سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«المشاركة تعزّز الرقابة الشعبية على سلوك المجالس المنتخبة» أستاذ العلوم السياسية و العلاقات الدولية بجامعة الجيلالي اليابس الدكتور لبوخ محمد الأمين ل« الجمهورية :
- هل يوجد سياق جديد تجرى فيه هذه الانتخابات ؟ فمثلا الانتخابات النيابية السابقة جاءت بعد التعديل الدستوري فكانت تجسيدا لروح و نصوص التعديل الجديد. - السياق الذي تأتي فيه هذه الانتخابات المحلية هو التحديات الاقتصادية التي تواجهها بلادنا و الرهانات التي رفعتها الحكومة في مجال التسيير الناجع للموارد المحلية في إطار ما يسمى بالإدارة التنموية والتي تعول عليها الدولة في رفع قدرات البلديات إداريا و ماليا بهدف تحسين حياة المواطنين و الاستجابة لتطلعاتهم و هذا ما يؤطره قانون الجماعات الإقليمية الحالي. فالبلدية هي مؤسسة دستورية تكرس مبدأ اللامركزية في التسيير ، و تسهم في خلق حركية تنموية محلية قادرة على الاستجابة لتطلعات المواطن ، فمقارنة بالانتخابات المحلية السابقة تجري الانتخابات المحلية المقبلة في ظل توجه الدولة نحو تدعيم هذه المجالس للعب دور لا مركزي أكبر. - هل للفئات العمرية المشاركة ( شباب ، شيوخ ، نساء ، رجال أعمال ) تأثير إيجابي على تشكيلة المجالس المنتخبة في سياق التحديات التي تواجهها الجزائر ؟ - بشكل مؤكد أن لكل الفئات العمرية المتوفر فيها حق الانتخاب أو الترشح لقيادة المجالس المحلية دور إيجابي و كبير في تقليص الهوة بين المواطن و المسؤول المنتخب محليا ، زيادة على دفع بلدياتهم نحو تنمية حقيقية من خلال مشاركتهم و اختيار ممثليهم ما يعزز إدراكهم كفاعلين في تغيير أوضاعهم على المستوى المحلي ، فالمساهمة الشعبية هي روح الإدارة المحلية ، والمحور الذي ترتكز عليه ، ولقد أصبح من الأمور المؤكدة أن على المواطنين من كل الفئات إحداث القطيعة مع الافكار السلبية التي تحد من مسؤولياتهم تجاه التحديات التي تواجهها الجزائر والتي تنعكس على حياتهم بشكل مباشر وسريع و هنا الحديث عن زيادة الوعي و الادراك بحجم المسؤولية. خاصة فئة الشباب التي لها الأولوية في حال تعادل الأصوات يكون الفائز الأصغر سنا. فالمشاركة هي نوع من أنواع العقاب السياسي وتعزز الرقابة الشعبية على عمل وسلوك المجالس المنتخبة من خلال فضح التجاوزات و الحد من تكرارها ، ما يشكل إطارا أخلاقيا فعالا يساهم في ضمان سير العملية التنموية و يحد من بعض السلوكات المشينة لبعض المنتخبين ما يقلل العبء على الدولة في مواجهتها للأزمات الاقتصادية. - ما هي في رأيكم المسؤولية الملقاة على عاتق المنتخبين الجدد في ظل الاصلاحات الجديدة المبنية أساسا في شقها الاقتصادي على إيجاد البدائل - على المنتخبين الجدد سواء في المجالس البلدية أو الولائية رفع مستوى الشعور بالمسؤولية و التحلي بروح المبادرة في طرح البدائل و الحلول للمشاكل اليومية و السهر على مصالح المواطنين وطمأنينتهم ، و لن يتأتى ذلك إلا بإشراك المواطنين في العملية التنموية و اتخاذ القرارات المحلية وفق منظور عقلاني دون أي اقصاء خاصة أن هناك آلية قانونية قوية تسند المنتخبين في أداء مهامهم و توسيع صلاحياتهم ، و لتحقيق الفاعلية الاقتصادية المرجوة على المستوى المحلي يجب نبذ الخلافات بين المنتخبين و الابتعاد عن الحسابات السياسية و تفادي نقلها الى العمل الإداري و التسييري فهذا من شأنه تقويض كل جهود التنمية المحلية. كما ينبغي على المنتخبين زيادة وعيهم و الاطلاع على مختلف القوانين و كيفية سير البرامج التنموية المختلفة و التفرغ لإيجاد بدائل تمكن المجالس المحلية من تنفيذ برامجها وفق منطق تشاركي يخدم المواطن و يساهم بشكل فعلي في تحقيق التنمية الشاملة. - هل ستعرف المجالس الشعبية البلدية التي ستنبثق عن هذا الاستحقاق تجديدا في نفَسها و نعيد بعث مشاريع نائمة و غير مكتملة و غير مموّلة خاصة أنّ عديد البلديات تعاني الفقر و قلة او انعدام الدخل ؟ - هذا يتوقف على مجموعة من العوامل أو الشروط التي يمكن أن ترفع من جودة الأداء في المجالس البلدية و الولاية فالإدارة المحلية ما زالت تعتمد في تعاملها مع المحيط الاجتماعي و الاقتصادي بإرث إداري وتنظيمي قديم رغم جهود الدولة في التطوير و الاصلاح الاداري ، وسلوك القيادة البيروقراطية ما زال يستند على الأسلوب التقليدي القائم على سد الثغرات ، و اتخاذ شكل رد الفعل في التعامل مع الأوضاع الجديدة. عوض الاعتماد على مدخل إدارة التغيير . كل هذا أنتج الرداءة و مظاهر الفساد لواقع الإدارة المحلية ، ودفع البعض من رؤساء البلديات الى الوقوف في أروقة المحاكم بتهم سوء التسيير و الفساد و لتجاوز هذا الواقع يمكن اعتماد مجموعة من الضوابط تكون بمثابة قطيعة لإحداث التغيير و التعويل على المجالس المحلية الجديدة في خلق موارد مالية بعيدا عن التمويل الذي تقدمه الدولة من الخزينة العمومية: أولا يجب وضع مخطط هيكلي عام يراعي الخصوصيات الاقتصادية لكل بلدية و العمل على استغلال كل الموارد المتاحة من أجل خلق الفرص والاستفادة بشكل صحيح و مستدام من برامج الدعم التي تقدمها الدولة مثل صندوق التضامن و الضمان للجماعات المحلية و مختلف صيغ الإعانات الأخرى. ثانيا : تفعيل مبدأ المساواة و تكافؤ الفرص و نبذ كل أشكال المحسوبية و الوساطة ، و وضع المواطن في صلب الاهتمام و إشراكه في صناعة القرار محليا. إضافة الى تفعيل اساليب الرقابة و الشفافية و المساءلة. ثالثا : الأخذ بالمبادرة و الصرامة في التسيير. رابعا : الاستغلال الجيد للموارد المقدمة من طرف الدولة في إطار الإجراءات الموجهة لتحسين الموارد المالية للجماعات المحلية كرفع مستوى الإيرادات الضريبية الخاصة بالبلديات. - فإذا توفرت هذه الشروط هنا يمكننا التعويل على المنتخبين المحليين الجدد في وضع البلديات على طريق تحقيق الحوكمة المحلية القادرة على إيجاد بديل فعلي هل القانون البلدي و الولائي الحالي يفي بغرض المجالس المنتخبة أم أنّه في حاجة إلى مزيد من المراجعة ؟ - يعتبر قانون البلدية رقم 11-10 لسنة 2011 و قانون الولاية رقم 12-07 /2012 الإطار التنظيمي للمجالس المحلية المنتخبة كون القوانين جاءت بأحكام تنظيمية و أخرى تحدد صلاحياتها في مجال إحداث التنمية الاجتماعية و الاقتصادية بكل مجالاتها ، فقانون البلدية مثلا جاء بأهم ضمانة لرئيس البلدية من خلال التخلي عن إجراء سحب الثقة ، الذي كان سببا في زعزعة مكانة رئيس البلدية من جهة ، وخلق عدم الثقة بين المجلس ورئيسه من جهة أخرى ، مما يؤدي إلى عدم استقرار البلدية و بالتالي تعطيل مصالح المواطن. كما أعطيت لرؤساء البلديات صلاحيات واسعة بهدف تمكينهم من تمثيل البلدية و متابعة الشؤون العامة للمواطنين ، كما تستفيد البلدية من دخل ضريبي في حال خفض مداخيلها الضريبية جراء أي خطوة متخذة تلجأ إليها الدولة. ويمكن النص الجديد البلديةَ من اللجوء إلى القرض لإنجاز مشاريع إنتاجية ذات عائدات. كما ينص القانون الجديد على الأحكام التي تنظم العلاقات بين رئيس المجلس الشعبي البلدي والأمين العام للولاية دون المساس بصلاحيات رئيس المجلس الشعبي ، فيما تم استحداث سلك للشرطة البلدية تكون تحت تصرف رئيس البلدية كشرطة إدارية لتنفيذ صلاحياته في اقليم البلدية ، إضافة إلى الحق في التكوين الذي يفتح الإمكانيات بالنسبة للمنتخبين وموظفي البلدية ، فضلا على احتوائه مواد جديدة من أجل ضمان موازنة أفضل بين الموارد المالية ومهام البلدية ، غير أنه إلى جانب الإيجابيات التي جاء بها هذا قانون هناك بعض النقائص مثلا الابقاء على الرقابة و الوصاية المالية المشدّدة على البلدية مما يعيق أو يؤخر جهود المنتخبين المحليين في تنفيذ برامجهم ، كما يوجد ضعف في تزويد الجماعات المحلية البلدية و الولائية بالوسائل الكافية للقيام بالمهام و الصلاحيات الواسعة التي تضمن استقلاليتها عن سلطة الدولة في مجال التسيير. و دائما يبقى تطبيق القانون و تفعيله الضمان لتحقيق الأهداف المرجوة فالقانون يبقى دائما مرنا و قابلا للتغيير مواكبا لتطورات الحادثة.