تحتفل المعمورة اليوم بالعيد العالمي للسياحة، تحت شعار »السياحة تربط بين الثقافات« في إشارة إلى دور السياحة في الربط بين ثقافات الشعوب التي تختلف بإختلاف المواقع والحدود والبلدان. ولا يختلف إثنان أن السياحة والمعالم الأثرية الخاصة بكل دولة جعلتها سفيرة لدى الغير لفضول السياح الإطلاع على هذه الثقافات والمواقع الأثرية التي باتت تصنع الحدث بدول نالت شهرة سياحية عالمية لا تضاهيها أيّة شهرة. وبات معروفا أن بلدا سياحيا هو الذي يجلب العدد الأكبر من السياح، وإذا قلنا بلدا سياحيا فهو كامل الموازين، يزخر بالمعالم التاريخية ويتوفر على مرافق يومية عصرية تلبّي حاجيات الزوار والسّياح ويسقط البلد السياحي من قائمة البلدان السياحية مهما توفر على معطيات السياحة الأصلية وغابت عنه ضروريات حسن الضيافة والإستجمام والتسوّق ولنا مثال في دولة دبي الحديثة الإنجاز، لكنها بلد سياحي من الدرجة الأولى، فأغلب المقيمين به من الأجانب والسّواح وهو بلد سياحي طوال العام لما يتوفر عليه من معالم ونوادر خصصت لإستقطاب السّواح وتطوير المدينة التي لم تر النور إلا منذ عشريتين فقط. مثل هذا الطرح كان لابدّ من عرضه لأننا بالجزائر أو وهران نملك كل مقوّمات السياحة لكننا نفتقد إلى مرافق عصرية إستجمامية وتجارية وفنادق تتماشى مع رغبة السياح في زيارة مدينتنا المحظوظة جدا، بمواقع أثرية وسياحية نادرة تخطف الأنظار والعقول. أمثلة ورقي وليس بعيدا عنّا، نقف مشدوهين أمام السياحة المتطورة بالجارة المغرب والجارة تونس، فالزائر لهاتين المدينتين يتحسّر على الواقع المزري عندنا، فكل شر بالجارتين يبعث على راحة النفس، تاريخ وآثار وكل شيء متوفر لإستقبال السياح. وتفيد المعلومات الصادرة عن الوكالات السياحية أن عددا كبيرا من الجزائريين يفضلون قضاء عطلهم بتونس والمغرب فالثقافة واحدة والتقاليد مشتركة إلى جانب توفر غير المتوفر عندنا بالجزائر. ويظهر جليا أن الجارتين قد إستثمرتا في المجال السياحي بجدّية ممّا جعل عائدات القطاع كبيرة جدا تعود بالفائدة على التنمية المحلية للمدن السياحية بهذه الدول، لكنها سارتا إلى هذه المكانة الراقية بفضل السياسة المتبعة في تسيير القطاع وبفضل الرغبة في الإرتقاء بالمنظر العام للمدن السياحية، والحقيقة تقال فالمستوى السياحي بهذين الدولتين يضاهي دول عديدة لها باع في قطاع السياحة بما فيها تركيا وإيطاليا وحتى الإمارات العربية المتحدة. ونحن بوهران نعدّ في كل مناسبة مواقعنا السياحية التي هي بحق مرافق سياحية نادرة وكنوز ثرية يحسدنا عليها الصديق بل العدوّ. وبمناسبة وغير مناسبة نسمع عن مشاريع لحماية هذه المواقع من أيادي العابثين لكن دون جدوى ونسمع عن مرافق وفنادق تحسّن من الوجه العام للمدينة لكنها تبقى ناقصة ونسمع عن غابات ومساحات خضراء وحدائق حيوانات لكنها تبقى مشاريع حبيسة الأدراج ونسمع أيضا عن إستثمارات مثالية بشواطئنا الجميلة، لكن الأوساخ تغزوها طوال مواسم الإصطياف ولا نرمق بها كل موسم إلا رمالها الطبيعية، وحتى الأمل الذي باغتنا لإستضافة وهران للمؤتمر الدولي للغاز الطبيعي في أفريل 2010 سرعان ما خفت وغاب بمجرّد إنتهاء هذه المناسبة فحتى نزل المريديان الذي أسال الأموال الكثيرة والحبر الكثير معا، لم يفتتح أبوابه حتى الآن للرّاغين في الإقامة به رغم تأييد الوالي عبد المالك بوضياف على ضرورة مباشرة عمل هذا الفندق في بداية شهر سبتمبر الحالي . معالم جديدة ونفس الشيء يقال عن قصر الإتفاقيات الذي لم يحتضن بعد الدورة العالمية للغاز الطبيعي سوى 3 أحداث عادية، حفلين للمتفوّقين في بكالوريا 2010 و2011 ومعرضا دوليا للماء في صيف 2010، ولحسن الحظ فقد أضفى الهيكلان المتحدث عنهما الكثير من الرّونق لوهرانالشرقية التي باتت تشكل مكانا إستجماميا لكافة سكان الولاية والسّياح الأجانب الذين أنبهروا بحقّ بهذه الإضافات التي حسّنت من وجه المدينة وباتت نافورة الميرديان حدث العام والخاص ، يجتمع حولها الآلاف من البشر خاصة في الصيف وفي شهر رمضان المبارك وليس غريبا أن تسمّى هذه المنطقة ب »دبي« لأن نافورتها شبيهة بتلك التي تنفرد بها هذه المدينةالإماراتية وتقع بالمركز التجاري »مول دبي« ويزورها الآلاف من السّياح يوميا يقفون في طوابير علهم يفوزون بصورة تذكارية لرقصات النافورة التي تكون كل نصف ساعة. أعود وتأكلني الحسرة على المواقع الأثرية بمدينتي التي أغار عليها كثيرا ويحز في نفسي الحال الذي يوجد عليه قصر الباي ومسجد الباشا والبوابات الشهيرة بالمدينة ومن على جبل المرجاجو أتنفّس الصعداء وأنا أتقصّى حال العذراء النائمة بقلعة سانتاكروز التي يؤمّها سنويا الملايين من الفضوليين من الأجانب وأبناء الدار والمكان قمّة في الرّوعة والرّونق والكمال وهو بحاجة إلى عناية وإهتمام أكثر وأكبر. ويعدّ متحف أحمد زبانة من الأماكن العلمية والسياحية التي يفضل سكان المدينة الإطلاع على أحوالها وهو هيئة مفضلة للمغتربين الذين يشدّهم الفضول إلى الإطلاع على أصل وتاريخ المدينة من حيث الحفريات والحيوانات النادرة التي يتوفر عليها وللمتحف علاقة بالمحمية الطبيعية التي تتوسط غابة سيڤ بمعسكر حيث يشتركان في عدد من المعطيات والنوادر الحيوانية. وكانت هذه خلاصة عن واقع السياحة بالجزائر ووهران ونحن نحتفل للمرة (...) بالعيد العالمي لهذا الحدث الذي لم نصل بعد إلى فهمه.