أثيرت الكثير من التساؤلات حول فيلم »آخر أغنية« للمخرج مسعود العايب الذي يتناول فيه الحياة الخاصة والمسار الفني للمرحوم الشاب حسني إذ لم يتم بعد عرض هذا العمل أمام الجمهور الجزائري بعد أن كان قد برمج أمس بوهران ضمن إحتفالات الذكرى ال 17 لرحيل ملك الأغنية العاطفية لكنه ألغي في آخر لحظة بسبب رفض زوجة المرحوم للفكرة لأسباب خاصة وهو ما حرم عشاقه من مشاهدة الفيلم الذي أنتج في إطار تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية بعد أن تكفلت شركة »تاماريس فيلم« بإنتاجه بدعم من وزارة الثقافة وقامت بكتابة السيناريو زوجة المخرج فاطمة وزان في حين وزعت شخصيات الفيلم مجموعة من المواهب الشابة التي لم يسبق لها أن أدت أدوارا سينمائية من قبل . وفي هذا الصدد فقد أوكل المخرج دور المرحوم حسني للممثل الشاب فريد رحال وهو طالب جامعي لا تربطه أي صلة بالتمثيل لكن الشبه الكبير بينه وبين حسني دفع بسكان حي ڤمبيطة لإقتراحه على المخرج الذي وافق على الفور وخصص له تربصا مغلقا بمسرح مستغانم لتعلم تقنيات التمثيل في حين تم إعطاء دور زوجته »ملوكة« للممثلة سارة رزيقة من مسرح مستغانم ودور الأب للمثل كواكي ميمون والأم »لبوشارب فوزية« أما دور شقيقه »لعرج« فقد أداه الممثل »قصراوي كريم« وقد حاول المخرج مسعود العايب في مدة 90 دقيقة أن يحرك هذه الشخصيات وفق الحياة الحقيقية للمرحوم حسني إنطلاقا من فترة دخوله عالم الفن لغاية مقتله حيث سلط الضوء في بداية الفيلم على الحياة البسيطة التي كان يعيشها رفقة عائلته وكيف كان يغني في الشارع مع أصدقائه ثم يصور جوانب من حياته كلاعب كرة قدم بجمعية وهران ليقرر في لحظة معينة إعتزال هذه الرياضة التي كانت حلمه منذ الصغر مفضلا بذلك ولوج عالم الغناء رغم رفض والده للفكرة وذلك بمساعدة شقيقه »لعرج شقرون« الذي يساعده في كتابة الأغاني وهنا تبدأ إنطلاقته الحقيقية مع النجومية والشهرة إذ يبرز لنا المخرج في مشهد معين كيف يخطو حسني خطواته الأولى في بداية مشواره الفني من خلال غنائه في الحفلات الليلية والنوادي أين يلقى إعجابا كبيرا من طرف الجمهور الذي أحب صوته وأسلوبه في الغناء وفي مشهد آخر يجسد المخرج ردة فعل الوالد الذي وردته أنباء تفيد أن حسني يغني ويسجل ألبومه لأستوديو وفي لقطة وسط ديكور منزل وهراني بسيط يدخل الممثل الرئيسي على أبيه لإلقاء التحية فيتفاجأ بردة فعله القوية التي لم تمنع حسني من مواصلة مشواره بل بالعكس توالت نجاحاته من خلال ألبومه الأول ليدخلنا مسعود العايب بعدها في الحياة الزوجية للمرحوم بداية من لقائه مع زوجته »ملوكة« بأحد الحفلات بفرنسا لغاية إرتباطه بها دون علم عائلته وفور لقاء أمه مع ملوكة ترفض وجودها في البداية لكن مع إصرار حسني تستسلم لرغبته وترتمي بين أحضان إبنها في مشهد عاطفي مؤثر. ومن جهة أخرى يوجه مخرج الفيلم عدسات كاميراته نحو تقهقر العلاقة بين الزوجين بسبب الشهرة والنجومية التي أبعدت حسني عن أسرته وعائلته أين يبرز المشاكل بين الطرفين وكيف غادرت الزوجة المنزل رفقة إبنها عبد الله متجهة نحو فرنسا لينتقل بعدها المخرج لتصوير إشاعة مقتل حسني وكيف هرع الجميع من جيران وأصدقاء لمنزله فور سماع الخبر ليصل في نهاية الفيلم عند الحادثة المفجعة التي صدمت عشاق حسني وأبكتهم وكيف كان المرحوم يودع رفيق دربه قبل مقتله بيوم واحد ويوصيه بتسليم كرسي متحرك لأم كان إبنها مقعدا ووعدها بشراء هذا الكرسي تم يأتي بعدها مشهد الإغتيال لينقلنا مباشرة في صورة مؤثرة إلى ملعب 5 جويلية عندما كان حسني رحمه الله يحمل منديل الكشافة الجزائرية مع إدراج موسيقى تصويرية حزينة. وللإشارة فقد ضم فيلم »آخر أغنية« حوالي 17 أغنية للمرحوم حسني منها أغنية »غدار« التي كتبها له أخوه »لعرج« مع إقحام بعض الشخصيات الواقعية التي عاشت مع الراحل وتقاسمت معه بعض الذكريات الجميلة والمحزنة على غرار المطربة »نورية« التي كانت تغني معه و»احميدة« البراح والشاب »بلة« وكذا حسين شريط إضافة إلى »كوي كوي« الذي كان آخر من إلتقى بحسني قبل إغتياله يوم 29 سبتمبر 1994 وغيرها من الشخصيات الأخرى وعليه فإن عشاق المرحوم حسني وجمهوره الوفي لا زالوا متعطشين لمشاهدة هذا الفيلم الذي لم يعرض بعد بصفة رسمية في وهران والولايات الأخرى رغم أن العرض قد تعرض للقرصنة وبث على شبكات الإنترنت لكن هذا لم يعط للفيلم حقه من الإهتمام كغيره من الأفلام الجزائرية والأخرى مما يجعل الأعين مشدودة نحو العرض الأول له بعاصمة الغرب الجزائري بصفتها الموطن الأصلي لملك الأغنية العاطفية دون منازع.