عبرت الجماهير الجزائرية عن استهجانها واستنكارها لنزعات العنف اللفظي والجسدي التي طغت على برامج الكاميرات الخفية التي تبثها مختلف القنوات التلفزيونية ، خصوصا بعد أن وقع الروائي رشيد بوجدة ضحية لأحد المقالب التي أساءت لاسمه ومكانته الأدبية والفكرية ، ما جعله يتوعد برفع دعوى قضائية ضد من حطوا من قيمته و مستواه بسبب ما اعتبره ابتزازا حقيقيا لحريته الشخصية ، وقد نالت قضية بوجدرة اهتماما بالغا لدى الرأي العام حيث سجلت لأول مرة سخطا واسعا، وتقول مصادر الجمهورية أن سلطة ضبط السمعي تلقت عبر العديد من الأساليب تحفظات حول هذا النوع من البرامج من قبل ضحاياها، كما حظي بوجدرة بحملة دعم ومساندة كبيرتين من قبل الذين اطلعوا على فحوى «الكاميرا كاشي» التي وقع ضحيتها، حيث بدا فيها غير مكترث «للدعابة» حتى بعد أن كشف له فريق البرنامج أنه ضحية لمقلب تلفزيوني، ليدخل صاحب «الحلزون العنيد» في حالة هيستيرية كبيرة . كلام بذيء وتصرفات تستفز الضحايا ومن جهتها تشهد وسائط التواصل الاجتماعي حالة من السخط والتذمر غير المسبوقين بسبب بعض برامج الكاميرات الخفية التي تبثها تلفزيونات خاصة، بعد أن طغى العنف اللفظي والجسدي على مضامين وفحوى المقالب، فأصبحنا نسمع العديد من المؤثرات الصوتية التي تدل على تلفظ الضحايا بكلام يعكس العنف اللفظي المصاحب في كثير من الأحيان بعنف جسدي وهو الأمر الذي لم يكن موجودا في مواسم سابقة، كما يلاحظ المشاهدون هذا العام تركيز المنتجين التلفزيونيين على كاميرات خفية استفزازية تميل إلى خلق حالة من الاحتقان والغضب بدل المقالب التي تنتج حالات حيرة ووضعيات تعجيز ودهشة أمام الأفخاخ التي يقع فيها الضحايا ،وهو ما جعل الجماهير تستنكر عبر صفحات الفايس بوك أسلوب الابتذال لإضحاك الناس، وتعنيف الضحايا بشكل غير مباشر، بينما الإبداع يكمن في تصور مقالب ذكية تضع الضحايا في مواضع مضحكة دون أن يتم ترويعهم أو إخافتهم أو اتهامهم بشتى أنواع الأساليب، وباعتبار أن برامج الكاميرا الخفية تعتبر المادة الدسمة الأكثر عرضا عبر القنوات التلفزيونية، أصبحت القنوات الخاصة تتنافس على إنتاج وشراء أفضل البرامج لضمان أكبر عدد من المشاهدات خلال الشهر الفضيل، ففيما لقيت البعض منها استحسانا لدى الكثير من المشاهدين، لقيت الأخرى استهجانا بسبب طابع الملل في أحيان كثيرة والعنف التي أصبح يطبعها، حيث تجد برامج تتحامل فيها على الضيف والجمهور معا ولا تقدم له أي إبداع في المقلب. اختطاف أطفال وضرب و مطاردة للعصابات لا يجد المواطن، حسب ما دار في مواقع التواصل الاجتماعي من معنى أن تقوم كاميرا خفية ببث الرعب في نفس مواطنة بسيطة، يتم توريطها في قضية اختطاف طفل صغير، والأمر ذاته يتكرر في كاميرا خفية أخرى، قامت بترهيب بعض الشباب بحجة قبولهم مساعدة فتاة تلعب دور شقيقة «بعض البلطجية»، حيث كاد قلب بعض الضحايا أن يتوقف من شدة الخوف وتحديدا من الضرب أو استعمال العنف، وهذا كله أمام مرأى الناس وأحيانا باستعمال الشرطة كذلك، وهذا ما يبرز أن حصص الكاميرات الخفية أصبحت تعمل على جلب أكبر عدد ممكن من المتفرجين دون أخذ بعين الاعتبار مشاعرهم. وكانت سلطة ضبط السمعي البصري قد وجهت بيانا للقنوات التلفزيونية عشية دخول الشهر الفضيل، تدعو فيها هذه القنوات إلى التحلي بقيم المجتمع الجزائري، والمرجعية الدينية الوطنية والإلتزام بالمبادئ ذات المنفعة العامة في البرامج التي ستبثها خلال شهر رمضان، داعية إياهم إلى «الانخراط بطريقة عفوية، في مسعى تنظيمي أخلاقي وجمالي يمكنهم من الإعداد السليم لشبكات برامجهم خلال شهر رمضان، بشكل يسمح لمشاهدينا من أن يجعلوا من هذا الشهر الكريم فضاء للصحوة الروحية والفكرية يجمع بين الأصالة والحداثة»، وفي انتظار تحرّك سلطة ضبط السمعي البصري، تبقى هذه القنوات الخاصة تبث مثل هذه البرامج التي اعتبرها الكثير من المتتبعين بعيدة كل البعد عن قيم الشهر الفضيل» وذهبوا إلى وصفها ب «الاستفزازية»، وهذا بعد مرور الأسبوع الاول من شهر رمضان.