سعدتُ بمشاهدة الفيلم الروائي الطويل " ابن باديس لمدة تقارب الساعتين ، في قاعة العروض بدار الثقافة بالحيّ الإداري بمدينة المسيلة ، عاصمة الحُضنَة .الفيلم للمخرج السوري الفلسطيني باسل الخطيب ، سيناريو وحوار الشاعر الجزائري رابح ظريف ، وبطولة النجم الجزائري يوسف سحيري ، وقد شارك في العمل طلابي الذين أصبحوا نجوماً نصر الدين جودي ، ومحمد عدلان بكوش ،كما شارك في العمل من أصدقائي وزملائي الفنانين حليم زريبيع ، والفنانة الجميلة الصديقة حجلة خلادي ، والقدير محمد زاوي وآحرون . بدأ العرض في الحادية عشرة مساء متأخراً كالمعتاد عن الموعد المقرر في بطاقة الدعوة ساعةً كاملة ، في ليلة الخميس العشرين من رمضان المعظم ، الموافق 15 من جوان2017 .تابعت باهتمام المناقشات والمداخلات التي تمت بعد العرض بين الجمهور والسيناريست ، ومراجع المادة التاريخية ، وبطل الفيلم ،وللأسف كانت معظم أسئلة المتدخلين من جمهور المشاهدين في مجملها خارجة عن النطاق .. وألتمس العذر للمتدخلين ، خاصةً في المسيلة ، لأن السينما مُغَيّبة تماماً عنها وعنهم ولأكثر من ثلاثين عاماً ، لندرة دور العرض ، أو عدم تواجدها ، زدار العرض اليتيمة سينما الحُضنَة كانت مُغلقة لعقود ، وكانت محل نزاعات وصلت حتى القضاء ، إضافةً إلى قِلَّة ، وشُح الإنتاج .وإني على يقين أن غالبية الحاضرين من الجمهور لم يحضر معظمهم عرضاً سينمائياً واحداً ، ولم تطأ قدميه دار عرض سينمائي في عاصمة الولاية ، فما بالك بعاصمة الوطن. دارت المناقشات والتدخلات والملاحظات بسطحيتها ، حول لماذا لم يضع يوسف بحيري إصبعه على خده ، كما كان يفعل ابن باديس ؟ !!! .، ياسبحان الله .. وحتى إذا لم يفعل الفنان يوسف بحيري ذلك ، فهل في ذلك ما يعيب أداء يوسف بحيري للشخصية ! سؤال آخر من أحد المشاهدين : لماذا لم يُقَبِّل مصالي الحاج تُراب الجزائر عند عودته للوطن من فرنسا (يقصد في الفيلم طبعاً) ؟ أُجيب : وهل الفيلم كان يدور حول شخصية مصالي الحاج ، أم عن ابن باديس ؟ هل كانت شخصية مصالي الحاج هيّ الشخصية المحورية في الفيلم ؟ .. مع العلم أن مصالي الحاج لم يتعدَى ظهوره على الشاشة دقيقتين على الأكثر ، من إجمالي مُدَّة الفيلم 120 دقيقة تقريباً . وحتى إذا لم يُقَبِّل مصالي الحاج تُراب الوطن ( في الفيلم طبعاً ) فهل ذلك ينتقص من وطنيته ، ودوره التاريخي ؟ .أيضاً مما أثيرَ على هامش الفيلم : لماذا لجأ المخرج إلى استخدام القوال ؟، ولماذا مخرجينا العرب يقعون في ذلك ( استخدام القوال ) كما فعل لخضر حامينا في وقائع سنوات الجمر ، ويوسف شاهين في صلاح الدين ؟ مع العلم أنني لا أتذكر أنه لا يوجد (قوال) في فيلم الناصر صلاح الدين وحتى لو حدث ، فما العيبُ في ذلك ؟ أليس فن ( القوال ) من التراث والموروث الشعبي المغاربي عموماً ، والجزائري خصوصاً ؟ فما الداعي لتجاهله ، إن أمكن توظيفه ؟، وألا يعلم السائل أن هناك سينما ملحمية ، تناسب في الغالب الأفلام التاريخية ، في المدارس والمذاهب الإخراجية ، تميّز فيها ، وبرع فيها مُخرجي السينما في أثينا واليونان ؟، وكان من بين الأسئلة : لماذا لم بتعرّض السيناريست ( السيد / رابح ظريف ) لرحلة ابن باديس إلى مصر ، والحجاز رغم أهميتها في تكوين شخصية وخبرات الشيخ ابن باديس سوى في جملة عابرة ؟ أُجيب السائل : يا سيدي .. ذلك فيلم حوالي 1200 دقيقة ، وليس سيرة حياة أو رواية في كتاب ممكن أن يحتوى على 400 صفحة أو أكثر .. السيناريست ، أيُّ سيناريست مُطالَبٌ أن يختزل سيرة حياة الشخصية العامة التي تستغرق حوالي 600 عاما في المتوسط قد تطول أو تقصر من الميلاد حتى الوفاة ، في مدة زمن الفيلم التي لا تتجاوز 120 دقيقة في أغلب الأحيان ، وعلى أكثر تقدير ..و بالتالي يكون السيناريست مُضطراً أن يتناول من أحداث حياة تلك الشخصية ووقائعها ومواقفها ما يخدم إبراز ملامح الشخصية وسماتها ، وينتقي ما يخدم الخط الدرامي وتسلسله، ويعتمد في ذلك على مدي أهمية الحدث ، وضرورته ، ونسبيته ...للأسف ، رأيتُ في تلك التدخلات تسطيحٌ للأمور ، وللجُهد المبذول من صانعي الفيلم .. يتبع