائي الفرنسي، و غاص في أدق تفاصيلها مستندا في ذلك على الأرشيف و وثائق تاريخية، تتمثل أساسا في محاضر الشرطة و القضاء، و أيضا على بعض الشهادات التي تم تدوينها، و كلها سمحت بكشف مراحل هذه العملية، التي كانت الغاية منها هو الحصول على الأموال من أجل شراء الأسلحة استعدادا لتفجير الثورة، حيث كشف محمد بلحاج، أن فكرة هذه العملية البطولية، تعود إلى جلول بختي نميش، الذي كان عضوا في المنظمة الخاصة، و موظفا في البريد المركزي لوهران، وقد عرضها على الراحل أحمد بن بلة، باعتباره مسؤول المنظمة الخاصة بغرب البلاد، الذي ناقشها بدوره مع الراحل حسين آيت أحمد بصفته المسؤول الوطني لهذه المنظمة، حيث بدأ التحضير للعملية بشكل مكثف لأكثر من شهرين، من خلال المراقبة و توفير الوسائل اللوجيستيكية، غير أن المحاولة الأولى التي تمت في مارس 1949 باءت بالفشل، و تطلب منهم ذلك التريث شهراً كاملاً، إلى حين امتلاء خزينة البريد بالأموال من فروعها بوهران، حيث تمت العملية بنجاح و تمكنوا في نهاية المطاف من الحصول على مبلغ 3178000 فرنك فرنسي، وضع في بيت حمو بوتليليس، الذي سلمه إلى محمد خيضر لينقله إلى الجهات المركزية بالعاصمة، و به تم شراء الأسلحة التي فجرت الثورة. كما تطرق الأستاذ جمال يحياوي من جامعة الجزائر 2، إلى الظروف التي نشأت فيها المنظمة الخاصة، و قدم الأستاذ محمد عباس من العاصمة في مداخلته، شهادات تاريخية حول عملية بريد وهران، التي تماولها المشركون من زوايا مختلفة.